كشف متدخلون خلال يوم دراسي حول العنف الجنسي ضد المرأة، انتظم مؤخرا بالعاصمة، عن أن العنف ما يزال يشكل طابوها اجتماعيا رغم كل الحملات التوعوية والتحسيسية التي نظمتها مؤسسات المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة. ونادت مناضلات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بأهمية وضع قوانين مفصلة تجرم كل أشكال العنف الممارس ضد المرأة، خاصة الاغتصاب الذي تعتبره بعض الجهات القانونية مميعا وعقوبته غير ردعية. بعيدا عن الأرقام المتحدثة عن العنف ضد المرأة، وبعيدا عن المناسباتية في الحديث عن هذه الظاهرة التي يشير الخبراء بشأنها إلى أنها في ازدياد، فإن موضوع العنف ما يزال يشكل طابوها تعمل بعض الجهات، خاصة منها الجمعيات التي تعنى بقضايا المرأة والطفولة، على تجاوزها والوصول إلى محو آثارها. فقد تحدثت مناضلات مهتمات بالدفاع وترقية حقوق المرأة خلال يوم دراسي حول العنف الجنسي، عن أن نطاق هذا العنف تحديدا توسع بشكل يدعو إلي القلق وحتى في نطاق العائلة الواحدة، حيث أشارت السيدة دليلة عمران المناضلة في شبكة «وسيلة» للدفاع عن حقوق المرأة إلى «أن العائلة اليوم لم تعد تحمي أفرادها، خاصة النساء»، وهي النتيجة التي تقول المتحدثة بأنها توصلت إليها بعد سنوات من العمل الميداني التحسيسي في ولايات الوطن حول ظاهرة العنف، موضحة أن الشبكة وثقت في الصوت والصورة عينات لضحايا عنف، ومنه العنف الجنسي، وصفتها بالمخزية التي يندى لها الجبين، علما أن الزوج والأب وحتى الأخ يكونون في الصف الأول من المتهمين في هذه الحالات. كما أوضحت المناضلة الحقوقية أن الأرقام التي تم الكشف عنها من طرف مصالح الأمن للسنة المنقضية تتحدث عن أن 80 بالمائة من حالات العنف التي تم الإبلاغ عنها وقعت في المنزل الأسري، أي ضمن نطاق العائلة الواحدة، كما تعد الفئة العمرية التي تتراوح بين 20 و49 سنة الأكثر عرضة لكل أشكال العنف. من جهتها، تحدثت الدكتورة فضيلة شيطور عضو شبكة «وسيلة»، لتكشف عن أن المنظمة العالمية للصحة وضعت العنف في الخانة ال 10 لسببية الوفاة في العالم لدى النساء بين عمر ال 15 و44 سنة، وأنه يتم تسجيل ضحية واحدة من 30 ضحية عنف تقوم بالإبلاغ، أي بمعدل 4 حالات لكل 100 حالة عنف بكل أشكاله، ونسبة 53 بالمائة من هذا الرقم الضئيل تضيف المختصة تبحث عن المساعدة الطبية خاصة في مجال العنف الجنسي والاغتصاب الذي تقول عنه بأنه ما يزال يشكل طابوها في مجتمعنا، مؤكدة أن الأطباء في الهياكل الصحية يفتقدون لتكوين متخصص للاعتناء بضحاياه، إضافة إلى نقص الهياكل المتخصصة لاستقبال هؤلاء المعنفات جنسيا وضحايا الاغتصاب. وفي نفس السياق، تشير الدكتورة ميلودي بن عبيد فريدة، مختصة في الطب الشرعي بمستشفى زرالدة، إلى دراسة متخصصة أشرفت عليها بنفس المصلحة سنة 2012، درست خلالها ملفات ضحايا العنف الجنسي حسب الملفات المتوفرة لديها، مسجلة 168 حالة عنف جنسي، مثل فيها الاغتصاب 103 حالة بنسبة 61.30%، وسجل الفعل المخل بالحياء 65 حالة أي بنسبة 38.70 %. كما تضيف المختصة أن من مجموع هذه الحالات الإجمالية، تمثل النساء نسبة 85 %، تتراوح أعمارهن من 7 إلى 40 سنة. وألحت المختصة على القول؛ «هناك رقم أسود لا يمكن تحديده، وهو أكبر بكثير من هذا الذي أعطيناه أو حتى المحصى من طرف الجهات الأمنية، لأن ليس كل ضحية عنف تتقدم إلى مصالح الطب الشرعي هي للاستفادة من وصفة طبية مفصلة». وأكدت المحامية وخبيرة القانون الأستاذة فاطمة الزهراء ابن براهم أنه «بكل وضوح ليس لدينا نصوص قانونية واضحة وصريحة تتكلم عن العنف الجنسي والاغتصاب، إنما تتحدث عن العنف بصفة عامة، لكن هذا العنف الجنسي إذا تطرقنا إلى الحديث عنه كقانونيين فسنتعرض لمشاكل كثيرة، ومن ذلك إثبات وسائل الاغتصاب، وبعدها لا بد من التفرقة بين الاغتصاب القسري والاغتصاب الاختياري للفئة العمرية الأكثر من 18 سنة، أما بالنسبة للأقل من هذا العمر فهي في نظر القانون قاصر، بالتالي تخضع لحماية الدولة والقانون، وهنا تأخذ المحكمة هذه الصفة بعين الاعتبار حتى وإن كانت الضحية القاصر تعاني من آثار سطحية للعنف الجنسي، أما عقوبة هذا الفعل فتتراوح بين 5 و20 سنة سجن نافذة إذا كان هذا العنف غير متبوع بعنف، وفي حال أفضى الاغتصاب المصحوب بالعنف إلى الوفاة، فإن عقوبته الإعدام». وأكدت الخبيرة القانونية أن مطلب إدراج تعريف محدد مع توسيع النظرة إلى مفهوم الاغتصاب يعد أساسيا اليوم لإدراجه في قانون العقوبات، خاصة أن قوانين عالمية تعتبر الاغتصاب جريمة ضد الإنسانية، مؤكدة في آخر حديثها ل «المساء» على أن حماية المرأة من العنف الجنسي، في الحقيقة حماية للرجل والمجتمع بأكمله.