انتُخبت الجزائر عضوا دائما في مجلس إدارة المكتب الدولي للعمل، خلال أشغال الدورة 103 لمؤتمر العمل الدولي التي تجري بجنيف السويسرية، وذلك بتحصلها على مجموع 240 صوتا، محتلة بالتالي المرتبة الأولى ضمن دول المجموعة الإفريقية، والثانية ضمن مجموعة الحكومات عالميا. وأوضح بيان لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي أمس، أن انتخابها في مجلس إدارة مكتب العمل الدولي، تم بصفتين اثنتين، تتمثل الأولى في صفة عضو ممثل لمجموعة الحكومات، والثانية في صفة عضو ممثل في مجموعة أرباب العمل، مع الإشارة إلى أن هذه الهيئة العالمية التابعة لمنظمة الأممالمتحدة، تُعد هيئة ثلاثية تجمع مندوبين ممثلين للحكومات وأرباب العمل ونقابات العمال. ويأتي انتخاب الجزائر في مجلس إدارة المكتب الدولي للعمل، لتؤكد المكانة التي تحتلها الجزائر ضمن هذه الهيئة الدولية، والتي سبق لها وأن أشادت في الكثير من المرات بالسياسات الحكومية الناجعة التي اعتمدتها الجزائر ولازالت تخطط لها في مجال ترقية التشغيل ومحاربة البطالة، مثمّنة في السياق نفسه تجربتها الرائدة في مجال الحوار الاجتماعي والمكرَّسة في وثيقة العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي تبنّاه الشركاء الثلاثة (الحكومة، أرباب العمل والنقابة) منذ 2006، وتم الاتفاق على تثمينه وتفعيله خلال اجتماع الثلاثية الأخير في فيفري الماضي، الذي شهد التوقيع على العقد في شكله الجديد المعزَّز بآليات للمتابعة، والمسمى العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو. كما يفنّد هذا الاعتراف الدولي بمكانة الجزائر في الهيئة الأممية للعمل من خلال انتخابها مجددا في مجلس إدارة المكتب، المزاعم التي أثيرت مؤخرا حول فقدانها لثقة هذه الهيئة الدولية، وذلك بعد أن أشار أحد التقارير المعروضة بمناسبة الدورة 103 لمؤتمر العمل الدولي، إلى نقائص مسجلة في مجال الممارسة النقابية بالجزائر، وما ترتّب عنها من فقدان الاتحاد العام للعمال الجزائريين لمقعده في مجلس إدارة المكتب الدولي، وهي النقائص التي تسعى الجزائر للتكفل بها وتصحيحها عبر المسعى الوطني، المتمثل في الإصلاحات السياسية التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفي حين ستتمكن الجزائر بفضل عضويتها الدائمة في مجلس إدارة المكتب الدولي للعمل، من مواصلة إسماع صوتها وعرض تجاربها ومقترحاتها في هذه الهيئة الأممية، فضلا عن تدعيم إمكانية استفادتها من برامج التعاون في إطار برنامج المنظمة الخاص بتعزيز القدرات لفائدة الأعضاء، فإن هذه العضوية التي تمنح للجزائر موقعا بارزا ضمن المنظومة الدولية للعمل، ستسمح لها بقيادة التجارب الجهوية والإقليمية في مجال تحسين ظروف العمل ودعم الحماية الاجتماعية والحوار بين الشركاء الاجتماعيين. ويشكل مشروع إنشاء المدرسة العليا للضمان الاجتماعي بالجزائر والمقرر تجسيده مع الانطلاق الجامعي المقبل، واحدا من أهم المشاريع التي تكرّس المكانة الرائدة التي تحظى بها الجزائر في هذا المجال، ويترجم التعاون الوثيق القائم بين الجزائر والمكتب الدولي للعمل؛ حيث يوجد مشروع شراكة بين الطرفين يهدف إلى جعل هذه المدرسة موقعا مرجعيا للتكوين في مجال الحماية الاجتماعية بالنسبة لبلدان المغرب العربي وإفريقيا. وكانت المصالح المتخصصة لمكتب العمل الدولي قد نشرت تقريرا خلال السنوات الأخيرة يخص التجربة الجزائرية في مجال الحوار الاجتماعي، أبرز المجهودات المبذولة من طرف الجزائر في مجال تعزيز وعصرنة إدارة العمل وتفتيش العمل، وثمّن أطر التشاور التي تم وضعها بالجزائر في إطار الحوار الاجتماعي، والتي ساهمت في الحفاظ على الاستقرار والتماسك الاجتماعي خلال مرحلة التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وسمحت بالتحسين المستمر لمؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في إطار مسعى اندماج الجزائر في الاقتصاد العالمي. وسجل نفس التقرير أن نجاح الجزائر في تعزيز وتحديث نظام إدارة العمل، يرجع إلى وجود تأييد سياسي رفيع المستوى للمسائل المتعلقة بالعمل، وذلك في إشارة إلى العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية لترقية التشغيل وتحسين ظروف الطبقة الشغّيلة. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، الذي يشارك منذ الخميس الماضي في أشغال الدورة 103 لمؤتمر العمل الدولي على رأس وفد ممثل لأطراف الثلاثية، أجرى مباحثات مع العديد من المسؤولين على هامش أشغال الدورة؛ حيث التقى المدير العام لمنظمة العمل الدولية غي رايدر، الذي عبّر له عن تهانيه لانتخاب الجزائر في هذه الهيئة، كما التقى المدير العام لمنظمة العمل العربية السيد محمد لقمان، وعددا من وزراء الدول العربية والإفريقية والآسياوية.