تكاد تنقضي سنة 2013 ومأساة الشعب الصحراوي متواصلة مع تصاعد الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان التي لا تستثني لا الصغير ولا الكبير، لا المرأة ولا الرجل، وتزيد في تعميق جرح شعب يبحث عن تقرير مصيره منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. وأثارت هذه الانتهاكات المسجلة خلال سنة 2013 تعبئة دولية منقطعة النظير شددت الخناق على حكومة مغربية وجدت نفسها في مواجهة انتقادات حادة متصاعدة من قبل المجموعة الدولية. وإدراكا منها لجسامة هذه الانتهاكات انتقدت العديد من البلدان ومن بينها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك الأممالمتحدة وعدة منظمات غير حكومية بشدة السلطات المغربية على الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة ضد الصحراويين. ونددت كتابة الدولة الأمريكية مرتين خلال هذه السنة في تقارير جديدة بانتهاكات المحتل المغربي، مشيرة إلى أعمال العنف الجسدي ومنها تعذيب المعتقلين واللجوء إلى الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية ولا عقاب المسؤولين عنها من عناصر الأمن المغربي وكذا المحاكمات الصورية والأحكام الجائرة ضد المناضلين من أجل استقلال الصحراء الغربية. كما كشف تقرير آخر أعدته منظمة الأممالمتحدة على أساس تحقيق في الميدان مدى خطورة هذه التجاوزات. وهو التقرير الذي أعده خوان مانديز المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب بعد زيارته المدن المحتلة والذي أشار إلى مصداقية المعلومات حول التعذيب والاعتداءات الجنسية والتهديدات باغتصاب الضحايا أو أعضاء من عائلاتهم وشتى أشكال سوء المعاملة التي يتعرض لها الصحراويون. ثم أن الانتهاكات التي أكدها تقرير الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، بان كي مون، جعلت هذا الأخير يطالب مجلس الأمن الدولي بوضع آلية “حيادية ومستقلة للمتابعة الكلية والدائمة لوضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية” وأكد أنها أصبحت “ضرورة ملحة” أكثر من أي وقت مضى. وتعالت أصوات المنظمات غير الحكومية وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والمنظمة الأمريكية “أر. أف. كيندي سنتر” والتي أدانت جميعها التجاوزات المغربية في حق الصحراويين. وطالبت بإدراج آلية جديدة لمراقبة حقوق الإنسان ضمن بعثة منظمة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية “مينوسو”. ولتأكيد هذا المطلب، جاءت مبادرة الولاياتالمتحدة في أفريل الماضي التي قدمت فيها ولأول مرة مشروع لائحة لمجلس الأمن يتضمن إدراج آلية مراقبة وحماية حقوق الإنسان ضمن صلاحيات بعثة “مينورسو”. وحتى وإن لم ينجح المسعى الأمريكي بسبب “الفيتو” الفرنسي فالمبادرة في حد ذاتها شكلت منعرجا هاما لصالح ملف الصحراء الغربية. ومع ذلك، حقق جهاز القرار الأممي تقدما ملحوظا في الميدان من خلال الدعوة إلى إعداد وتطبيق “إجراءات مستقلة وذات مصداقية لضمان الاحترام الكامل لحقوق الشعب الصحراوي”. ثم أن الحكومة الأمريكية انتهزت فرصة زيارة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى واشنطن لطرح مسألة حقوق الشعب الصحراوي. وخلال مباحثاته مع العاهل المغربي، أولى الرئيس باراك أوباما اهتماما خاصا لهذه المسألة من خلال تأكيده على “حماية” و«ترقية” حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وكذا تحسين الظروف المعيشية للشعب الصحراوي. وبخصوص معالجة الملف الصحراوي في مجمله التزم الرئيس الأمريكي بمواصلة دعمه للجهود بغية إيجاد حل “سلمي ومستديم” يقبله كل من جبهة البوليزاريو والمغرب. وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأمريكي أن ملف الصحراء الغربية يجب أن يعالج في إطار الأممالمتحدة. لكن ذلك لم يمنعه من الإعراب عن دعم الولاياتالمتحدة التام للمفاوضات التي تقودها المنظمة الأممية ومبادرات المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس. ويكتسي الموقف الأمريكي الذي يعتبر منظمة الأممالمتحدة قوة دفع في معالجة مسألة الصحراء الغربية دلالة كبيرة خاصة وأن مجلس الأمن الدولي كان قد جدد في لائحته الأخيرة دعوته إلى “حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان ويسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره”.