أكّد الأمين العام للمحافظة السامية للامازيغية، السيد سي الهاشمي عصاد، أنّ مسألة جرد ودراسة الموروث المادي وغير المادي للأمازيغية تعدّ من ضمن الأولويات الراهنة وأوضح خلال زيارة قادته إلى القصر العتيق بمدينة بوسمغون رفقة وفد من الطلبة الجامعيين والباحثين الأكاديميين من جامعة ”مولود معمري” بتيزي وزو، أنّ ”المحافظة السامية للأمازيغية تركّز ضمن استراتجيتها الراهنة على جرد الموروث المادي وغير المادي للأمازيغية من خلال عمليات جمع واستغلال أكبر قدر ممكن من المعطيات المتعلّقة بالتاريخ والثقافة الأمازيغية عبر مختلف ولايات الوطن، بهدف طرحها للدراسة والإثراء من طرف المختصين في هذا المجال”. وذكر السيد عصاد في نفس السياق أنّه سبق للمحافظة السامية للأمازيغية أن وقّعت جملة من الاتفاقيات الثنائية مع كلّ من جامعة ”مولود معمري” و«أمحند آكلي أولحاج” (البويرة) وأيضا مع المركز الوطني البيداغوجي لتعليم الأمازيغية، ديوان المطبوعات الجامعية والمدرسة العليا للصحافة، والتحضيرات متواصلة في نفس السياق لإمضاء اتفاقيات مماثلة مع كل من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والمركز الوطني للكتاب. ترمي هذه المساعي كلّها إلى التكفّل بالبحث في تاريخ الموروث الحضاري واللغوي المتعلّق بالأمازيغية عبر مختلف مناطق الوطن، وبالمناسبة جدّد نفس المسؤول استعداد الهيئة للتكفّل بمختلف البحوث الأكاديمية والدراسات السوسيولوجية المتعلقة باللغة الأمازيغية. من جانبهم، أثنى العديد من الطلبة المشاركين في هذه الزيارة الاستكشافية التي قادتهم إلى مدينة بوسمغون على هذه المبادرة التي أتاحت لهم الفرصة للتعرّف على التراث المادي وغير المادي الذي تتمتّع به المنطقة ذات الأصول الأمازيغية، وأوضح في هذا الشأن، السيد مجبر محمد، من معهد الهندسة المعمارية بجامعة ”مولود معمري” أنّ هذه الزيارة ”سمحت لعدد من طلبة نظام ليسانس-ماستر-دكتوراه بالتعرّف عن قرب على خصوصية الهندسة المعمارية في فنون تشييد القصور العتيقة ومدى ارتباط ذلك مع هوية منطقة بوسمغون الأمازيغية، وهي مواضيع يمكن أن تشكّل مادة للبحث في أطروحات التخرج الجامعي”. وفي سياق متّصل، تسعى المحافظة السامية للأمازيغية إلى نشر جملة من الإصدارات باللغة الأمازيغية عشية الصالون الدولي للكتاب المزمع تنظيمه في نوفمبر المقبل، بهدف العمل على إبراز الكتاب الأمازيغي والترويج له، حيث أوضح السيد عصاد أنّ ”الأولوية ستمنح للأكاديميين والباحثين الجامعين المهتمين بالثقافة الأمازيغية”. وكشف في هذا الصدد عن أنّ المحافظة السامية للأمازيغية تحصي 24 شهادة دكتوراه بالجامعة الجزائرية، خاصة باللغة الأمازيغية، ستتكفّل المحافظة السامية للأمازيغية بالتنسيق مع ديوان المطبوعات الجامعية بطبعها ونشرها وتوزيعها في إطار مختلف اتفاقيات الشراكة التي تجمعها مع عدد من الجامعات الوطنية. وفي شأن متصل، أطلقت المحافظة مبادرة لاستقبال مختلف المشاريع الثقافية المتعلقة بالثقافة الأمازيغية من كتب وروايات والعديد من الإسهامات الأدبية، إضافة إلى الأعمال الخاصة بالوسائط السمعية البصرية، حيث خصّصت ركنا لاستقبال هذه المشاريع على موقعها الإلكتروني وستسند عملية تقييمها للجنة للقراءة والمتابعة للنظر فيها والعمل على نشر الأعمال الجيدة، وفقا لما أفاد به السيد عصاد. وتعمل المحافظة السامية للأمازيغية على كسب رهان توسيع دائرة المقروئية بالأمازيغية، حيث تأخذ على عاتقها من خلال ترجمة 5 أعمال روائية لأدباء جزائريين إلى اللغة الأمازيغية، إضافة إلى السعي إلى تخطي عتبة تدريس اللغة الأمازيغية على مستوى 11 ولاية فقط على المستوى الوطني من خلال السعي من أجل أن تشمل العملية ولايات أخرى مستقبلا. كما ثمن نفس المتحدث مساعي وزارة الاتصال من خلال إدراج حصص ناطقة باللغة الأمازيغية على مستوى 24 محطة إذاعية جهوية، معربا عن أمله في توسيع العملية إلى محطات إذاعية أخرى ضمن نفس الرهانات الهادفة إلى ترقية اللغة الأمازيغية، وبلغ عدد إصدارات المحافظة السامية للأمازيغية 203 كتب، من بينها 7 قواميس أمازيغية، إضافة إلى أعمال روائية وأدبية فيما تتعرّض أخرى منها للجانب التاريخي والبعد التراثي المرتبط بالهوية الأمازيغية. للإشارة، عرفت زيارة البحث التي قادت وفد من المحافظة السامية للأمازيغية رفقة عدد من طلبة جامعة ”مولود معمري” (تيزي وزو) وعدد من الأساتذة الأكاديميين عدة أنشطة عمل، استطاع من خلالها الوفد اكتشاف الخصوصيات المعمارية الخاصة بقصر بوسمغون الذي يعود تاريخ نشأته إلى 17 قرنا خلت وقصر عسلة (ولاية النعامة) الذي يعود إلى سنة 1220، حسب العديد من الروايات المتداولة، كما سمحت أيضا الزيارة باكتشاف المتغيّر اللغوي الأمازيغي الخاص بهذه المناطق الذي يعدّ محور بحث من طرف القائمين على المحافظة السامية للأمازيغية. وتمّ على هامش النشاط الميداني عرض فيلم وثائقي بعنوان ”فليعش ابن الأمازيغ” لصاحبه المخرج سي الهاشمي عصاد الذي سلّط الضوء على شخصية المجاهد الراحل محمد إيدير آيت عمران الذي تعرّض إلى مسيرة حياته وإسهاماته الواسعة في الحركة الوطنية، بدءا من صفوف الكشافة الجزائرية الإسلامية، وصولا إلى نضاله بحزب الشعب الجزائري وكفاحه إبان الثورة التحريرية المظفرة، ومسيرته النضالية في مجال ترقية اللغة الأمازيغية الذي كان له الفضل في ترأس المحافظة السامية للأمازيغية سنة 1995.