احتضن المركز الثقافي ”لخضر رباح” ببلدية بلوزداد فعاليات معرض الصناعة والحرف التقليدية المنظم من طرف غرفة الصناعة التقليدية لولاية الجزائر بمناسبة عيد المرأة العالمي، بمشاركة حرفيات يتقنّ مختلف الصناعات التقليدية، وكن في الموعد لإبراز مقومات الصناعة الحرفية الوطنية، وكذا تجديد الموعد مع تبادل الخبرات وتسويق المنتوج. مرة أخرى، كانت الحرف اليدوية على اختلافها والصناعة التقليدية على تنوعها حاضرة مع الموعد السنوي في عيد المرأة العالمي الذي أضحى تنظيم فضاء للمرأة الحرفية تقليدا يتجدد سنويا وتلقائيا، مع مشاركة 25 حرفية من ولاية الجزائر في معرض الصناعة التقليدية الذي يتواصل على مدى أسبوع كامل ببلدية بلوزداد. وقال السيد عز الدين كالي علي رئيس غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية الجزائر؛ إن تنظيم هذه التظاهرة يدخل في إطار استراتيجية تنمية قطاع الصناعة التقليدية الهادفة إلى إنعاش وتسويق منتوجات الصناعة التقليدية، وكذا إبداعات المرأة الحرفية التي تشكل اليوم نسبة 25 % من مجموع 17 ألف حرفي بالولاية. ويضيف محدث ”المساء” قائلا: ”نسبة إقبال النساء، خاصة الماكثات في البيت، على الحرف اليدوية والصناعة التقليدية يزدهر سنة تلو الأخرى بفضل التسهيلات الجبائية المقدمة من قبل المصالح المعنية، لا سيما الإعفاء الضريبي أو الضريبة الجزافية الوحيدة القاضية بتسديد 5 آلاف دينار سنويا، هذا التحفيز نعتبره مهما، حيث ساهم في إعطاء دفع قوي للمرأة الحرفية للنشاط أكثر ضمن نفس السياق”. من جهة أخرى، يفيد نفس المسؤول أن برنامج تكوين المكونين في مجال الصناعة التقليدية الذي انطلق سنة 2005، ساهم بشكل كبير في دعم الاهتمام بهذا المجال أكثر وإعطائه دفعا قويا، لاسيما في مجال تلقين الحرفيين أبجديات إنشاء مؤسسات مصغرة. ”وعلى سبيل المثال، فإن غرفة الصناعة التقليدية والحرف للعاصمة أشرفت سنة 2013 على تكوين 120 حرفي مؤهلين لفتح مؤسسات خاصة مبنية على الحرف اليدوية والمساهمة في خلق مناصب شغل”، يضيف المتحدث، موضحا أنه بالإضافة إلى ذلك، هناك دورات تكوينية تدخل في إطار برنامج تدعيم طاقات التسيير التي بادرت بتنظيمها الوزارة المعنية، بهدف دعم تكوين الحرفيين وترقية روح المبادرة لاستحداث المؤسسات في أوساط الشباب الحاملين للمشاريع، فضلا عن تعريفهم بمبادئ وتقنيات اختيار فكرة مشروع وكيفية القيام بدراسته المالية والتقنية. وأوضحت بعض العارضات ل”المساء”، أن الهدف من هذه التظاهرة هو الحفاظ على المنتوج التقليدي الذي يتنوع بين صناعة التحف والألبسة والحلي وغيرها. ولإظهار إبداعات المرأة الجزائرية القادرة على إتقان منتوجات أجود من حيث الصنع والسعر من تلك المستوردة والمسوقة محليا، منهن السيدة ليلى اسماعيلي التي تتقن 28 حرفة وصنعة تقليدية، حيث لاحظت”المساء” من خلال حديثها إليها أنها اكتسبت فلسفة جميلة وواقعية حول الحرفة اليدوية التي تعتبرها سلاحا آخر في يد المرأة، إلى جانب سلاح العلم. وتؤكد الحرفية أنها شاركت في العديد من الصالونات الوطنية والدولية، مما سمح لها عبر سنوات طويلة بدراسة السوق، خاصة أنها استفادت من دورة تكوينية حول فتح وتسيير مؤسسة مصغرة، إذ تقول: ”لقد استفدت طوال سنوات من خبرة ممتازة في مجال الصناعة التقليدية، صقلتها بتكوين متخصص تعلمت خلاله التفكير الواقعي كالذي يتقنه رجال الأعمال، والقاضي بصرف القليل بغية تحقيق الكثير، وهذا بالضبط ما فعلته من خلال صنع أغصان الورود بقماش يطلق عليه ”شبه القطيفة” المتوفر محليا، وأقوم حاليا بتسويقها بأسعار تنافس نفس المنتوج المستورد والمسوق بسعر يفوق ألف دينار”. كما تتضمن منتوجات الحرفيات في نفس المعرض، المصنوعات اليدوية الفنية كالطرز، اللباس التقليدي، التزيين بالورود، التزيين بالشموع وصناعة الحلويات، إلى جانب حرفيات أوجدن لأنفسهن حرفا يدوية أخرى تبتعد عن الزخرفة، التشكيل والتلوين، مثل السيدة سليمة بورنان الحرفية في تقطير الأعشاب واستخلاص الزيوت الأساسية. وتشير المتحدثة إلى أن المرأة اليوم لم تعد تكتفي بإنجاز أعمال البيت وتربية الأولاد كواجبات فطرية، بل أصبحت اليوم شغوفة بالاطلاع والمعرفة، قصد تحقيق الأفضل سواء لنفسها أو لأسرتها. ولعل هذه النظرة التي جعلت الحرفية تسجل بمختلف الدورات الطبية المقامة بالوطن، من أجل الاطلاع على جديد العلم والمعرفة لكي تنفع نفسها، ”صنعتها” وحتى زبائنها، إذ تشير الحرفية التي أمضت ما يزيد عن 50 سنة في مجال تقطير الأعشاب أنها تعمل بالتنسيق مع أطباء مختصين في التسمم وأمراض النساء وحتى في الطب العام، بغية تبادل المعارف والنصائح لاستعمال أحسن وآمن للأعشاب. وتقول الحرفية بأن عملية استخلاص الزيوت الأساسية تتطلب توفر كميات كبيرة من الأعشاب الطبية، مما دفع بها إلى التسجيل بمحافظة الغابات لتتمكن من التزود بالأعشاب مثل الكاليتوس، إكليل الجبل والصنوبر الحلبي، حيث تتنقل من ولاية لأخرى قصد التنويع في الأعشاب وتحقيق نتائج أفضل. الجدير بالإشارة أن معرض الصناعة التقليدية والحرف يتواصل إلى غاية 11 مارس الجاري، ويهدف إلى ترقية الصناعة التقليدية والتعريف بمنتوجات الصناعة التقليدية ومهارات المرأة المنتجة.