أكدت أمس الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة السيدة نوارة جعفر أن الدور التربوي للأسرة الجزائرية أصبح أكثر تعقيدا بسبب التحولات الاجتماعية والاقتصادية وانعكاسات التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، حيث تواجه الأسرة متطلبات جديدة أفرزتها العصرنة وبعض الآفات التي تهدد كيانها واستقرارها لاسيما منها تعاطي المخدرات والهجرة السرية. وأضافت الوزيرة خلال الملتقى الوطني الذي نظمه قطاعها بالتعاون مع مخبر الوقاية والأرغونوميا لجامعة الجزائر حول »الأسرة والتربية بين التواصل والقطيعة« بفندق الأوراسي، أنه من الاجحاف أن تتحمل الأسرة بمفردها مسؤولية التربية وضمان التواصل بين الأجيال، اذ تحتاج الى سند قوي لاسيما من مؤسسات المجتمع الأخرى لاحداث التوازن بين القيم الدينية والحضارية للأسرة وبين مقتضيات الحداثة. واعتبرت المسؤولة الملتقى فرصة مناسبة لاجراء فحص دقيق لعوامل التغيير وتحديات المحيط وآثارها على أفراد الأسرة، والوظيفة التربوية لتسليط الضوء على السياسات الواجب إنتهاجها لمعالجة الأوضاع المختلفة، مشيرة الى أنه من الأمور التي تستدعي الاهتمام عند رسم سياسة وطنية مندمجة لصالح الأسرة" الاتجاه المتنامي لنمط الأسرة الجزائرية من الأسرة الممتدة الى الأسرة النواة، اذ تشكل هذه الأخيرة 69 من مجموع الأسر، لكن دون أن يؤثر هذا المستجد على طبيعة علاقات الأسرة الجزائرية. الى جانب انخفاض نسبة الخصوبة وبالمقابل إرتفاع نسبة شريحة المسنين، عدم التمرس على تقاسم الأدوار داخل الأسرة، ضعف وجود المرأة في سوق العمل، ارتفاع السن عند الزواج الأول وازدياد حالات الطلاق. كما أشارت الى أن الأسرة الجزائرية التي تشتت شملها جراء العشرية السوداء والتنكر لكل ما هو أصيل بأمس الحاجة الى استعادة أسس التشاور والحوار وضمان حق المشاركة لكل أفراد الأسرة لكبح جماح عوامل القطيعة التي تؤثر على وظيفتها التربوية. ومن جانبه أوضح مدير مخبر الوقاية والأرغونوميا جامعة الجزائر السيد حمو بوظريفة ان الأزمة الأسرية في المجتمع الجزائري أصبحت تتطلب توجه الرأي العام نحو البحث عن حلول في ظل الواقع الجزائري مع مراعاة مسألة عدم التغاضي عن ظاهرة تراجع القيم في الأسرة والمجتمع والتي أثرت بشكل واضح على الأخلاق، خاصة وأن تنوع مهام الأسرة والضغوطات المحيطة به حال دون تمكنها من أداء دور المراقبة، الأمر الذي يستوجب تنبيه المجتمع بكافة مؤسساته للقيام بهذا الدور الأساسي الذي يساهم في الوقاية من الجرائم والآفات الخطيرة. وتميز الملتقى بعرض ملخص دراسة حول الأسرة والتربية قدمها رئيس فرقة الأسرة والتربية الدكتور محمد بومخلوف، حيث كشفت الدراسة التي تناولت موضوع أثر الضغوط الحضرية على الأسرة أن هذه الأخيرة تعاني من ضغوط مادية ومعنوية تعيقها عن أداء وظيفتها التربوية وذلك انطلاقا من النتائج التي أظهرت أن 94.7 من عينة الدراسة التي شملت1089 ربّ أسرة أكدوا أنهم يواجهون صعوبة في تربية الأبناء و46.3 يعانون من صعوبة في مراقبة أبنائهم كما أكد 52.02 على الدور السلبي الذي مارسه المحيط على التربية خاصة الشارع فيما تبين أن 27.1 من الآباء ممن يزاولون عملا رسميا يمارسون أعمالا اضافية، ما يكرس قلة الاتصال. وبينت الدراسة أيضا ان واقع الأسرة الجزائرية يتميز بالتنوع والتعقد الشديد الذي يصعب حصره وبغياب نموذج أسري محدد للتحكم في الدور التربوي وعلاوة على ذلك خلص معدو الدراسة الى أن ما يقوم به المعلمون هي مبادرات شخصية غير مؤسسة وغير مدعمة اومحمية مما يعرضهم أحيانا الى مشاكل مع الأولياء وأن ضغوطات الحياة والوضعيات الصعبة في المحيط أقوى مما يقلل من فاعلية الفعل التربوي. للإشارة تمت برمجة 44 مداخلة خلال الملتقى الذي يجري على مدار يومين وينتظر نشرها في كتاب، حيث تتعلق مواضعيها بالاستراتيجيات التربوية للأسرة في ظل ضغوط الحياة وتحديات المحيط الداخلي والخارجي