تتواصل فعاليات شهر التراث بولاية باتنة، وسط إقبال للمتخصصين والمهتمين، الذين دأبوا على حضور التظاهرة؛ إذ يسعى المنظّمون لإبراز الموروث الثقافي والحضاري للمنطقة عبر عروض حول تراث منطقة الأوراس وثقافتها وفنونها الشعبية إلى غاية الثامن من الشهر الجاري. تميّزت التظاهرة بتنظيم الطبعة الثانية للأغنية الأمازيغية من 27 أفريل إلى 1 ماي، بالتنسيق مع جمعية "الرفاعة" بالمركز الثقافي ببلدية نقاوس. وتضمّن برنامجها معارض متنوّعة وسهرات فنية فولكلورية، وندوات فكرية، كما شمل برنامج التظاهرة إضافة إلى ذلك نشاطا فنيا حول الأيام الوطنية للأغنية الأوراسية موازاة مع الأيام الوطنية الأولى للإنشاد، التي سطّرتها جمعية فن المقام للأعمال الفنية، والتي احتضنتها على مدار ثلاثة أيام كاملة بدار الثقافة "محمد العيد آل خليفة". وبدعوة من جمعية "الرفاعة"، قدّم الدكتور العربي دحو مداخلة تناول فيها "مفاهيم الأغنية الشعبية"؛ حيث دحض الفرضيات التي لا تنسجم مع حقيقتها العلمية وسلامة طرحها لتاريخها، مضيفا أنّ وجهات نظر الباحثين غيبت وخاصة منهم الأوروبيين وما خلصوا إليه من تغييب لتقاطعها الشكلي والمضموني والفني مع الأغنية العربية في أعرق أزمنتها. وفي هذه المداخلة أجرى مقارنة بين العربية ونماذج من المؤداة بالأمازيغية (الشاوية)، وذكّر في السياق بدور الأغنية الشعبية في كتابه "مفاهيم ونماذج في الأغنية الشعبية عن الثورة التحريرية، ومقارنتها بمثيلاتها في أغان عربية (الأغنية الأوراسية نموذجا بالنسبة لأغنية الثورة التحريرية)". وشدّد، من جهة أخرى، على ضرورة تطهير المحيط الثقافي، الذي يحتاج، حسب المتدخّل، إلى ثورة جذرية ليس من جانب تكثيفه فحسب، بل وفي جوانب تطهيره كذلك من الأدعية والسماسرة والسفسطائيين. وحسب رئيس جمعية" الرفاعة" أحمد نزار، فإنّ هذه التظاهرة تبرز الصور الجميلة مما تكتنزه المنطقة من فن العمارة وصناعات تقليدية ولباس شاويّ أصيل ومأكولات ومواقع طبيعية وأثرية وتاريخية تشتهر بها ولاية باتنة، كما تعكس قدرة المتخصصين على مناقشة المواضيع التي تعبّر عن أفكارهم الهادفة وفهمهم لتاريخ منطقتهم وتراثها، فضلا عن نشر حس الاهتمام بالتراث وضرورة الحفاظ عليه.