من بين المبادئ الأساسية في حرية الصحافة هي حق المواطن في إعلام حر وموضوعي ونزيه، أي خال من المبالغة والتضخيم والتضليل والانحياز، وبعبارة أخرى خال من الغش في تقديم المعلومة. ومن ثم فإن المعلومة مثلها مثل السلع الأخرى التي تعرض على المستهلك، يجب أن تنقل بكل صدق وموضوعية ونزاهة، فالسلعة المغشوشة قد تتسبب في تسمم مستهلكها، لكن المعلومة أو الخبر المغشوش ضرره قد يشمل المجتمع برمته. فإذا كانت حرية الصحافة مضمونة في كل الدساتير، فإن هذه الحرية مكفولة في حدود القانون، ورئيس الجمهورية يقول بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير: ”سهرت ومازلت أسهر على أن تمارس حرية التعبير بعيدا عن أي ضغط أو وصاية أو تقييد، اللهم إلا ذلك الذي يمليه الضمير المهني أو المنصوص عليه صراحة في القانون”. إن الحرية المطلقة لا وجود لها، سواء في الدول المتقدمة أو الدول المتخلفة، لأن مفهوم حرية الصحافة يختلف في النظم السياسية باختلاف فلسفاتها والنظم التي تخدمها، ففي الدول الغربية تقدم خدمة الفرد على الجماعة، وفي النظم الاشتراكية تقدم الخدمة العامة على الخاصة أما دول العالم الثالث فتركز على الوحدة والاستقرار والتنمية. وهناك من يعتقد بأن الضغوط على الصحافة تأتي من الحكومات فقط ولكن هناك ضغوطا أخرى تأتي من رجال السياسة والأحزاب ورجال المال، والصحافة عندنا قطعت أشواطا كبيرة في حرية التعبير، إلا أن هذه الحرية تجاوزت الحد المعقول عند البعض وأدت إلى انتهاك حقوق المواطن وخصوصياته وتجاوزت أخلاقيات المهنة وأصبحت بلا ضوابط، وهذا باعتراف رجال المهنة أنفسهم، فرئيس مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة سابقا، الزبير سويسي، يؤكد دائما في تدخلاته على عدم الخلط بين الخبر والتعليق، حيث يقول: ”الأمر الخطير في الممارسة الإعلامية اليوم هو خروج بعض الصحفيين المبتدئين من دور تقديم المعلومة ونقل الخبر إلى تقديم الرأي بدل الخبر”. الخطاب الإعلامي اليوم في حاجة إلى مراجعة والعودة إلى وظيفته الأساسية المتمثلة في الإعلام والتربية والتثقيف والمراقبة والترفيه وترك المعارضة للأحزاب السياسية. إن تخلي الإعلام في العشريات الأخيرة عن دوره وانسياقه وراء الربح السريع وجمع الثروة ساهم مساهمة فعالة في إحداث تصدعات في المجتمع وأخطرها إحداث نوع من عدم الثقة بين قاعدة المجتمع وقمته وبث الروح الانهزامية واليأس والقنوط في أوساط الشباب والتشكيك في كل ما تقوم به الحكومات المتعاقبة من إنجازات للصالح العام. إن حق المواطن في الإعلام يتطلب نقل المعلومة بصدق وأمانة ويترك الحكم للقارئ ليبني عليها موقفا سليما يساعده على بناء مستقبله لا أن يدفع به إلى (الحرقة) أو العنف أو ارتكاب الجرائم.