أحب الفن منذ الصغر وشاءت الظروف أن يبرز موهبته للفن بظهوره الأول على الساحة الفنية في سنوات التسعينيات حيث أصدر أول ألبوم ليتوقف ويأخذ نفسا جديدا، وبعد غياب عن الساحة الفنية دام أكثر من 5 سنوات، عاد للفن بإصداره ألبوم يحمل عنوان ”مازال لهديام غوري” الذي ضم اسم الفنان إلى الأسماء اللامعة في الأغنية القبائلية لتكون سنة 2000 بداية ظهور صوت راق وعذب في ميدان الفن، ليتمكن بعدها من تبوؤ مكانة خاصة وكسب جماهيري بفضل عشاق فنه ومحبيه الذين شجعوه على الطريق الذي اتخذه والذي يعد بعيدا عن الطبوع التي يسير عليها الفنانون، ضيفنا هو فنان يكتب كلماته انطلاقا من حياته ومحيطه ليلحنها وتكون جاهزة لتمتع المستمع والذواقين للفن والكلمات المؤثرة والمعبرة، ولمعرفة مشوار يوسف قرباس الفني قامت ”المساء” بإجراء هذا الحوار معه. من يكون يوسف قرباس؟ فنان من بلدية تيزي وزو أحب الفن منذ الصغر، واقتحم مجال الفن بعد إصداره لألبومات، الحمد لله نالت إعجاب الجمهور وأسعى دائما لإنتاج وإبداع عمل يكون في مستوى الثقة التي وضعها المحبون في يوسف قرباس.
كيف كانت بداية مشوارك الفني؟ منذ وقت طويل وأنا أولي اهتماما كبيرا لعالم الفن وكأي فنان في بداية مشواره الفني، حاولت الاطلاع على كل جوانب الفن حتى أتطور وأرتقي إلى مستوى أعلى، كنت أغني منذ سنوات التسعينيات وفي سنة 1994 قمت بإصدار أول ألبوم غنائي حمل عنوان”لفراق يورا”، وبعدها تبعت الغناء لكن لم أنتج أي عمل جديد إلى غاية سنة 2000، حيث قمت بإنزال ألبوم جديد أطلقت عليه اسم ”مازال لهديام غوري” وبفضله أصبحت معروفا، إذ لقيت الأغنية نجاحا كبيرا.
6 سنوات مضت دون أن تنزل ألبوما جديدا ما سبب كل هذا الغياب؟ أجل مرت 6 سنوات دون أن أنزل ألبوما فنيا، لكن هذا لا يعني أنني توقفت عن الغناء، بل بالعكس كنت أنشط عبر حفلات فنية في عدة مناسبات إضافة إلى إحياء الأعراس، وبشأن السبب وراء عدم إنتاجي لأي ألبوم غنائي فيعود إلى نقص الإمكانيات حيث لم تسمح لي الأوضاع لأنه في ذلك الوقت كانت تيزي وزو تفتقر لاستوديوهات التسجيل وكان على الفنان التوجه إلى العاصمة للتسجيل وإذا ما توجه إلى هناك قد يسجل أو قد لا يسجل، كما أنه حينها كنت معروفا بالمنطقة فقط، وبعدها لم تتح لي فرصة الظهور على التلفزيون والمرور بالإذاعة وحتى بالجرائد ..
كم ألبوما صدر لك؟ لدي 7 ألبومات غنائية، بعد سنة 2000 قمت بإصدار عدة ألبومات، أنزلت ألبوما في 2006 ثم بعدها في 2007 وآخر في 2009، كما أصدرت ألبوما جديد في 2013 وكنت دائما أحرص على أن يكون كل ألبوم يختلف عن الآخر حتى لا ينتاب المستمع الملل..
حدثنا عن ألبومك الجديد؟ صدر لي ألبوم جديد يحمل عنوان ”أمك اليغ أمك أوغالغ” والذي نزل إلى السوق في 13 جانفي، يضم 7 أغان كل أغنية تحمل رسالة تختلف عن الأخرى، وحسب الرسائل التي وصلتني فلقد لقي إعجاب الجمهور وهو ما أصبو إليه دائما عند التوجه إلى الأستديو.
هل قمت بوضع كليبات لأغانيك؟ نعم قمت بوضع كليب للألبوم الذي أصدرته سنة 2006 والذي اخترت له أغنية ”سنا ارا روحاغ” وأغنية أخرى تحمل عنوان”اوليم ذوزال” التي لقيت رواجا كبيرا، كما بثت على قناة التلفزيون الرابعة وكذا بربر تيفي عدة أغان مأخوذة من ربرتواري الفني.
الساحة الفنية القبائلية غنية، من هو الفنان الذي تأثرت به وكان مصدر إلهامك؟ صراحة، لا يمكن أن أقول أنني استلهمت من فنان معين دون آخر، طبعا الساحة الفنية القبائلية غنية بأصوات جميلة ورائعة، وأنا أحب الجميع دون استثناء لكني لم أتأثر ولم أقلّد أي فنان، ببساطة وضعت نمطا غنائيا خاصا بي وقررت إتباع طريق فني خاص وكل من يسمع ألبوماتي يعرف تماما أن هذا الصوت للفنان قرباس يوسف، فمشواري الفني نابع من حبي لهذا المجال وكنت دائما أركز في أعمالي على الكلمات والموسيقى التي ترافقها.
من يكتب لك الكلمات ويضع الموسيقى؟ كل الألبومات التي أصدرتها؛ أنا من كتب الكلمات، حين يتبادر إلى ذهني موضوع معين أضع له كلمات مناسبة إلى أن تصبح جاهزة للحن وأقوم بوضع موسيقى تناسبها لأتوجه بعدها إلى الأستديو لتسجيلها.
كيف هي مكانة الأغنية القبائلية حاليا؟ ما يمكن أن أقوله بشأن مكانة الأغنية القبائلية حاليا، أنها بقدر ما تسير نحو الأمام بقدر ما تعود إلى الوراء، للأسف لا يوجد إبداع هناك نقص، الفن يتطلب الإتيان بجديد ويجب على الفنان أن يبذل جهدا ويبدع، خاصة وأن الجزائر بلد الفن والفنانين وهناك العديد من عمالقة الفن ممن تركوا بصمتهم في هذا العالم، لكن للآسف الكثير من الفنانين حاليا يعيدون الأغاني ولا يبذلون مجهودا للإبداع، هناك من يحب الإعادة واستغلال ما هو جاهز حتى لا يتعب نفسه، وهو ما يضر بالأغنية القبائلية، فإذا كنا نعود إلى القديم ونأخذ أغاني من الدرج دون عناء أو تعب ليس هذا هو الفن فالفن إبداع...
إذن أنت ضد من يعيد تأدية أغاني الغير؟ نعم أنا ضد الإعادة، لأن الفن يحب التجديد والإبداع، لكن من جانب آخر هو جيد فقط، لا يجب الإفراط في الإعادة ولا يحب أن يعمل جميع الفنانين على إعادة غناء أو طهي ماهو جاهز وإعادة كل الأغاني فهذا خطأ، مؤخرا هناك العديد من الفنانين الذين صنعوا اسما لهم بعد إعادة أغاني غيرهم، لكن سيكون الأحسن إن أدى الفنان أغنية من إبداعه وملكه ويكون العمل نتاج فكره، فالجمهور يدرك أن لكل فنان مكانة يصنعها بفضل ما يقدمه والعمل يعزز من مكانة الفنان في قلب الجمهور. لأن الاعتماد على إعادة ما يقدمه غيرك ليس في خدمة الفنان حتى وإن حقق له في وقت معين نجاحا ورواجا؛ لكن يبقى النجاح مؤقتا وليس دائما.
هل ترى للفنان الجزائري شأنا؟ يحتاج للمكانة، فهو مجرد مغن فقط، هناك من استحوذوا على المكانة المرموقة فيما همّشت الأكثرية..
الكثير من الفنانين يعانون ضغوطات دور الإنتاج، هل واجهت المشكلة ذاتها؟ طبعا، الكثير يشتكي وهناك فعلا دور الإنتاج التي تحاول فرض نفسها، وهنا نجد فئتين من الفنانين منهم من يستسلم ويرضخ لما تطلبه وتفرضه ويصبح تابعا لها وفئة أخرى تفرض رأيها وتسجل ألبومها، كما تريد وكما خططت له، وهنا يظهر لنا أن الأمر يتعلق بشخصية الفنان عندما تكون واثقا في قدراتك وبما يمكنك القيام به فكيف تترك نفسك تسيّر من طرف غيرك، أرى أن الفنان الحقيقي هو من يفرض نفسه وليس من يفرض عليه الأمر؛ لأنه ببساطة هو من يكتب ويلحن أغانيه وبالتالي هو من يعرف عمله وما يريده، وأنا صراحة لم أواجه هذه المشكلة لأني أكتب كلماتي وألحنها بنفسي وعندما آتي للتسجيل ما أنوي القيام به..
ماهي نصيحتك للفنانين الشباب؟ ما أقوله للفنانين الشباب، أن ما يقومون به غير مناسب لهم كفنانين ولا يخدم الأغنية القبائلية، الفن يتطلب التجديد حتى يعيش، فكما يقول المثل الشعبي ”كل طائر يغني بغناه”، الغناء شيء جيد لكن يجب أن يكون لكل فنان أساس وقاعدة خاصة به، لتكون مرجعه ولا يضيع، ليضمن بقائه ومكانته، يجب أن يبدع وينتج شيئا خاصا به ويتفادى الإعادة لما هو موجود وجاهز، لايعني هذا أن الإعادة ليست جيدة لكن يجب تفادي الإكثار..
نجد مؤخرا العديد من الفنانين ممن يعتمدون الروبوتيك في الأغاني، هل ترى أنها فعلا تخدم الأغنية القبائلية كما يدعيه البعض؟ الروبوتيك يستعمل لتعديل الصوت حين يصعب على الفنان قول كلمات معينة حتى يكون تنسيق محكم في اللحن، ما يعتبر كإضافة بعض الملح للأغنية، لكن هناك من يستعمله منذ البداية إلى النهاية وهو آمر غير جيد لأنه ببساطة يقتل صوت الفنان حتى أننا لا نعرف من يغني الفنان أم الروبو فهو يقضي على صوت الفنان والذي يظهر عندما يكون فوق المنصة، حيث يبرز الاختلاف في الصوت ما يؤثر على الفنان والجمهور، فأنا صراحة؛ أفضل أن أغني بصوتي الطبيعي لأن الفنان أغلبية الوقت يكون على اتصال مباشر مع الجمهور، وفي اعتقادي الحفلات والأعراس هي التي تبرز صوت الفنان.
لاحظنا أن أغانيك تقريبا خالية من الثائية، هل هذا يعني أنك تفضل الغناء لوحدك أو لأنك تغني أغاني ليست بحاجة لصوت نسائي؟ صراحة، أفضل الغناء وحدي لأني أغني ما أحس به، وألحن كما أريد، وعندما أجد الحاجة لصوت نسوي أحاول دائما كيف أعوضه، لكن هذا لا يعني أنني ضد إدماج أصوات نسائية لكنني مع هذا أفضل الغناء بمفردي..
كلمة أخيرة؟ أشكركم على هذه الاستضافة، وأحيي كل سكان منطقة القبائل وكل الجزائريين في مختلف أنحاء العالم.