يتوجه غدا، حوالي 53 مليون ناخب مصري وعلى مدار يومين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، في انتخابات رئاسية مسبقة انقسم الشارع المصري بين مؤيد ورافض لها. ويتنافس في هذه الانتخابات التي ستحسم الطريق الذي ستسير عليه مصر خلال السنوات الأربع القادمة، مرشحان اثنان هما قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح يوصف بالرجل القوي في مصر، ومنافسه الزعيم الناصري حمدين صباحي، الذي تبدو حظوظه شبه منعدمة في خلط الحسابات. ويأتي تنظيم هذه الانتخابات بعد 11 شهرا من عزل الرئيس الاخواني محمد مرسي، في الثالث جويلية من العام الماضي، على يد المؤسسة العسكرية بدعوى تلبية تطلعات شرائح واسعة من الشعب المصري انتفضت ضد سياسة مرسي، الذي اتهمته بالسعي إلى "أخونة" الدولة والمجتمع على السواء. ويبقى الهاجس الوحيد الذي يؤرق السلطات الانتقالية، وقد يهدد العملية الانتخابية تصاعد الهجمات المسلحة والتفجيرات الانتحارية خاصة مع اقتراب هذا الموعد والتي عجزت القوات الأمنية على وضع حد لها. وتتهم السلطات المصرية حركة الإخوان المسلمين التي تم حظرها مؤخرا بالوقوف وراء مختلف هذه الهجمات والتفجيرات التي ازدادت حدة منذ عزل الرئيس مرسي، وتستهدف بالخصوص القوات الأمنية. وهو ما جعل الجيش المصري يجنّد قرابة 180 ألف جندي يعملون بالتنسيق مع تعزيزات قوات مختلف أجهزة وزارة الداخلية، واللجنة العليا للانتخابات وكافة الأجهزة المعنية بتأمين الانتخابات والسهر على سيرها في ظروف حسنة. وفي سياق اتخاذ إجراءات وقائية تفاديا لحدوث أي طارئ، طالبت القيادة العامة للجيش الناخبين بعدم الذهاب إلى التصويت وهم يحملون حقائب من شأنها أن تعرضهم للتفتيش مما قد يعطل سير عملية الانتخابات. ودخلت مصر منذ منتصف ليلة الجمعة إلى السبت، مرحلة "الصمت الانتخابي" التي تقضي بوقف جميع أشكال الدعاية الانتخابية من جانب حملتي المرشحين عبد الفتاح السيسي، وحمدين صباحي، على مدار ال48 ساعة التي تسبق فتح مراكز الاقتراع يوم غد. ويعد هذا الموعد الانتخابي ثاني خطوة ضمن خارطة الطريق التي أعدتها المؤسسة العسكرية مباشرة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ضمن مسعى لإعادة الاستقرار والأمن المفقودين في مصر. وكانت أول خطوة في هذه الخارطة استفتاء تعديل الدستور الذي جرى شهر جانفي الماضي، بينما ينتظر تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة قبل نهاية العام الجاري. ورغم رفض أطراف مصرية لهذه الانتخابات منها قوى ثورية ممن شاركت في الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك، فإن غالبية المصريين يعلقون آمالا في أن تستعيد مصر استقرارها وأمنها الذي افتقدته طيلة السنوات الثلاث الماضية، والذي انعكس سلبا على وضع اقتصادي يزداد هشاشة مع تفاقم الوضع الأمني. وكان السيسي الذي يعد المرشح الأوفر حظا للفوز بهذه الانتخابات قد تفادى خلال حملته الانتخابية الحديث بالتفصيل عن برنامجه الانتخابي، مشددا في كل خرجة إعلامية له على انه لا يمكن النهوض بالاقتصاد وتنميته إلا بعد "القضاء على الإرهاب بشكل جذري"، وهو ما يتطلب حسبه ربع قرن من اجل إحلال الديمقراطية الحقة. من جانبه ناشد صباحي، مؤيديه وخاصة الشباب منهم بعدم توفيت هذه الفرصة والتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع من اجل التصويت لصالحه. ويصف صباحي نفسه بأنه "مرشح الثورة" في إشارة لثورة 25 جانفي. وكان يردد دائما "يا أيها الشباب.. يا أغلبية المصريين عددا وأكثرهم تضحية.. ويا أيها الجيل الذي أعرف أحلامه ومرارة حياته.. هذه فرصتكم لا تفوتوها". ورغم الحملة الانتخابية النشطة التي قادها صباحي، إلا أن التوقعات تشير إلى فوز منافسه السيسي وبنسبة كبيرة تمكنه من حسم الموقف لصالحه في الدور الأول.