يرى عبد الكريم بن جميل اللاعب الدولي السابق لكرة اليد، أن مهمة الفريق الوطني ستكون صعبة لقصر مدة استعداده، لكنه استطرد أن اللعب ب«القلب”، وتنظيم بلادنا لكأس إفريقيا للأمم، سيعطيان دفعا ل«للخضر” للتويج بهذا اللقب الإفريقي.. بداية، كيف هي أحوال السيد بن جميل؟ الحمد لله، ودائما موجود في عالم كرة اليد الجزائرية حيث أترأس حاليا جمعية رياضية في اللعبة تسمى الجمعية الرياضية لحي كاستور لكرة اليد، التي أسستها مع بعض اللاعبين القدامى هنا في مدينة وهران، وأسعى من خلالها إلى رد الاعتبار لكرة اليد الوهرانية التي ظلت الطريق، وانخفض مستواها بشكل كبير، وبالنسبة لي كل شيء يسير على أحسن ما يرام والحمد لله رب العالمين.
طبعا الجزائر تستعد لإعطاء إشارة الانطلاق لبطولة إفريقيا للأمم يوم الخميس القادم، فما هو تعليقك؟ صراحة، كنت أحبذ أن تنظم الجزائر الطبعة القادمة، وليست التي ستنطلق الخميس المقبل لعدة أسباب: أولا من الناحية التنظيمية بلادنا ليست جاهزة لتنظيم حدث رياضي بهذا الحجم في ظرف ثلاثة أشهر، ورئيس الاتحادية لكرة اليد سعيد بوعمرة سبق له وأن أشار إلى ذلك، وثانيا: فريقنا الوطني ليس جاهزا هو كذلك، ويعلم الجميع أن لعبة كرة اليد في بلادنا دخلت في أزمة منذ سنين، واشتدت في السنتين الأخيرتين وتحديدا بالاتحادية الجزائرية لكرة اليد، وهذه أثرت كثيرا على مستوى هذه اللعبة في بلادنا، فالمنتخبات الوطنية العمرية أهملت تماما، وحتى الفريق الوطني (أكابر) لم يستفيد بما فيه الكفاية من تربصات تحضيرية، فهو انطلق في استعداده منذ ثلاثة أشهر فقط في حين هناك منتخبات إفريقية تحضر منذ سنوات، فكيف ستحصل على فريق وطني تنافسي في هذه الحالة تستطيع أن تغامر به في منافسة قارية ذات مستوى عالي؟
ولكن الواقع الآن هو أن الجزائر ستنظم بطولة إفريقيا للأمم والانطلاقة ستكون يوم الخميس القادم؟ صحيح، وعلينا تحمل مسؤولياتنا في هذا الحالة، وفريقنا الوطني خاض بعض التربصات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ولكن ليست كافية لأنه من غير المعقول أن تستعد لبطولة إفريقية في هذه المدة، أضف إلى ذلك أن لاعبينا المحترفين لم يتم جلبهم إلا منذ شهر فقط وهذا بعد توقف بطولاتهم، وهنا يطرح السؤال عن التنسيق والانسجام بينهم وبين الذين ينشطون في البطولة الوطنية.
ولكن في دورة المغرب الماضية ورغم ماقيل كان حاضرا وبصم على مشاركة في المستوى؟ صحيح، أنجز أكثر من المنتظر، فرغم الأزمة بلغ الدور النهائي ولا أحد انتظر ذلك، وصحيح أن الطبعة الحالية لكأس إفريقيا للأمم ستنظم بالجزائر، وأنا بالنسبة لي أتكلم دائما على شيئين: يمكنني التحدث بالقلب وكذلك بالعقل، فإذا تكلمت عن القلب فلازم علينا الفوز والإبقاء على الكأس الإفريقية ببلادنا، وإذا تكلمنا بالعقل، ينبغي طرح السؤال هل نحن قادرون على نيل هذا اللقب الإفريقي، وأنا أجيب بلا، لأن تحضيرات فريقنا الوطني الخاصة بهذه الدورة لم تكن في المستوى، مقارنة بتحضيرات الغريمين المنتخبين التونسي والمصري مثلا، واللذين استعدا أمام منتخبات عالمية من الطراز الأول ومنذ مدة طويلة، ولهم خلف جيد، فالمنتخب المصري مثلا كل لاعبيه محليون وهو يسهل عمل طاقمه الفني خاصة أثناء إقامة التربصات، وهناك منتخبات إفريقية تطور مستواها كالكونغو والمغرب. الحقيقة الأمور سوف لن تكون سهلة، وأنا بصراحة أرشح المنتخب التونسي في المقام الأول.
طيب، وما هي حظوظ ”الخضر” في ظل ذلك؟ أنا أتمنى أن يكون الفريق الوطني ضمن الأربعة الأوائل المتأهلين للمونديال، ولقد سبق للسيد سعيد بوعمرة رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة اليد وأن صرح وكشف عن هذه الأمنية، وإذا ما استطعنا الذهاب أبعد من ذلك فسيكون أمرا جيدا.
وماذا تقول عن المجموعة التي يوجد فيها الفريق الوطني؟ مجموعة لا بأس بها، لكن يمكن لفريقنا الوطني التفاوض فيها وبإيجابية مع المنتخبات التي ترافقه فيها، خاصة بعدما تفادينا منتخبا مصر وتونس، والمهم أن يتجاوز الدور الأول وبعدها سنرى..
وماذا تقول عن مجيء السيد بوعمرة على رأس الاتحادية الجزائرية لكرة اليد؟ حسبما سمعت وقرأت، فإن السيد بوعمرة لم يكن راغبا في هذا المنصب، وهو بنفسه قال بأنه يكفيه ما قدم وما قضى في عالم كرة اليد الجزائرية وبالخصوص في عالم التسيير، فلا ننسى أن بوعمرة كان رئيسا للاتحادية في السابق، وأعتقد أن مجيئه هو لإنهاء الأزمة الكبيرة التي كانت تضرب الإتحادية الجزائرية لكرة اليد، وإعادة انطلاق البطولة الوطنية التي تبقى من وجهة نظري ضعيفة جدا، وبلغت الجنون عندما أصبحت هذه البطولة تتشكل من 24 فريقا، وهذه سابقة لم تحدث في أي بلد في العالم، وكمثال على ما أقول، منذ سنتين أقيم عندنا نهائي للبطولة الوطنية تفوق فيه المجمع البترولي صاحب الرتبة الأولى على الثاني مولودية سعيدة بفارق 15 هدفا، ففي هذه الحالة، كيف سيكون الفارق بين الأول وصاحب الرتبة ال24؟ في حين أنه في زماننا، وأثناء انطلاق مشروع قانون الإصلاح الرياضي سنة 1977 كانت البطولة الوطنية مشكلة من ستة فرق فقط ويصاحبها منتخب وطني قوي وفي المستوى، وبعدها ارتفع العدد وتوقف عند 12 فريقا، وهذا كاف في نظري، لأنه أولا سيتيح تمويل هذه الأندية بشكل صحيح وكامل، وثانيا سيرتفع المستوى، لأن ما الفائدة أن يقطع فريق مسافة بعيدة من أجل الفوز بفارق كبير، ففي هذه الحالة الأحسن له أن يبقى داخل معاقله وينجز ذلك في حصة تدريبية.
إذا بحسبك إعادة صيغة البطولة الوطنية هو الحل في رفع مستواها؟ هذا أولا، وأرى صياغة بطولة وطنية ب14 فريقا أمرا جيدا، وبعد ذلك حلّ مشاكل الأندية المشكلة لهذه البطولة ليس المالي فقط بل والفني كذلك، فأنا لا أرى مناعة لفريق يبقي لاعبيه دون لعب مدة أربعة أشهر (من نهاية ماي إلى غاية نهاية سبتمبر)، وهذا أمر يفعله رؤساء الأندية عن قصد، حيث يعمدون إلى تسريح لاعبيهم حتى لا يدفعون لهم أجورا في فترة الراحة هذه، وهذا أمر سيئ للغاية، وعكس تماما ما كان ساريا في وقتنا وزماننا، وأنا أتذكر جيدا أنني لم أرتاح وبقيت دون تدريب شهرا كاملا لما احترفت في فرنسا، فحتى أثناء الراحة كنت أتبع برنامجا للحفاظ على لياقتي البدنية وحيويتي، ويسمى ب«برنامج الصيانة” وباقتراح من مدربينا، وعليه فلا يجب على لاعبينا وخاصة الدوليين منهم التوقف عن العمل والتدريب فذلك مضر للإثنين معا (اللاعب والفريق الوطني).
والآن إذا طلبنا منك لمحة عن جمعيتكم بإختصار فماذا تقول؟ هي جمعية رياضية في رياضة كرة اليد، أردنا من خلال الأصناف الصغرى التي نحوز عليها أن تكون مختصة في التكوين، حيث بدأنا بثلاثة أصناف (صنفان للإناث) مبتدئات وصغريات وواحدة للذكور (مبتدئون)، والآن بعد مرور أربع سنوات أصبحنا نحوز على ثمانية أصناف بمجموع 150 رياضا بعدما أقلعانا ب40، وهذا الكم يدربه سبعة مدربين غالبيتهم لاعبين قدامى كبن جميل علي، حكيم بن رمضان، سعيد دوبالة، بن سنوسي زين الدين وغيرهم من المدربين الذين تشبعوا بحب وممارسة رياضة كرة اليد، ونحن نتوسم خيرا كبيرا في هؤلاء اللاعبين والرياضيين اليافعين لإعادة أمجاد اللعبة في مدينة وهران، ونحن نخطط لأن نكوّن فئتين، واحدة للأواسط وأخرى للأكابر وفي الجنسين (ذكور- إناث) العام القادم إن شاء الله.
نتمنى لكم ذلك، ولكن اطرح السؤال أيضا وبصراحة، هل تأسيس هذه الجمعية وعملكم الذي تقومون به نابع من حسرة وغضب من قبلكم على ما آل إليه وضع مولودية وهران أم أن جمعية كاستور ستكون دعامة للمولودية؟ سؤال مهم وأجيب عليه بالتالي، أنا لم أسس هذه الجمعية الرياضية ضد مولودية وهران، لأنني كنت شغوفا بلعبة كرة اليد، وحبها يسري في عروقي، وكنت أتمنى ما حققته في جمعية كاستور أن أنجزه في فريق مولودية وهران، ولكني لم أجد استجابة وقابلية من الطرف الآخر، لأن مسيري مولودية وهران هم مسيري كرة القدم فقط، ولا يفقهون شيئا في لعبة كرة اليد، وإذا هم محتفظون بفريق في اللعبة للتزيين فقط، ليس اقتناعا بأنها صنعت تاريخ مولودية وهران وهو كذلك، ومشكلة هذه الأخيرة الآن هي في التكوين عكس ما كان في زماننا، وأقول أن جمعية كاستور عليها أن تصنع لنفسها اسما وتاريخا، وإذا ما رغبت المولودية في مساعدتي لإعادة تنظيم الفئات الصغرى بها، فأنا حاضر، لكن أقول أنه لا يمكنني القيام بعمل المولودية مكان مسيريها، بل ما أقوم به هو أن أجعل من جمعية كاستور فريقا تنافسيا في صنف الأكابر في المستقبل القريب إن شاء الله.
إن شاء الله، ولك كلمة الختام؟ الكأس الإفريقية ستلعب بالجزائر، فقد يحدث ”الخضر” المفاجأة باستحضار القلب، ومن يدري ربما سنتوج بهذه الكأس إن شاء الله، وأتمنى من أعماق قلبي ذلك، وأن تستفيد مدينة وهران من قاعات جديدة وخاصة في حي كاستور، وأن تؤخذ لعبة كرة اليد في وهران والجهة الغربية عموما مأخذ الجدّ، وأن يعمل المعنيون على مساعدة كل الخيرين في إعادة هيبتها ومستواها الجيد السابق، وشكرا لجريدتكم المحترمة على هذه الاستضافة الكريمة.