قبل بداية الألفية الجديدة، كانت القاعات الرياضية تعد على أصابع اليد. إذ حسب ما يعترف به المسؤولون على القطاع فإن الجزائركانت تملك قاعة رياضية واحدة في كل ولاية عدا العاصمة التي كانت تتوفر على ثلاث قاعات رياضية كبرى. لكن يبدو أن الأمور بدأت تتغير في الآونة الأخيرة إذ استجابت الدولة للطلب المتزايد للأندية والجمعيات الرياضية بإنجاز العديد منها وتم تدشين عدد كبير يتوفر على كل الشروط اللازمة لاحتضان مختلف الرياضات الجماعية والفردية. ففي العاصمة وحدها تتواجد 18 قاعة متعددة الرياضات حاليا، بالإضافة إلى العديد من المشاريع التي هي حيز التنفيذ تهدف إلى تشييد المزيد من القاعات وأخرى لا تزال قيد الدراسة حاليا. ويظهر من خلال الغلاف المالي المخصص لهذا النوع من المنشآت والمقدر بحوالي 40 مليار دينار عزم الهيئات الوصية على دعم القطاع بالمنشآت الرياضية الجديدة ضمن ما يسمى بالمخطط الخماسي والذي أولى أهمية بالغة للمنشآت القاعدية في المجال الرياضي. ويقول مسؤول الرياضة في مديرية الشباب والرياضة بالعاصمة قادة بن ياسين بهذا الخصوص ”الوزارة سعت دائما إلى تشجيع فئة الشباب من أجل ممارسة الرياضة التي تعتبر من مظاهر تطور الشعوب وتقدمهم”. مؤكدا أن هناك مساعي حثيثة تبذلها السلطات من أجل توفير قاعات رياضية على مستوى أغلب بلديات الوطن وذلك قصد تحفيز المواطنين كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا، دون إغفال فئة ذوي الاحتياجات الخاصة على ممارسة الرياضة. وحاولت ”الفجر” الوقوف على أبرز القاعات الرياضية التي تم إنجازها أو التي لا تزال حاليا طور الإنجاز وتنتظر التسليم. ورغم من كثرة القاعات الرياضية حاليا بالوطن، إلا أن القاعة متعددة الرياضات المدشنة أخيرا ببلدية الكاليتوس تعتبر أبرزها وأفضل ما هو موجود عبر الوطن، إضافة إلى القاعة متعددة الرياضات بسيدي موسى التي نجحت إلى حد بعيد في بعث نشاط عدة أندية محلية بالمنطقة، بالإضافة إلى تلك المتواجدة بالسويدانية تم افتتاحها مطلع السنة الحالة. وبالنظر إلى توزع القاعات الرياضية المنجزة مؤخرا بالعاصمة، نستشف أن مديرية الشباب والرياضة قد راعت استراتيجية خاصة في اختيار أماكن إنجاز القاعات الرياضية، حيث هناك حرص على الاهتمام بالبلديات التي عانت وتعاني التهميش، خاصة تلك التي عانت من ويلات الإرهاب في العشرية السوداء على غرار سيدي موسى، الأربعاء، بئر توتة وغيرها. وفي هذا الإطار يقول المكلف بالإشراف على المشاريع الرياضية بوزارة الشباب والرياضة حوة عبد الناصر ”الوزارة تحاول قدر الإمكان البحث على تدشين قاعات رياضية تستجيب للمقاييس على مستوى أغلب البلديات، وبالأخص تلك التي تعاني من غياب بارز في المرافق العامة، فالكل يدرك أن الشباب بصفة خاصة لا يجدون متنفس لهم الا من خلال هذه القاعات الرياضية والتي توفر لهم فرصة لممارسة رياضتهم المفضلة بالقرب من مقر سكناهم”. القاعات الرياضية ستكون مفتوحة أمام جميع الفرق من ناحية أخرى وقصد مواجهة الضغط الكبير الذي تعاني منه بعض القاعات، شدد وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار على أن الاستفادة من القاعات الرياضية يكون جماعيا أي بمعنى منح الفرصة لجميع الأندية والجمعيات بالتدرب خارج بلدياتها، فمثلا نادي واد سمار لكرة الطائرة بإمكانه خوض تدريباته بقاعة الأبيار أو بأي قاعة رياضية أخرى بالعاصمة. قاعات رياضية كبرى سترى النور نهاية 2013 يتطلع الشارع الرياضي بالجزائر بفارغ الصبر إلى إنهاء الأشغال المتعلقة بتشييد القاعات متعددة الرياضات الحديثة التي شرع في إنجازها والتي سيتم تشييدها رفقة الملاعب العصرية المبرمجة. حيث أن مشاريع كل ملعب براقي والدويرة بالعاصمة، وملعبي سطيف ووهران، ستعرف أيضا بناء قاعات رياضيات كبيرة من المستوى العالمي، حيث ستواكب جميع المقاييس العالمية المطلوبة لممارسة مختلف النشاطات الرياضية. هذا ومن المنتظر أن يتم تسليم هذه المشاريع نهاية سنة 2013، على أن يتم تأمين هذه المنشات من خلال التعاقد مع بعض الشركات المتخصصة في تسيير المنشآت الرياضية الكبيرة. حوة ناصر: ”القاعات الجديدة ستسمح باستضافة المنافسات الإقليمية والدولية” وفيما يتعلق بالقاعات الرياضية التي سيتم تشييدها إلى جانب الملاعب الحديثة، فقد اعتبر حوة ناصر المسؤول عن المشاريع الرياضية بمديرية الشباب والرياضة بالعاصمة أن الجزائر سيكون بمقدورها احتضان مختلف المنافسات الرياضية الإقليمية والدولية كالألعاب الإفريقية أو العربية، أو حتى البطولات العالمية في مختلف الرياضات، حيث أن المشاريع التي هي في طور الإنجاز حاليا تستجيب لكل المعايير الدولية المعمول بها، كما يرى حوة أن وجود مثل هذه المنشات سيساعد رياضي النخبة على التحضير بأرض الوطن بدل اللجوء إلى خوض تربصات بالخارج. إبراهيم.ج القاعة متعددة الرياضات بالكاليتوس 20 مليار سنتيم تكلفة الإنجاز... واستيعاب 2000 متفرج تعتبر القاعة متعددة الرياضات لبلدية الكاليتوس واحدة من المعالم البارزة التي تم تدشينها مؤخرا. القاعة الرياضية هذه التي تم افتتاحها مطلع الموسم المنصرم تعد هيكلا رياضيا بارزا ساهم كثيرا في دفع عجلة الرياضة في المنطقة، وشجع إقبال شباب البلدية على ممارسة الرياضة. فالقاعة توفر إمكانية ممارسة جملة من الرياضات في عدة اختصاصات منها كرة اليد، كرة السلة، الآيروبيك، الجمباز وغيرها. كما أن العديد من الفرق المحلية والمجاورة للكاليتوس تمارس نشاطاتها بشكل دوري بالقاعة، فضلا على أنها احتضنت العديد من المنافسات الوطنية والدولية هذا الموسم، منها كأس الجزائر في كرة اليد، وبعض البطولات الدولية في الرياضات القتالية كالبطولة الدولية للفوفيتنام. كما تعد القاعة تحفة بأتم معنى الكلمة، حيث تم إنجازها بمراعاة المقاييس العالمية وبالتالي فهي توفر جميع الشروط اللازمة لممارسة النشاطات الرياضية المختلفة ككرة السلة وكرة اليد، وقد بلغت تكلفة إنجاز القاعة ما يناهز 20 مليار سنتيم، ولعل أبرز ما يميز القاعة هي السعة المعتبرة، حيث تتوفر على مدرجين بسعة ألف مقعد لكل مدرج. القاعة متعددة الرياضات ببئر توتة قطب يجمع كل الرياضات هي واحدة من القاعات الهامة والتي تم تدشينها مطلع السنة الحالية بمنطقة الكحلة ببئر توتة، وتستجيب لجميع الشروط اللازمة والمعايير التي تؤهلها لاحتضان مختلف البطولات في الرياضات الجماعية ككرة السلة وكرة اليد، حيث من المنتظر أن تحتضن القاعة الكثير من المنافسات الوطنية خلال الموسم الجديد. هذا وقد حرصت السلطات على ضمان تسيير في المستوى للحفاظ على هذه الجوهرة، فرغم أن النشاط لا يكاد ينقطع على مستوى القاعة، انطلاقا من الساعة الثامنة صباحا وإلى غاية العاشرة ليلا، إلا أن هناك اهتماما ومتابعة دورية من طرف المشرفين عليها. ورغم وجود بعض الشكاوى من بعض الرياضيين، إلا أننا سجلنا ارتياحا كبيرا لدى معظم الأندية الناشطة بالقاعة، خاصة وأن مديرية الشباب والرياضة قد وفرت صيانة مستمرة على مدار الأسبوع لجميع مرافق القاعة. الرياضيون يثمنون الإنجازات والمطلوب الصيانة وفقط البطل العالمي السابق نور الدين مرسلي ”الدولة قامت بدورها والرياضيون مطالبون بإبراز إمكانياتهم” اعتبر نجم السباقات نصف الطويلة سابقا نور الدين مرسلي أن الخطوات الجبارة التي قامت بها السلطات لتشييد الكثير من المرافق الرياضية يعتبر أمرا جد محفز لجميع الرياضيين الجزائريين من أجل التألق أكثر وحصد نتائج أفضل مستقبلا. ويرى بطل أولمبياد أطلانطا أن مثل هذه الإمكانيات الهائلة لم تكن متوفرة للرياضيين السابقين أمثاله، حيث كان العداء الرياضي الجزائري مضطر إلى تحدى جميع العراقيل من أجل فرض نفسه وتحقيق النجاحات، لكننا الآن نرى اهتمام أكبر من طرف المسؤولين لتوفير كل الشروط المناسبة. ويرى مرسلي أن الرياضي الجزائري مطالب هو الآخر باستغلال هذه المنشات وتطوير مهاراته وإبراز كل إمكانياته من أجل تحقيق نتائج على أرض الواقع، حيث لا يوجد أي عذر حاليا للرياضي الجزائري من أجل حصد الألقاب والميداليات. المصارع عمار بن يخلف ”بناء هذه المنشآت أمر جيد لكن التسيير المحكم ضروري” اعتبر نائب بطل العالم للجيدو عمار بن يخلف أن إنجاز مثل هذه المنشآت يعتبر أمرا مشجعا للرياضي الجزائري، لكن بن يخلف يرى أن الأهم حاليا هو التسيير المحكم والمتابعة المستمرة لهذه المنشات، وعدم تركها عرضة للضياع والإهمال، فمن الضروري حاليا ضبط برنامج لمتابعة وتسيير هذه المنشئات، من خلال تنصيب أشخاص قادرين على إدارتها، والسهر على الاحتياجات المختلفة للرياضيين، حيث من الجيد تشييد منشآت رياضية من المستوى العالمي، لكن التسيير يبقى أمرا ضروريا للإبقاء على المشاريع لفترة أطول. المصارعة سليمة سواكري ”الرياضي الجزائري يستحق قاعات رياضية من المستوى العالمي” ترى بطلة الجيدو السابقة سليمة سواكري أن الرياضي الجزائري عاني كثيرا من الصعوبات المتعلقة بتوفر الوسائل والإمكانات المادية اللازمة لممارسة النشاط الرياضي. وأضافت سواكري أن الرياضي في الجزائر ضحى بإمكانياته الخاصة من أجل ممارسة الرياضة في ظل عجز المسؤولين عن توفير الإمكانيات المطلوبة. وأما بخصوص المنشآت الحديثة، فأوضحت سواكري أن الرياضي الجزائري يستحق بكل تأكيد أن توفر له مثل هذه القاعات والمنشات الرياضية، حيث ستسمح له بإبراز قدراته وتطوير مستواه الفني. البطل الأولمبي السابق العداء سعيد ڤرني جبير ”أتمنى أن تساهم المنشآت الرياضية في رفع مستوى الرياضة الوطنية” أعرب العداء السابق سعيد قرني عن أمله في أن تساهم المنشآت الرياضية التي شرعت الدولة في تشييدها مؤخرا في رفع مستوى الرياضة الجزائرية ومنحها دفعة قوية نحو الأمام. وأكد قرني أن غياب الإمكانيات المادية للرياضي كانت دوما تشكل العقبة الأكبر أمامه. وهو الذي لم يكن يحظى بنفس مستوى الإعداد والتدريب مقارنة بالرياضيين في أوربا وأمريكا. وأضاف قرني أن الرياضة الجزائرية قادرة على اجتياز الفترة الصعبة والنهوض مجددا، حيث أن نتائج الرياضيين الجزائريين تراجعت كثيرا بسبب غياب الاهتمام والرعاية الكافية، لكن ذلك لا يعني أن الرياضي الجزائري يبقى محدودا بل هو في حاجة للرعاية والمساندة فقط، والمنشات الرياضية التي ستنجز ستمنحنا الأمل لاستعادة بريق الرياضة الجزائرية.