يفضّل المخرج المسرحي جمال قرمي الاعتماد على النصوص الكلاسيكية التي كتبها كتّاب عالميون، فبعد أن أعاد مسرحية ”مونصيرا” للكاتب إيمانويل روبلس في العام الماضي، يعود كذلك بنص كلاسيكي آخر لويليام شكسبير عنوانه؛ ”ماكبث” ليقدّمه شرفيا بعد غد الثلاثاء بالمسرح الجهوي لولاية سكيكدة، ويرتقب أن يكون العمل ضمن المسرحيات المتنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف أواخر أوت المقبل بالعاصمة. يرى جمال قرمي أنّ المسرح حاليا يتنفس مواضيع كلاسيكية لكن بشكل معاصر، إذ سيقدّم مسرحية ”ماكبث” بنوع من التكسير للطابع الكلاسيكي من خلال إعطاء صورة جمالية للديكور والفضاء الذي يحتمل العرض، وهو ما يعرف حسب قرمي بمسرح الصورة عبر الأداء الحركي الميكانيكي، وتروي المسرحية قصة القائد الاسكتلندي ماكبث الذي يغتال ملكه دنكن ليعتلي عرش اسكتلندا، ويتهم خدم الملك بقتله وهو نائم، وتنقلب نعمة الملك إلى نقمة بسبب الكوابيس التي تلاحق ماكبث وانتحار زوجته الليدي ماكبث، وتنتهي المسرحية بمقتله (ماكبث). ويؤكّد قرمي ل”المساء”، أن المسرحيات التي كتبها الكتّاب العالميون تتطرق إلى قضايا إنسانية، من خير وشر، غيرة وحب والصراع على المصالح، وأنّ ”نصوص ويليام شكسبير قريبة إلينا من خلال الشخصيات التي يقدمها، مثل ماكبث وريتشارد الثالث وهاملت وعطيل وروميو وجوليات وغيرها، وقام بتشريح دقيق للنفس البشرية عبر هذه الشخصيات”. ويكشف قرمي عن فكرة العمل التي تستهدف موضوع الصراع على السلطة، ويسقطها على الراهن العربي والجزائر جزء لا يتجزأ من المشكلة، مؤكّدا على أن السلام هو المنهج الوحيد الناجع، بيد أن العرب لا يتخذونه سبيلا، عكس باقي دول العالم، ونص شكسبير يتضمّن قراءة رمزية للأحداث التي تعكس واقع البلدان العربية، وتترجم الصراعات الدامية التي تخلّفها سياسة الأنظمة القمعية الفاسدة، غير مهتمين بأحلام شعوبهم واستقرارهم، بدليل ما أسفرت عنه ثورات الربيع العربي. يعرض العمل في مشاهد كوريغرافية تتماشى مع إيقاع الأحداث المتصاعدة، والصراع الداخلي الموجود في كلّ شخصية، انطلاقا من ديكور أساسه كرسي، قام بإعداد السينوغرافيا إبراهيم الخليل، وأنجز الكوريغرافيا رياض بروالي، ويستعين المخرج بالموسيقى وحركة أجساد الممثلين، حيث سينقل الجمهور إلى واقع آخر يتفاعل معه ويغوص في أطوار قصته. يغلب على النص الرمزية والسيميائية بشكل مكثّف، بهدف منح المتفرجين أكبر كمية من المعلومات الكافية لقراءة سليمة لمضمون المسرحية، الذي يترجم حال الأنظمة العربية، وهذا ما يدفع المتلقي إلى الاندماج التام في تفاصيل العرض. واشتغل الدكتور رابح فنون على المعالجة الدرامية للنص، ويجسد أدوار المسرحية كل من؛ رؤوف بوفناز، ياسمين عبد المؤمن، زينو نصر الدين، فتحي عزيلة، جلال دراوي وصابر عميور.