يمثّل العرض المونودرامي الموسوم "مهرّج في المنفى" ، لمخرجه محمد يبدري ومؤلفه الكاتب الأمريكي نوا بريمر، الجزائر في المهرجان الدولي للمسرح بالعاصمة الغابونية ليبروفيل، المزمع تنظيمه من 27 ماي الجاري إلى 2 جوان المقبل. وحسبما صرّح به المسرحي محمد يبدري ل "المساء"، ستكون الجزائر الدولة العربية الوحيدة المشاركة في هذا المهرجان في طبعته الحادية عشرة، والذي سيعرف مشاركة كل من الكاميرون، الكونغو برازافيل، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إفريقيا الوسطى، غينيا الاستوائية، السنغال، غينيا كوناكري، كوت ديفوار، البنين، بوركينا فاسو والجزائر. وتتناول مسرحية "مهرّج في المنفى" التي عُرضت مؤخّرا على خشبة المسرح الجهوي "عبد القادر علولة" بوهران وسجّلت حضورها في عدة مهرجانات كما كان لها عدّة جولات بولايات الوطن، قصة فنان مغترب يسافر إلى الخارج بحثا عن آفاق أرحب ليعرّف بفنه، وهناك وراء البحار يظلّ حاملا لثقل؛ كونه منحدرا من دولة عربية تُنعت بالمتخلّفة، وتوصف بكونها "عالم ثالث"، هذا ما يجعل هذا الممثل يشعر بالدونية والعجز في مواجهة الدولة التي هاجر إليها رغم إيمانه بقوّة موهبته، والتي لم تبدّد مع ذلك مخاوفه من الآخر المختلف، وربما الأقوى، حسب اعتقاده. ويجسّد بطل الشخصية التمثيلية المهرّج "باس" هذه المغامرة، ويقرّر الهجرة حاملا حقيبته، مصحوبا بكلبه ودجاجته؛ في مسيرة لإظهار موهبته الفنية في الولاياتالمتحدة، وهو يحمل بداخله إحساسا بالدونية؛ كونه من دولة أقل شأنا من الغرب القوي، لكن هذه الرحلة والتجربة تمكّنه من اكتساب الثقة في النفس والتعايش مع ذلك الاختلاف بينه وبين الآخر، ومنه يسترجع ثقته واعتزازه بوطنيته وانتمائه، ويتجاوز تلك النظرة السلبية تجاه ذاته. وفي نفس السياق، ثمّن محمد يبدري الذي يترأس تعاونية مسرح "الدراجة" بوهران، مشاركته، التي اعتبرها فرصة جديدة تضاف إلى رصيده كمسرحي، وهو يشعر في الوقت نفسه بالفخر؛ كونه سيمثّل بلده الجزائر في هذا البلد الإفريقي؛ حيث سيتمكّن من الاحتكاك بتجارب الدول الإفريقية في هذا المجال، التي ستضيف إلى تجربته السابقة التي قادته مؤخرا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي أثمرت تزاوجا بين المسرح الأمريكي والجزائري. للإشارة، فإنّ الطبعة العاشرة من هذا المهرجان الذي يترأسه السيد جان فيدال نزينغي نزامبا، تعرف مشاركة اثنتي عشرة تعاونية مسرحية إفريقية. وسيكرَّم فيها أبو المسرح الغابوني الراحل فينسون دي بول نيوندا، الذي يعتبره الأفارقة واضع أسس المسرح الغابوني والإفريقي، وكان رجل الثقافة والسياسة معا، ومنظّراً يحمل بعدا مستقبليا. وكانت مساهمته الكبيرة في تطوير الفن الرابع، واهتمامه بتشجيع المواهب وتثمين المبادرات القيّمة، وهو الذي كان يعدّ المسرح وسيلة حوار وتواصل بين شعوب القارة السمراء، كما كان يأمل أن يصل المسرح الإفريقي إلى كلّ أصقاع العالم.