نظمت وزارة الشباب والرياضة يوما دراسيا حول تسيير واستغلال المجمعات الرياضية الكبرى، وكان من بين المدعوين لهذا اللقاء وزير السكن والتهيئة العمرانية، عبد المجيد تبون، وخبراء أجانب جاؤوا من أمريكا وأوربا وجزائريون مختصون في ميدان استغلال التجهيزات الرياضية بمختلف أنواعها. وقد ربطت الوصاية هذه الدراسة ذات البعد الاستراتيجي بالبرنامج الذي تبنته في مجال تشييد المنشآت والتجهيزات الرياضية الكبرى الموجودة في طور الإنجاز أو القديمة التي توجد في حاجة إلى إعادة ترميمها وهيكلتها أو تطويرها بالشكل الذي يجعلها تستجيب لمتطلبات الممارسة الرياضية ذات المستوى العالي. وقد افتتح وزير الشباب والرياضة، محمد تهمي، أمس، بقاعة المحاضرات لمركب محمد بوضياف، أشغال اليوم الدراسي، حيث أوضح أن هذه المبادرة ترمي إلى صياغة رؤية للحصول على مقاربة في مجال التكفل بمجمعاتنا الرياضية والتسلية الكبرى، حسب النمط الدولي المعمول به حاليا، مذكرا أن الإطار القانوني الذي ستسير عليه المناقشات يتضمنه القانون 05/13 المتعلق بتنظيم وتطوير النشاطات البدنية والرياضية، وتابع تهمي أن ”الدولة تجد نفسها اليوم كمتعامل تجاري رئيسي بل وحيد في الميدان الرياضي، ويخلق هذا الوضع مسألة الاستعمال الأمثل للمصادر المالية المخصصة من طرف الدولة لصالح الشبيبة، ويشكل هذا الجانب إحدى المسائل التي سيتناولها النقاش في هذا اليوم الدراسي”. وذكر المسؤول الأول على القطاع الرياضي أن البرامج الثلاثة الخماسية التي أطلقتها الدولة سمحت استدراك التأخر الذي كان حاصلا في ميدان التجهيزات الرياضية والعودة إلى تشييد المنشآت الرياضية الضخمة، مذكرا بأن المجهودات الكبيرة التي بذلتها السلطات العمومية تخص الممارسة الرياضية الجماهيرية المتعددة لمواطنينا والتطلعات المشروعة لنخبتنا الرياضية والحصول على وسائل التحضيرات والاسترجاع للمستوى العالي عبر التراب الوطني، فضلا عن أن السياسة الرياضية الوطنية تسمح برفع عدة تحديات، من بينها فتح وتوسيع أبواب الممارسة الرياضية إلى شرائح جديدة من السكان، لا سيما قطاعها الشباني، وتوفير لرياضات المنافسة شروط مادية وتنظيمية تسمح بحسن تنظيم مختلف البطولات، إلى جانب أيضا تحسين راحة وأمن المتفرجين في الملاعب وتحضير بلدنا لاستقبال المنافسات الكبيرة والتفتح على أفكار جديدة وتطوير الشراكة مع مختلف المتعاملين الاقتصاديين، كما ترمي هذه المجهودات –أضاف الوزير– إلى إنشاء حياة حقيقية لهذه المنشآت الرياضية وجعل هذه الأخيرة أماكن لنشاطات اجتماعية واقتصادية، وخلق فرص جديدة في ميدان التكوين لصالح المهن الرياضية. بالنسبة للسيد محمد تهمي ”يشكل هذا اليوم الدراسي أول خطوة يقوم بها القطاع الرياضي في المقاربة الخاصة بالتسيير الرياضي التي يجب أن توجه خطواتنا في هذا المجال والانتهاء بالتالي إلى خلق طريقة جزائرية بحتة في كيفية تسيير منشآتنا الرياضية”. وفتح بعد ذلك المجال لتدخل الخبراء المدعوين لهذا اليوم لدراسي، حيث كانت البداية مع الدراسة التي شرحها الخبير موريس لوفي الذي قدم لمحة مفصلة في مجال التسيير والصيانة والاستغلال الرامي إلى تشييد مشاريع لتجهيزات متعددة الرياضات التي تتطلب تعاونا وثيقا بين القطاعين الخاص والعام، كما قدم هذا الخبير لمحة شاملة عن التجربة التي كانت له في هذا المجال لدى عدة بلدان عربية وأوربية نظمت تظاهرات رياضية دولية وقارية، منها مصر وفرنسا، وشرح تجربته قائلا: ”إن أي برنامج أو مشروع يرمي إلى إنجاز منشآت رياضية كبرى لا بد أن تتوفر فيه عدة معايير لها علاقة مباشرة باستجابته للأهداف التي يرمي إلى تحقيقها على المديين التوسط والبعيد مثل الصرامة في الإنجاز، وتحديد برنامج عمل دقيق في كيفية بلورة المشروع الذي يجب أن يتوفر على تجهيزات متعددة الخدمات حتى يتمكن من استقبال التظاهرات الرياضية الكبرى والتمكين من إيجاد التكافؤ في استجابته لمطالب السكان في المجال الرياضي بالدرجة الأولى و في مجالات أخرى”. كما أشار السيد موريس لوفي إلى أنه يجب الاستعداد عند الانتهاء من عمليات تشييد المركبات والتجهيزات الرياضية الكبرى إلى كيفية صيانة وتسيير تجهيزاتها الرياضية لسنوات طويلة تصل إلى ثلاثين سنة كتفادي إغفال تفاصيل العملية والتعامل مع الواقع الملموس والأخذ بالتسيير العقلاني لهذه التجهيزات التي يجب أن تكون حديثة الصنع ولنتمكن من استغلالها في المستقبل، وشدد هذا الخبير على ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية من خلال تخصيص برامج تكوين دقيقة للأشخاص الذين سيكلفون بتسيير وصيانة هذه التجهيزات الرياضية. من جانبه، حث الخبير رولان لوفي على ضرورة إيجاد نظرة مشتركة في مجال استغلال المنشآت الرياضية العمومية والخاصة من خلال القيام بخبرة لكل الأماكن التي تشيد فيها هذه المنشآت، كما ألح ذات الخبير على ضرورة إزالة بعض العراقيل عند تنظيم أية تظاهرة رياضية دولية من خلال أخذ بعين الاعتبار مثلا المعتقدات الثقافية والدينية للرياضيين المشاركين حتى لا يقع تضارب أو اختلاف في تصرفات كل واحد منهم، ولاحظ الخبير رولان لوفي أن المنشآت الرياضية قد تكون مصدرا لازدهار تجاري في أي بلد يدرك القيمة الحقيقية للممارسة الرياضية. وجاء بعد ذلك دور الخبير الجزائري كريم هواري الذي يشغل منصب مدير ملعب مدينة رين بفرنسا، حيث قدم عرضا حول استغلال المنشآت الرياضية الحديثة في أوربا، وركز في حديثه على ضرورة الحفاظ على مردودية وتسيير الملاعب والاستماع إلى كل الأطراف التي لها علاقة بالملاعب مثل اللاعبين والرسميين والإعلام والمتفرجين وحتى الممولين لأن العمل بهذه الطريقة يسمح بتفادي وقوع أخطاء يومية تعرقل السير الحسن للملاعب.