تعلق السلطات العمومية آمالا كبيرة على مشروع الطريق السيار للهضاب العليا المقرر بعثه في 2009، ومعه بعث آمال تنمية اقتصادية واعدة بالمدن الواقعة على طول حزامه الذي يعبر 12 ولاية، كما سيسمح هذا المشروع الذي تقل تكلفة انجازه عن تكلفة الطريق السيار بنحو 20 بالمائة، بخلق مئات الآلاف من مناصب الشغل، وتهيئة مناطق نشاط اقتصادي ومدن حضرية تساهم في فك العزلة عن الولايات الداخلية وفي المقابل فك الاختناق عن المدن الساحلية. هذا الحزام الثاني الذي يأتي ليعزز الحزام الأول الرابط بين الشرق والغرب والجاري انجازه على مستوى الواجهة الشمالية للوطن بطول 1216 كلم، يرمي إلى تطبيق السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، من اجل خلق توزيع عادل وأكثر توازن للثروة ولموارد التنمية على مناطق البلاد، والمقرر أن يتدعم عن قريب حسبما أعلنه الرئيس بوتفليقة أول امس بتنظيم إداري إقليمي جديد يتيح المجال للسلطات المحلية بمتابعة مشاريع التنمية عن قرب ويسمح لها بتشجيع التنمية والاستجابة المثلى لمشاكل السكان. في هذا الإطار سيسمح مشروع طريق الهضاب العليا بإضفاء توازن ديمغرافي بين المناطق الشمالية، من خلال تخفيف الضغط على المدن الساحلية التي يرتكز بها نحو 86 بالمائة من الساكنة، حسبما كشفت عنه نتائج الإحصاء العام للسكن والسكان الأخير، وإعادة تنظيم هذا التوزيع من خلال خلق أقطاب استقطاب بالشريط الممتد على سلسلة الهضاب العليا. كما يرتقب أن يساهم بعث مشروع طريق الهضاب العليا في خلق فرص عمل كبيرة، ستكون بدايتها بفتح نحو 150 ألف منصب شغل مباشر، بينما ينتظر أن تسمح المشاريع السوسيو اقتصادية المبرمجة على طول حزام الطريق، والتي من أهم ما تشمل منطقة للنشاط الاقتصادي ممتدة على طول 100 كلم، وأزيد من 120 محطة ربط من خلق مئات الآلاف الأخرى من المناصب، حيث ستعمل هذه الطريق الحيوية على تثمين الموارد والثروات التي تزخر بها منطقة الهضاب العليا واستغلالها لفائدة التنمية المحلية. ومن بين أبرز خصوصيات هذا المشروع الضخم الذي يعتبر بمثابة شريان المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الممتد إلى غضون 2025، انه يمتد على 1300 كلم ويوازي خط السكة الحديدية التي يتم تهيئتها على طول حزام الهضاب، ويربط بمحاور الطرق الوطنية ومداخل المدن والمرافق القاعدية الأساسية على غرار المطارات. كما يكتسي هذا الطريق بعدا مغاربيا وإفريقيا على اعتبار أنه يربط الحدود الشرقية للجزائر بحدودها الغربية وسيكون منطلقا لطريق سيار آخر يعبر الصحراء إلى إفريقيا. وكما كان الحال مع مشروع الطريق السيار شرق غرب تم تقسيم مشروع طريق الهضاب العليا، حسبما تضمنته المناقصة الدولية التي أعلنتها منذ أسابيع الوكالة الوطنية للطرق السريعة إلى ثلاث أشطر يمتد الشطر الأول منها من تبسة إلى باتنة على طول 220 كلم، والشطر الأوسط من باتنة إلى تيارت على طول 495 كلم أما الشطر الغربي فيربط تيارت بمدينة العريشة بتلمسان على طول 305 كيلومترات. فيما تقل تكلفة هذا المشروع عن تكلفة مشروع الطريق السيار شرق غرب بنحو 20 بالمائة وذلك بالنظر إلى الطابع الجغرافي الذي يسهل شق الطريق وفتح كل مساره دون الحاجة إلى العديد من المنشآت الفنية والجسور والأنفاق. وتجدر الإشارة إلى انه من اجل التعريف بأهمية هذا المشروع الضخم وكذا عرض الفرص المتاحة أمام سكان المناطق المعنية للانخراط فيه، قامت وزارة الأشغال العمومية الأسبوع المنصرم بتنظيم أبواب مفتوحة حوله، حيث تم إبراز المكاسب المرجوة من هذا المشروع الحيوي ولا سيما في مجال تكوين وتأهيل الإطارات، حيث يرتقب أن يساهم مشروع الطريق السيار للهضاب العليا في تكوين 1000 مهندس في اختصاصات متعددة.