دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أهالي وسكان غرداية إلى ضرورة التفطن للدسائس ومخططات الأعداء الهدامة التي تسعى إلى ضرب استقرار ووحدة الأمة والتشويش على الأمن العام، مؤكدة أن هذه المنطقة التي قدّمت الكثير في مواجهة المخططات الاستعمارية إبان الثورة لن تنال من عزيمة أبنائها المحاولات اليائسة لدعاة الفتنة في مواصلة مسيرة البناء والتشييد. وشدّد رئيس الجمعية، عبد الرزاق قسوم، على وجوب تحلي شباب اليوم عامة وشباب الجنوب لاسيما سكان غرداية بالرزانة والحكمة والتعقل وعدم السّير وراء مخططات دعاة الفتنة الرامية لضرب استقرار وأمن الوطن، موضحا أن هؤلاء يسعون من وراء إحداث الفوضى في البلاد لاسيما بمنطقة غرداية إلى زرع البلبلة في صفوف المواطنين وإحداث التناحر والاقتتال بين أبناء المنطقة دون مبرر شرعي. وأضاف الدكتور قسوم، في هذا الإطار، أن بعض الأطراف تحاول تسييس الوضع في المنطقة وإعطاء الواقع أكثر من حقه على ضوء المشاكل التي تعرفها المنطقة، معتبرا أن شباب غرداية يعانون فعلا من مشاكل البطالة وأزمة السكن، لكن الأمر يستدعي المطالبة بحلول عاجلة لهذه الآفات بالطرق السلمية الحضارية بعيدا عن أساليب التعنيف والفوضى وتخريب الممتلكات العمومية والخاصة وتهديد الأمن العام. كما دعا كافة المواطنين والمواطنات إلى التحلي باليقظة المطلوبة والحذر من الانسياق وراء سياسات وبرامج بعض الأيادي الخفية التي تغرر بأبناء الوطن وتتحيّن الفرص لزرع الفتن واليأس في نفوس الشباب، واستخدامهم كأداة هدم وتخريب في سبيل تلبية مصالح هذه الجهات المناوئة للسلم والأمن والمصالحة الوطنية. وحيا رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرين في هذا الإطار، كافة جهود الحكومة والسلطات العمومية وأصحاب الضمائر الحية والخيّرين في جميع المستويات للتصدي للمؤامرات التي تحاك في الخفاء لضرب استقرار الجزائر ومنطقة غرداية والجنوب خاصة، منوّها بالجهود المضنية التي يقوم رجال التربية والإعلام وأعيان العشائر والعزابة لرأب الصدع وإصلاح ذات البين بين شباب ومواطني غرداية والعمل على استتباب الأمن والطمأنينة في النفوس من جديد. ودعا في الأخير، إلى إفشال جميع المؤامرات الهدامة واستئصال جذورها من الأساس. وشهدت منطقة غرداية، خلال الأسبوع المنصرم، عودة أعمال العنف إلى مختلف شوارع وأحياء المدينة ميّزها تخريب الممتلكات وإضرام النار في العجلات وقطع الطرق، مما أدى إلى توقف الدراسة وغلق المحلات التجارية، وتسجيل قتيل واحد و10 جرحى من بينهم ثلاثة عناصر من الأمن. واتخذت السلطات العمومية جملة من الإجراءات التنظيمية والأمنية في إطار التدخل لاحتواء هذه الأزمة بمبادرة من الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي أمر باعتماد مقاربة تشاركية من أجل وضع حد لمخلفات أحداث غرداية، تمثلت في ترميم وإعادة الاعتبار للسكنات المتضررة من الأحداث والمقدرة ب95 مسكنا ببلدية غرداية و46 آخر ببلدية القرارة. وتم مقابل ذلك، تخصيص إعانات مالية من قبل الدولة لتعويض الأضرار التي لحقت بالمحلات التجارية التي تعرضت للتخريب، حيث تم رصد 700 ألف دينار لفائدة 13 تاجرا متضررا بغرداية و23 آخر بالقرارة عقب تعرض محلاتهم للحرق ليلا من قبل مجهولين. وفي السياق، باشرت السلطات الأمنية بوضع جهاز أمني هام من أجل استتباب الأمن وإعادة السكينة إلى ربوع المنطقة، يتكون من فرق أعوان الأمن وقوات مكافحة الشغب موجهة خصيصا لوضع حد للمناوشات المتكررة بين مجموعات من الشباب. وتركز قوات حفظ الأمن العمومي جهودها من أجل عودة الهدوء إلى شوارع مدينة غرداية والسهر على حماية الممتلكات العمومية والخاصة. وفي إطار المتابعة والتحقيق في مجريات الأحداث التي شهدتها غرداية، يذكر أن لجنة التحقيق التي أوفدها اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني إلى عين المكان مؤخرا، قررت توقيف ثلاثة عناصر من موظفي الشرطة عن العمل مع إحالتهم على الجهات القضائية، وهذا بعد انتشار فيديو يظهر تهاون بعض أعوان الأمن في تأدية مهامهم وفق ما يمليه القانون. وكان بيان للمديرية قد أوضح أن تصرف هؤلاء العناصر الأمنية يبقى فرديا ولا يمت بأي صلة لجهاز الشرطة. ولا تعبر إطلاقا عن رؤية وواقع جهاز الشرطة واحترامه للقانون، وتقديره لحقوق الإنسان وهو ما تؤكد عليه باسمترار قيادة المديرية العامة". وفي إطار متابعة مخلفات هذه الأحداث دائما، توصلت مصالح الشرطة القضائية لأمن ولاية غرداية، أول أمس الأحد، إلى توقيف مسؤولين مزعومين عن الضرب والجرح المفضي إلى الوفاة خلال المواجهات الأخيرة بين شباب المنطقة. وجاء توقيف المسؤولين بعد التحقيق الذي فتحته الشرطة القضائية اثر تعرض شاب في ال35 من العمر إلى ضرب على رأسه بواسطة آلة حادة مما أدى الى وفاته متأثرا بجروحه (رضوض في الجمجمة) في مستشفى "تيرشين" بغرداية. وتم عرض المتهمين اللذين اعترفا خلال التحقيق بالتهم المنسوبة إليهما على وكيل الجمهورية لدى محكمة غرداية الذي أمر بتوقيفهما بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى الوفاة. ويذكر أن الضحية يعد ثاني حالة وفاة تسجل خلال المناوشات التي حصلت بين مجموعات الشباب بغرداية والقرارة التي تخللتها أعمال تخريب طالت عدة منشآت عمومية وخاصة إلى جانب محلات تجارية وواحات نخيل وسكنات.