حمل تعيين محمد يحياوي مديرا جديدا للمسرح الوطني الجزائري، انطباعات متباينة لبعض المتتبعين للشأن المسرحي وأهل التخصص كذلك، خاصة أنّ الاختيار وقع لأوّل مرة على مسيّر إداري وليس فنانا من آل المسرح؛ فهل سيجد المدير الجديد سبيلا لترتيبه في ظلّ المشاكل التي يعرفها القطاع وبعد رحيل شيخ المسرحيين امحمد بن قطاف. تمّ تعيين محمد يحياوي مديرا عاما جديدا للمسرح الوطني الجزائري خلفا للمسرحي امحمد بن قطاف، الذي وافته المنية الأحد الماضي. وقد تقلّد السيد يحياوي عدة مناصب إدارية قبل أن يعيَّن على رأس المسرح الجهوي لباتنة، وهو المنصب الذي شغله قبل تعيينه مديرا للمسرح الوطني. كما يشغل منصب محافظ المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، وهي التظاهرة الثقافية التي تنظَّم سنويا منذ 2009 بباتنة. على خلفية هذا التعيين، أعرب بعض المتتبعين للشأن المسرحي والمعنيين بالمشهد الثقافي والمسرحي، عن أملهم في أن تكون لمحمد يحياوي الإضافة التي يحتاجها أبو الفنون في الجزائر، وهو ما ذهب إليه الإعلامي عبد الرزاق بوكبة والمخرج والممثل المسرحي جمال قرمي، إلاّ أنّ للأستاذ أحمد شنيقي رأيا مغايرا تماما، منبّها إلى أنّ قرار التعيين جاء متسرّعا، إذ الأجدر أن يتم تنصيب المدير على ضوء مجموعة من المقاييس وما تحمل سيرته الذاتية من معارف وتجارب. يعتقد عبد الرزاق بوكبة، صاحب فكرة الفضاء الثقافي "صدى الأقلام" الذي ينظّمه المسرح الوطني منذ تسع سنوات، أنّ محمد يحياوي يستوفي شرطي كفاءة التسيير ومعرفة ملامح المشهد الثقافي بشكل جيد، وهو المطلوب في أيّ مؤسسة ثقافية، مشيرا إلى أنّ تعيينه على رأس المسرح الوطني الجزائري أثلج صدور العديد من المنتمين لهذا القطاع. ويرى بوكبة أنّ اختيار المدير المناسب يبقى قاصرا عن القيام بما يجب، ومن الضروري دعمه بحملة تطهير المسرح الوطني الجزائري من "الأذرع المكسورة"، التي لا مبرّر لوجودها وتعويضها بالكفاءات التي يحتاجها الفعل المسرحي، وللنخبة المسرحية دور حيوي في هذه المعادلة، لتضيف دور المقترح إلى جانب دور الناقد. وبخصوص فضاء "صدى الأقلام"، كشف المتحدّث أنّه ليس متحمّسا لمواصلة الإشراف عليه؛ وذلك لأسباب تخصّه، لكنّه دعا المدير الجديد محمد يحياوي للإبقاء عليه، ودعمه وتكريسه أكثر؛ نظرا لأهميته في ربط الجسور بين الأدباء والمسرحيين واكتشاف نصوص مسرحية جديدة. من جهته، قال المخرج والممثل المسرحي جمال قرمي إنّه يرحّب بقدوم محمد يحياوي، وأعرب عن ارتياحه لتعيين مسيّر لأول مرة على رأس المسرح الوطني الجزائري، وأنّه يحمل انطباعا طيبا عن يحياوي عندما كان يسيّر مسرح باتنة، حيث أولى أهمية بالغة للمسرحيين والممثلين. وأضاف قرمي أنّ الوقت مناسب لتعيين رجل مسيّر لترتيب شؤون المسرح الوطني والمسارح الجهوية، ومن شأن يحياوي إعطاء الإضافة التي يحتاجها الفن الرابع بالجزائر. وعلى رأي نقيض، وقف الأستاذ الجامعي أحمد شنيقي حول قرار تعيين محمد يحياوي مديرا عاما للمسرح الوطني، وقال: "أنا لا أعرف يحياوي في الميدان المسرحي ولا أنتظر منه شيئا". وأردف: "هل يحمل مشروعا شاملا يخصّ تسيير المسرح الوطني؟". وأكّد شنيقي أنّه لا يجد تعليقا على قرار التعيين، إذ يرى أنّ المشكلة تتجلى في غياب مشروع ثقافي ومشروع مجتمع؛ من شأنه أن يسطّر لقرارات التعيين بدقة متناهية، لاختيار شخص له تصوّر في تسيير وتنظيم المسرح وإعادة هيكلته، غير أنّ الوقت الذي نحن فيه يفتقر إلى نظرة ثقافية للمجتمع وما يحتاجه الأمر الذي جعل كلّ شيء ممكنا، وهو ما لا يخدم المسرح الجزائري بأي شكل من الأشكال. فالمنطق الموجود - يضيف شنيقي - أن تقبل كل ما يقدَّم، والتعيينات تتم على أساس عدم المعارضة والرضوخ وتبديد الأموال، وأكبر مثال على ذلك المهرجان الوطني للمسرح المحترف، الذي تُخصص له ميزانية خيالية، واختيار يحياوي لم يكن مفاجئا. وعاد شنيقي ليؤكّد أنّ المسرح الجزائري أعرج يمشي على رجل واحدة؛ فهو لا يعتمد على التقنيين والممثلين الأكفاء.