اشترط المتمردون في جنوب السودان في توقيعهم على اتفاق لوقف إطلاق النار مع حكومة الرئيس سيلفا كير، إطلاق هذا الأخير لزملائهم؛ من مسؤولين وقادة كانوا اعتُقلوا مباشرة بعد اندلاع المعارك في هذا البلد نهاية الشهر الماضي. وأكد يوهانيس موسى بوك المتحدث باسم المتمردين بقيادة ريك ماشار، والذي يشارك في مفاوضات العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بأنهم لن يوقّعوا على أي اتفاق لوقف إطلاق النار ما لم تطلق حكومة جوبا سراح حلفائهم من المسؤولين المعتقَلين. وقال بوك إنه ”يجب إطلاق سراح زملائنا والسماح لهم بالمجيئ إلى أديس أبابا للمشاركة في المفاوضات، ومتى يتم الإفراج عنهم سنوقّع على قرار وقف إطلاق النار”.وتشكل مسألة إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين البالغ عددهم 11 مسؤولا بينهم وزراء سابقون ونواب وعسكريون، من بين النقاط التي أصر المتمردون على أن تكون في لب المحادثات التي انطلقت أول أمس بالعاصمة الإثيوبية، تحت إشراف منظمة التنمية الحكومية لدول شرق إفريقيا ”إيغاد”. ويكون ريك ماشار النائب السابق للرئيس سليفا كير، قد ألقى بالكرة في ملعب حكومة هذا الأخير، التي أصرت على رفض هذا الشرط، واعتبرت أن هؤلاء المعتقلين يجب تقديمهم أمام القضاء ومحاكمتهم. وقال نيال دينق رئيس الوفد المفاوض لدولة الجنوب، إن الرئيس سيلفا كير يرفض إطلاق سراح هؤلاء المعتقَلين من حيث المبدأ، ولكن ذلك يجب أن يتم وفقا للقانون بعد التدقيق في الأسباب التي أدت إلى اعتقالهم. ولا يُستبعد أن تشكل هذه القبضة عقبة في طريق تسجيل تقدم في المفاوضات؛ مما قد يؤدي إلى طول مدتها في ظل إصرار كل طرف على مواقفه المبدئية، مما دفع بمنظمة ”إيغاد” راعية العملية السلمية، إلى ممارسة ضغوط في اتجاه إقناع جوبا بالاستجابة لشرط المتمردين وإطلاق سراح مؤيدي ريك ماشار. وتكون هذه الغاية هي التي دفعت بوفد من الوساطة الإفريقية برئاسة وزير الخارجية الإثيوبي تاوادروس أدهانوم، إلى أن يتوجه إلى العاصمة جوبا؛ حيث عقد اجتماعات مطوّلة مع رئيس دولة الجنوب سلفا كير. ويسعى الوفد لإقناع هذا الأخير بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين، بتحديد أجندة المفاوضات الجارية، والدفع بها إلى مراحل إيجابية لكسر حالة الجمود التي تعرفها، وإحداث اختراق يسمح بالتوصل إلى أرضية توافقية تنزع فتيل الحرب الأهلية وتحول دون تطورها باتجاه الأسوأ. ويبدو أن حكومة جنوب السودان تعتبر المعتقلين مسؤولين عن محاولة الانقلاب العسكري، إذ كان اتهم الرئيس سيلفا كير غريمه السياسي ونائبه السابق ريك ماشار بقيادتها للإطاحة بنظامه.غير أن ذلك لم يمنع سفير جنوب السودان في باريس كيول أندرو أكون أكيش، من الإعراب عن اعتقاده بضرورة مواصلة المفاوضات والتركيز، خاصة، على الجانب السياسي فيها. لكن التساؤل الذي يطرح نفسه في حال وافقت حكومة جوبا على هذا الشرط: هل سيفتح ذلك الباب أمام عودة المتمردين إلى مواقعهم الأصلية والخروج من المدن الاستراتيجية التي احتلوها في بور عاصمة جونغلي وولاية الوحدة والنيل الأزرق بشمال البلاد، الغنيتين بالنفط.سؤال يجد مصداقيته أكثر في ظل تواصل المعارك الضارية، خاصة بمدينة بور الاستراتيجية، الواقعة حاليا بين أيدي المتمردين. ومع استفحال الصراع على أرض الميدان تستمر المساعي الدولية لاحتواء الأزمة الجنوب سودانية؛ حيث بحث إبراهيم غندور مساعد الرئيس السوداني أمس مع المبعوث النرويجي الخاص إلى السودان ودولة جنوب السودان هانس بيتر زمبرود، إمكانية إسهام السودان في التوصل إلى حل في الوقت الذي أجرى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، اتصالا مع الرئيس سيلفا كير، تناول فيه سبل دفع مباحثات السلام الجارية في أديس أبابا.