اختتم أول أمس المعرض البلدي للحرف والصناعة التقليدية الذي احتضنته ساحة بلدية القبة تحت شعار »تراثنا فخر لنا«، و المنظم من طرف فيدرالية الحرفيين والصناعة التقليدية، حيث عرف اليوم الأخير توزيع جوائز وشهادات شرفية على المشاركين، وهذا بحضور السلطات المحلية لبلدية القبة وباب الزوار التي ستحتضن الطبعة القادمة، والتي ستكون من 15 ماي الجاري إلى 15 جوان بمشاركة أكثر من 100 حرفي من 48 ولاية. أكد رضا يايسي رئيس فيدرالية الحرفيين للصناعات التقليدية أن هذه التظاهرة تندرج في إطار ترقية الصناعات التقليدية والحرف، معتبرا إياها ملتقى للإبداع الوطني وحماية التراث الجزائري الذي يحمل في طياته العديد من المعاني، باعتبار أن ترقيته والحفاظ عليه هو حماية للحدود الوطنية، حيث عرفت التظاهرة توافد أعداد كبيرة من الزوار للإطلاع على ما جادت به أنامل الحرفيين الذين عرضوا على مدار أسبوع كامل حرفهم في أبهى حلة. وكشف رضا ياسي ل » صوت الأحرار« أن الطبعة القادمة من المعرض ستحتضنها بلدية باب الزوار من 15 ماي إلى غاية 15 جوان، وهي التظاهرة الضخمة التي ستشهد تنظيم عدة نشاطات ثقافية بمشاركة حوالي 100 حرفي من 48 ولاية والمبرمجة بالتعاون مع بلدية باب الزوار، مؤكدا في ذات السياق أن الترتيبات تجري على قدم وساق مع مختلف الجهات من ممثلي غرف الحرف التقليدية والجمعيات المتخصصة في المجال وبالتنسيق مع الولايات للمساهمة في تسهيل عملية تنقل الحرفيين للمشاركة، مضيفا أن بلدية باب الزوار من جهتها هيأت الظروف اللازمة لاستقبال هذا الموزاييك من الإبداعات الذي سيشهد حضور الزربية الميزابية والخيمة الصحراوية وكذا حضور متميز للطرز التقليدي والفخار البشاري ومنتوجات القصب لبومرداس، وعليه سيكون معرضا للتراث والإبداع والجمال. وعرف اليوم الأخير من معرض القبة بتنظيم حفل حضره كل من رئيس بلدية القبة وبلدية باب الزوار ونائب رئيس بلدية الجزائر الوسطى بتوزيع شهادات شرفية على الحرفيين المشاركين وهدايا على الحرفيين القدامى عرفانا بالمجهودات التي بذلوها للحفاظ على هذا الموروث وأبدعوا فيه إلى يومنا هذا، ناهيك عن عملهم على نقل تلك الحرف إلى الجيل الجديد وتلقينه مختلف أبجدياتها، ومن بينهم الهاشمي بن ميرة الذي يعد مدرسة حقيقية في النقش على النحاس سواء من حيث الاحترافية أو التلقين، بالإضافة إلى آخرين. وأشار رئيس الفيدرالية في ذات السياق إلى رغبة العديد من الحرفيين في المشاركة في التظاهرات التي تنظمها الفيدرالية من أجل إبراز أعمالهم، لكن هذه الأخيرة تحاول رغم إمكانياتها البسيطة تقديم المساعدة والدعم لهؤلاء ومرافقتهم وتوجيههم حتى يتمسكوا بهذا التراث الذي تهدف إلى المحافظة عليه، خاصة مع الانتشار الكبير الذي تعرفه المنتجات الصينية وغيرها والتي لا ترقى إلى مستوى المنتوج المحلي، مؤكدا أن الحرفي لا يجد فضاءات وأسواق تهتم بالأعمال التي يقوم بها وتسمح له بالترويج لها. مؤكدا أن المواطن الجزائري متعطش لهذه اللقاءات وهو ما يؤكده الإقبال الكبير على مثل هذه المعارض، والتي تفتح له المجال من أجل التواصل مع تراثه وثقافته ومن ينشطون في هذا الميدان، وكذا لاقتناء هذا النوع من المنتوجات التقليدية التي تمثل الأصالة والانتماء وتجسد كل ما هو جميل وبالتالي فالمواطن يبحث عنها ولكن المؤسف هو قلة الفضاءات، مضيفا أن بلدية القبة مثال متميز والذي مكن للحرفيين من الالتقاء وعرض منتوجاتهم، موجها نداء للجماعات المحلية والبلديات لمنح الحرفيين فرصة للعرض. وتندرج هذه المعارض -يقول محدثنا- ضمن السياسة الوطنية التي تهدف إلى ترقية الصناعات التقليدية التي لا تعتبر اكسسوار للتزيين فحسب وإنما هو إستراتيجية هامة للنهوض بالاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، وبالتالي نشاط الفيدرالية لا ينحصر في العرض والنشاطات التي تقام هنا وهناك وإنما عملها يندرج ضمن خطة تعمل على بعث هذه الصناعات التقليدية وبحث سبل الترويج لها، من خلال المساهمة مع مختلف الجهات كوزارة التكوين المهني مثلا من أجل توفير تكوين للحرفيين في الصناعات التقليدية كونها مستقبل الوطن. وأكد العديد من الحرفيين أهمية مثل هذه التظاهرات التي تسمح لهم بالاحتكاك مع حرفيين آخرين والترويج لمنتوجاتهم، حيث قالت دايخ حياة أمزيان من بلدية براقي، تتفنن وتبدع في صنع الخيزران أن المعرض فرصة بالنسبة لها للتعريف بمنتوجاتها، وهي أعمال موثوق منها ونالت إعجاب الجميع، مضيفة أنها تحاول عرضها بأسعار معقولة للزبون رغم أن المواد الأولية المستعملة مرتفعة الثمن فالكلغ الواحد من مادة الخيزران يقدر ب 800 دج، ناهيك عن الربح التجاري وهي الفائدة التي يجنيها الحرفي المشارك في مثل هذه المناسبات. من جهتها أكدت وردية حرفية تبدع في صنع تحف فنية للتزيين والديكور من الخزف وكذا لوحات وورود التي تستمدها من الطبيعة، أن مشاركتها كانت جد إيجابية واستطاعت تحقيق العديد من الأهداف سواء من خلال البيع وكذا بربط علاقات مع الحرفيين لترقية أعمالها وهو ما تجسد من خلال الاتفاق مع حرفية أخرى في صنع القفف ومختلف المنتوجات من مادة الخيزران من أجل تزيينها وعليه فإن الزوار في المرة القادمة سيجدون كل ما هو جديد لديها. ومن بين المشاركين في المعرض مجاهدة تعدت الثمانين من العمر من ولاية بومرداس والتي استطاعت أن تنال إعجاب الزوار المتوافدين على المعرض من خلال العمل الذي تقوم به حيث تتفنن رفقة أبنائها في صناعة القبعات والقفات وغيرها من الأدوات من مادة الدوم، كما أنها صنعت الفرجة طيلة هذه التظاهرة عن طريق صنع خبز المطلوع وطهيه في الفرن التقليدي الذي وضع خصيصا لذلك وتذوقه كل من وطأت قدماه المعرض، فهذه المرأة كانت تقوم بهذا العمل منذ الاستعمار حيث تصنع الخبز وتقدمه للمجاهدين.