رجّحت المقترحات المقدمة حول طبيعة النظام السياسي في الأسبوع الثاني من المشاورات حول تعديل الدستور، كفّتي النظامين الرئاسي وشبه الرئاسي، وركّزت المواضيع التي تم عرضها على وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحيى، ضمن المسعى على قضايا الدفاع عن حقوق المرأة والطفل ودسترة الأمازيغية، وتكريس حرية التعبير، كما دخل الغاز الصخري فضاء التشاور حول الدستور التوافقي، وتجدد إلحاح المشاركين على ضرورة تحقيق الوفاق الوطني حول دستور يؤسس لجمهورية عصرية وديمقراطية. ففي حين خلت الملاحظات التي تم عرضها من قبل رؤساء الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات المهنية والاجتماعية، والشخصيات الوطنية التي استقبلها السيد أويحيى، المكلف بإدارة التشاور الموسّع حول وثيقة مسودة الدستور، من أي انتقاد ل47 اقتراح تعديل التي عرضتها رئاسة الجمهورية، في الوثيقة الموجهة للإثراء والنقاش ضمن المسعى التشاوري، اقتصرت الآراء والتقييمات المقدمة حول الوثيقة على تثمين المكاسب التي تم إدراجها في تعديل الدستور على غرار حرية التعبير، ودسترة المصالحة الوطنية وإدراجها ضمن الثوابت الوطنية، كما تجدد للأسبوع الثاني على التوالي، مطلب دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، واعتبر المحامي ميلود براهيمي، هذا الاقتراح "محورا أساسيا لتكريس المصالحة الحقيقية بين الشعب الجزائري وماضيه". ورافع السيد عليوي، لصالح إقرار النظام الرئاسي واعتبره "النظام الأمثل" للجزائر، فيما اقترح رئيس جمعية مناضلي فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، محند آكلي بن يونس، نظام الحكم شبه الرئاسي الذي قال من جهته بأنه "الأفضل" بالنسبة لسير المؤسسات واستقرار البلاد. هذا الاقتراح الأخير تبنّته أيضا رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، التي شددت خلال لقائها مع السيد أويحيى، على ضرورة مراعاة مشروع التعديل الدستوري لحماية حقوق الطفل ودسترتها إلى جانب دسترة حقوق الفئات الاجتماعية الهشة الأخرى. وبخلاف الاقتراحات المقدمة حول طبيعة النظام السياسي المواتي للبلاد، قدّر أستاذ القانون العام، إلياس بوكراع، بأنه لا يمكن استنباط نمط معين من الأنظمة السياسية وزرعه في المجتمع الجزائري، سواء تعلق الأمر بالنظام البرلماني أو الرئاسي، معلّلا ذلك بكون النظامين ظهرا في بيئتين مختلفتين عن البيئة الجزائرية. والتقت مقترحات أستاذ القانون العام بمقترحات السيدة بن حبيلس، عند الإلحاح على ضرورة حماية المرأة من كل أشكال العنف وحماية الطفولة من الاستغلال، في حين ركّزت رئيسة المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، فاطمة الزهراء فليسي، من جانبها على ضرورة الحفاظ على ذاكرة شهداء الواجب الوطني وضحايا الإرهاب من خلال إدراجها ضمن التعديل الدستوري، واقترحت كذلك توسيع شروط الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، لتشمل شرطا آخر يلزم المترشح بإثبات عدم صلته بالأعمال الإرهابية. وفي حين ثمّنت العديد من الوجوه المشاركة في المشاورات العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية باعتبارها تكريسا للمبادئ الديمقراطية، وضمانا لمبدأ التداول على السلطة، انفردت رئيسة حركة الشبيبة الديمقراطية، شلبية محجوبي، باقتراحها الداعي إلى إنشاء مجلس لرئاسة الوزراء يضم 9 أعضاء ينتخبون رئيسه الذي يخلف منصب رئيس الوزراء، مع منح هذا المجلس صلاحيات كبيرة. وتجدد إجماع المشاركين في المشاورات التي يديرها أحمد أويحيى، لإثراء مسودة التعديل الدستوري، على ضرورة تثمين الحوار وتحقيق الوفاق الوطني حول الوثيقة النهائية للدستور، واختار العديد منهم طريق الاستفتاء الشعبي لتزكيته، فيما دعا الهاشمي سحنوني، القيادي السابق في الحزب المحل، والذي استقبله أويحيى بصفته شخصية وطنية، إلى تعاون الجميع من أجل خير الجزائر وتصحيح أخطاء الماضي، والانطلاق صوب مستقبل أفضل، محذّرا من وقوع الجزائر في الفتن التي تعيشها دول الجوار وبعض الدول العربية. وحرصت بعض الشخصيات الأكاديمية التي استشيرت حول المسعى في الأسبوع الثاني من المشاورات على التذكير بضرورة مراعاة حداثة الدستور الجديد للجزائر، وتكييفه مع مستجدات العصر ومتطلبات المرحلة. وفي هذا الشأن شدّد البروفيسور بالمدرسة الوطنية متعددة التقنيات، شمس الدين شتور، على أهمية "وضع دستور للقرن ال21 يستجيب لانشغالات الشباب ولآفاق سنة 2030، ويتكفل بالتحديات التي تواجه الجزائر الداخلية منها كالأمن الغذائي والطاقوي والأمن المائي إلى جانب التحديات الخارجية، داعيا ضمن منظوره هذا إلى إنشاء مجالس للتربية واقتصاد المعرفة تتولى مهام استشراف توجه المدرسة الجزائرية خلال ال20 سنة المقبلة، وكذا مجلس للموارد الطاقوية وأكاديمية للعلوم والأدب والفنون. ولدى تطرقه إلى مسألة الانتقال الطاقوي، أبرز الأستاذ شتور، ضرورة أن تكون للغاز الصخري مكانته في النظرة الطاقوية الجديدة إلى جانب تطوير الطاقات المتجددة الأخرى، وجدد من جانبه التأكيد على ضرورة أن يكون هذا الدستور مقبولا من طرف عدد أكبر من الجزائريين، بينما أبرز بعض المدعوين في سياق متصل ضرورة منح الفرصة للكفاءات العلمية لتولي الوظائف والمسؤوليات. وقد استقبل وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحيى، خلال الأسبوع الثاني من شهر جوان 22 شريكا، يمثلون 8 أحزاب سياسية و6 جمعيات وطنية، فضلا عن 05 شخصيات و03 كفاءات وطنية، بينما برمجت رئاسة الجمهورية للأسبوع المقبل، الممتد من 15 إلى 19 جوان 20 لقاء يلتقي خلالها السيد أويحيى، 30 شريكا، يمثلون 7 أحزاب سياسية و12 جمعية، علاوة على 7 شخصيات و4 كفاءات وطنية، ستتواصل معهم سلسلة المشاورات الموسعة الهادفة إلى وضع تصور نهائي لدستور توافقي. ويذكر أن رئاسة الجمهورية، كانت قد وجّهت منتصف شهر ماي الفارط دعوات ل150 شريكا، يتمثلون في شخصيات وطنية وأحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات وممثلي مختلف الهيئات، للتشاور حول المقترحات التي صاغتها لجنة من الخبراء حول مشروع التعديل الدستوري، وحظيت تلك الدعوات بقبول 30 شخصية من بين 36، و52 حزبا من بين 64 تشكيلة سياسية إضافة إلى 37 منظمة وجمعية، و12 أستاذا جامعيا.