عمر بن زين حرفي في الفن الزخرفي، كان منهمكا في عمله عند اقترابنا منه،، لم يمنعه المعرض الذي كان مشاركا فيه من ترك أقلامه التي كان يزخرف بها صحونه وينصبها، ليتأمل الزائر جمالها، بعد ساعات طويلة وشاقة من العمل والتركيز، ورغم عرضه الأول لمنحوتاته، إلا أنه تلقى استحسان الجمهور بفضل دقة واحترافية أعماله. لم يكن حب عمر بن زين للفن الزخرفي صدفة، إنما يرجع الفضل فيه إلى أحد سعاة البريد الذي كان يمارس هواية الرسم، وكان يوميا يحتك بالأطفال الصغار في الطور الابتدائي لتلقينهم بعض أساليب هذا الفن، وكان عمر من بين الذين يمتنعون عن الذهاب إلى البيت لأخذ وجبات الغذاء ويفضلون بدلها انتظار، بعد كل ساعات الدراسة، هذا الرجل الذي كان متخرجا من مدرسة الفنون الجميلة ليخطط لهم بعض الرسومات الكارتونية ويهديها لهم. كان عمر يأخذ يوميا تلك الرسومات ويحاول جاهدا، رغم صغر سنه، إعادة رسمها بنفس الاحترافية، لينتظر في نفس ساعات اليوم الموالي قدوم ساعي البريد ويطلب منه تقييم رسمه، وبكل تواضع كان الرجل يشجع الأطفال بالعلامات، ولم تذهب مبادرته العفوية سدى، بل أعطت ثمارها، من خلال ظهور أفضل الفنانين في الزخرفة حاليا. بات ميول الفنان عمر وهو صغير السن نحو الرسم يشغل معظم أوقاته، إلى درجة أنه أصبح يترك بعض واجباته المدرسية لينشغل بهوايته الجديدة، الأمر الذي جعله يتلقى العتاب من والديه الحريصين على مساعدته في التوفيق بين واجبه وهوايته. ولأسباب عائلية، اضطر الفنان ترك الدراسة، ليلتحق بمدرسة عائلة ”مصباحي”، كانت من المدارس القليلة المتوفرة سنة 1997، ومن أشهرها في الفن والإبداعات التي مجدها الزمن، تربص خلالها عمر لمدة سنتين لينال بعدها شهادة كفاءة، أعطته الفرصة الالتحاق بعمل كان مصدر رزقه من جهة، ومن ناحية أخرى متنفسا له، لاسيما أنها الحرفة التي عشقها المزخرف منذ صغره. وفي حديثه ل”المساء”، خلال مشاركته في المعرض الذي نظم مؤخرا بمناسبة شهر التراث، قال الحرفي: ”أصبحت لا أرهب أي فن، بالعكس أبحث دائما على الأشكال والزخارف المعقدة التي تعكس طابعي الخاص، والفضل في ذلك يعود إلى الدروس التي تلقيتها خلال تربصي، حيث كان أساتذتي يحثونني دائما عن ممارسة الأساليب الصعبة كانطلاقة، ثم تكون التقنيات البسيطة جد سهلة، وكانت هذه المعادلة العكسية تحديا أسقط كل العواقب التي كانت ستواجهني خلال مسيرتي الفنية”. يتطلب فن الزخرفة، حسبه، الكثير من الصبر والتركيز، والتواضع لتقبل كل الانتقادات التي تصادف الفنان في مشواره. لم تتعد مدة تربص الفنان في ورشات السيراميك الثلاث سنوات، إلا أن ما تعكسه قطعه الفنية؛ إيحاءاتها بخبرة سنوات طويلة للوصول إلى الاحترافية التي هو عليها. نجح الفنان في ابتكار أسلوبه الجديد المتمثل في زخارف تجمع بين حضارات عديدة.. بربرية وعربية، تركية وإيرانية وبعضها مستمد من الفن الإسلامي، بألوان خلابة كانت بمثابة مغناطيس نجح في جلب العديد من الزوار خلال أول معرض له، حيث استحسن الكبير والصغير فنه ولم يتوان العديد عن اقتناء قطع منه لتزيين البيت أو تقديمها كهدايا. يطمح الحرفي إلى البروز أكثر في عالم الزخارف وإنشاء ورشته الخاصة للإبداع أكثر في هذا الفن.