تسلمت الحكومة التونسية المستقلة بقيادة مهدي جمعة أمس رسميا، مهامها مباشرة بعد أداء اليمين الدستوري أمام الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي بقصر قرطاج. وجاءت تأدية اليمين بعد منح المجلس الوطني التأسيسي ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، بأغلبية ساحقة، الثقة لأعضاء الحكومة الجديدة المكونة من 21 وزيرا وسبع كتّاب دولة. وستشرع الحكومة الجديدة في التحضير لتنظيم الانتخابات النيابية والرئاسية قبل نهاية العام الجاري، لتكون آخر مرحلة لطي صفحة المرحلة الانتقالية، التي دامت أكثر من ثلاث سنوات. ويُعد بدء الحكومة التكنوقراطية مهامها بمثابة آخر مرحلة ضمن نقاط خارطة الطريق، إذ اتفق الفرقاء التونسيون على إخراج تونس من أزمة سياسية خانقة، كانت اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي شهر جويلية الماضي. وهي الخطوة التي كان سبقها تبنّي دستور جديد لما أصبح يُعرف بالجمهورية التونسية الثانية، خلفا لدستور 1959، والذي تم تعليق العمل به بعد نجاح ثورة الياسمين في الإطاحة بالنظام السابق شهر جانفي 2011. وهو ما جعل المحادثات التي جمعت رئيس الحكومة مهدي جمعة وسابقه علي العريض في ختام مراسيم تسليم المهام، تتركز حول الصعوبات التي قد تعترض التوصل لإجراء انتخابات عادلة وشفافة. ولدى تقديمه للخطوط العريضة لبرنامج حكومته أمام نواب المجلس التأسيسي خلال الجلسة المخصصة لنيل الثقة، قال جمعة بأن "ضمان نجاح الانتخابات القادمة يمر عبر نشر الأمن؛ كون البلاد تواجه تحديات أمنية خطيرة، إضافة إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة في البلاد". وأوضح أن أولويات جهازه التنفيذي تكمن في "ضمان انتخابات عامة وحرة ونزيهة وشفافة"، مؤكدا عزمه على التصدي "للتهديدات الإرهابية، وتخصيص الإمكانات الكفيلة بمواجهة أعمال العنف وفرض القانون وتفادي التحريض على الكراهية ووقف الاعتداءات ضد المعارضين السياسيين". وأكد جمعة على "أهمية معالجة الوضع الاقتصادي المتفاقم ودفع عجلة الاقتصاد وتحسين البنية التحية وتنمية المناطق الداخلية، وترشيد منظومة الدعم والتأمين على الصحة وإنقاذ المؤسسات العمومية وإنعاش المالية العمومية". وأجمعت الطبقة السياسية التونسية على أن حكومة مهدي جمعة، يتعين عليها التعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية ومواجهة مخاطر التهديدات الأمنية، المتمثلة في اعتداءات جماعة تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادية التكفيرية. ويرى المتتبعون للشأن التونسي أن السلطة التنفيذية الجديدة تتحمل على عاتقها مسؤولية جسيمة، تتمثل في تنظيم الانتخابات المقبلة وسط أجواء من الحذر، خاصة بين قوى المعارضة العلمانية وحركة النهضة الإسلامية غداة أصعب أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ الإطاحة بالنظام السابق.