الابتسامة سلاحه، الضحك دواؤه، والغناء والتمثيل جزء كبير من حياته، ولكن التهميش الذي يتعرّض له رفقة أقرانه من فنانيّ جيله أقسى وأمرّ من الأمراض التي يعاني منها والتي وإن أثّرت على جسده فإنّ فكره الثري وخياله الخصب ما يزال ينبض إلى آخر رمق، إنّه الفنان القدير "شروق عبد القادر" أو كما يعرفه الجميع باسم "جعفر بك" الذي زارته "المساء" في بيته حيث استقبلها بترحاب كبير وودّعنا بالنكت المليحة، دليل على فنيته التي تميّز إبداعه وشخصيته ككل. من نكبات الاستعمار إلى صفوف الكشافة عاد معنا جعفر بك إلى ذكرياته التي حفرت في ذاكرته إلى الأبد، والعودة لا يمكن أن تكون إلاّ من الطفولة حيث يقول: "ولدت يوم 27 أكتوبر 1928 بالقصبة وترعرعت في دويرة كانت تملكها المطربة المعروفة مريم فكاي وهو ما اعتبره حظا كبيرا حيث كان العديد من الفنانين الجزائريين وفي طليعتهم الفنان رشيد القسنطيني يزور فكاي وكنت لا أمّل من رؤيتهم والسماع لأحاديثهم فقد تأثّرت كثيرا بهذه المرحلة من العمر، نعم تأثرت بالفنان رشيد قسنطيني لدرجة غير معقولة". محطات أخرى أثّرت على المسار الحياتي والمسيرة الفنية لجعفر بك وتتلخّص في عمله بالميناء الذي كان يصفه بمعقل العنصريين، انخراطه في الكشافة التي تعلّم فيها حب الوطن والابتسامة أمام المصاعب، مشاركته في مظاهرات الفاتح من ماي 1945 في العاصمة، الفرقة الصبيانية الإذاعية التي كانت تحت إشراف رضا فلكي وتذاع كل يوم خميس عند الواحدة ظهرا، مشاركته في "الموزيكول" والحصص الإذاعية ومن ثم عضويته في فرقة جبهة التحرير الوطني بتونس. البداية من الميناء وبالضبط عندما كان يبلغ من العمر 14 سنة حيث يتذكّر عمي جعفر مدى عنصرية الغادين والرائحين من الأوروبيين في هذا الميناء الذين كانوا لا يتوانون في شتم الجزائريين ويعتبرونه "شابا حسّاسا للغاية" في رفضه لهذا الشتم الذي يمسّ أبناء جلدته، ويقولون له" لا نقصدك أنت، فأنت أنديجان ذكي لست مثلهم!"، وكم شعر جعفر بك بالسعادة عندما تمكّن من زيارة الأندلس واكتشاف مدى روعة التراث الإسلامي ليأخذ صورا عن تحف المنطقة ويعرضها أمام العنصريين الأوربيين مؤكّدا بذلك أنّ المسلمين أناس حضارة وجمال. محطة ثانية أثّرت في حياة عمي جعفر وهي مظاهرات الفاتح من ماي 1945 بشارع "العربي بن مهيدي" حاليا وشهدت سقوط أرواح بعد أن كان الاعتقاد نيل الحرية حسب وعود فرنسا وفي هذا يقول بك "لقد شاركت في هذه المظاهرات وشاهدت بأم عيني مدى وحشية المستعمر ونقضه للوعود " بالمقابل اكتشف عند انخراطه في الكشافة التي يعتبرها المدرسة الأولى للشخصية الجزائرية والحرية والوطنية أنّ الابتسامة سلاحه في مواجهة الصعاب كيفما كانت. الفرقة الصبيانية، الكاسة و"الموزيكول" ضمن صفوف الكشافة، اكتشفه المرحوم علي فضي الذي قدّمه إلى الأستاذ رضا فلكي، وفي هذا يقول أيضا "أجريت مسابقة للالتحاق بالفرقة الصبيانية للإذاعة وكان عليّ تقديم تمثيلية درامية وعندما علمت أنه تمّ قبولي في الفرقة قلت للجنة التحكيم: "أبكيتكم بأدائي للدور الحزين؟"، فأجابوني: "لا بل أضحكتنا لهذا فأنت في الفرقة الآن". ولقي جعفر بك تكوينا يقول عنه أنّه كان رائعا في فرقة رضا فلكي، وتوقّف عند ذكرى الشروع في البث المباشر للتلفزيون لأوّل مرّة وهذا في 24 ديسمبر 1956، حيث أصرّ فلكي على أن تبثّ الحصة الصبيانية بالعربية مباشرة مثلها مثل الحصة الناطقة بالفرنسية لأنّه كان متيقّنا من قدرة أعضاء الفرقة على رفع التحدي وتحقّق ذلك، بل استطاعت حصة العربية أن تهزم حصة الفرنسية في عدد المشاهدين وكان ذلك بعمل "ألف ليلة وليلة" وشارك في العمل كل من محمد النيها، سيد علي مقلاتي، محمد دباح، محمد ونيش وجعفر بك. وفي هذا السياق كشف عمي جعفر أنّ أوّل بثّ للمباشر للتلفزة الجزائرية في عهد الاستعمار كان من على سطح بناية في أوّل ماي ومن ذلك اليوم أصبح للجزائريين الحق في البث التلفزيوني على المباشر بقيادة فلكي المتحصل على شهادتي ليسانس الأولى في اللغة العربية والثانية في الفرنسية ودرس المسرح في أوروبا واسمه الحقيقي "الحاج حمو"، هذه الشخصية الفذّة أسّست فرقة أسمتها "مسرح الغد" تضمّ بالإضافة إلى جعفر بك، زهير عبد اللطيف، محمد بوثلجة، يوسف حطاب، فريدة صابونجي، سلوى، محمد حلمي ومجيد رضا الذي استشهد وغيرهم. وشارك الفنان بك في حصة إذاعية تذاع مرتين في الشهر تحت عنوان "الكاسة" مع كلّ من علي عبدون، السيساني وعلي فضي، في حين كانت حصة إذاعية أخرى تذاع مرتين في الشهر وهي "الدراويش" بمشاركة محمد توري، بوعلام رابية، سيد علي فرنانديل والرويشد، وفي هذا السياق يحكي لنا عمي جعفر حادثة أثبتت أنّ الجزائريين ليس لهم أدنى حرية في التعبير عن آرائهم على عكس ما كان مشروعا للمعمرين وأنّ ذلك كان يدفعهم إلى تمرير رسائلهم بطريقة غير مباشرة، حيث تأخّر سيد علي فرنانديل (سيد علي الحوات) عن القدوم للمشاركة في البث المباشر لحصة "الدراويش" بسبب الزحمة التي أحدثها وجود الرئيس الفرنسي أوغيول في العاصمة، وعندما وصل مازحه توري على المباشر وقال له: ما الذي أخّرك؟ فأجابه "سامحني الزحمة كبيرة كان واحد أغيول (حمار بالأمازيغية) ويقصد به أوغيول مارا من هنا فسبّب زحمة كبيرة"، وبعدها بأسبوع استدعي سيد علي من قبل مسؤولي الإذاعة فأجابهم أنّ ما قاله مجرّد فكاهة وأنّه مقارنة بما يقوله "الثلاثي بودي" وهم فكاهيون فرنسيون يقدّمون عرضهم بقاعة "حريشات" بالعاصمة لا يساوي شيئا ولكنّهم حذّروه من إعادة مثل هذا الكلام. وعلاوة على نشاطات جعفر بك في الإذاعة وعمله فيها، شارك فنانين آخرين في الموزيكول وهي عبارة عن حفلات فنية تضمّ تمثيليات قصيرة وأغاني تنظّم في العديد من الفضاءات منها "سينما دنيازاد"، "سينما الجمال" في سوسطارة وكان ذلك مع التوري ورويشد وآخرون ممن كانوا يحتاجون إلى ممثلين شباب لأداء أدوار في العروض، وفي شهر رمضان المعظم كان يشارك في فضاء "بادوفاني" بالعاصمة الذي كانت الفنانة كلثوم تؤجّره لإحياء الحفلات والموزيكول وهذا من تنشيط عبدون، فرنانديل، خلوي وبك ويقول هذا الأخير: "كانوا يقولون لي هكذا يبدأ السكاتش وهكذا ينتهي، انطلق إذن"، فألّف ومثّل في تمثيلية "ضربو حمار الليل" بمشاركة محمد النيها، زهرة حليت وزهير عبد اللطيف كما قدّم عروضا عديدة في قاعة "ابن خلدون" من بينها "ثليجة البيضاء" مدّة موسم كامل كلّ يوم خميس. وحدث بعد مظاهرات ماي 1945 أن سمح الجنرال تيوبير للمسرحيين الجزائريين من التمثيل في الأوبرا (المسرح الوطني الجزائري حاليا) وهذا مرّة في الأسبوع، ولم يعجب هذا القرار مدير الأوبرا الذي قال "أنّ العرب سيحوّلون الأوبرا إلى زريبة"، وكان يوم الجزائر في ذلك الفضاء يوم الخميس، الصبيحة للنساء والسهرة للجميع ويقول عمي جعفر أنّه ولا جزائري كان يمرّ في حي بور سعيد الذي يقع فيه المسرح صبيحة الخميس احتراما للنساء، وكان تجاوب الجزائريين كبيرا جدا مع العروض مما أثبت تفتّحه وشغفه بالفن. جعفر بك أكّد ل"المساء" حظه الكبير لاحتكاكه مع فنانين قديرين في بداياته وحتى طوال مسيرته الفنية وهو ما مكّنه من اكتساب خبرة لا حصر لها وهي التي قدّم منها ما استطاع خلال الأربع سنوات عمر الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني. الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، النضال الفني من أجل الجزائر الفكاهة والابتسامة لا يمكن أن تبرحا جعفر بك، فكرمه وشخصيته المعطاءة مكنتاه من تقديم هذه الابتسامة للجنود على الحدود أثناء الثورة المجيدة وعن هذا يقول: "شاركت في سنة 1957 في المؤتمر العربي للكشافة، وأذكر جيّدا ما قاله لنا المناضل علي النقّاش، حيث أشار إلى أنّ الكلّ يستطيع أن يضغط على الزناد ولكنّنا نحتاج إلى من يعالج الإصابات لأنّ معالجة الإصابة بطريقة سيئة ستؤدي إلى نتائج وخيمة"، لهذا اخترت أن أكون ممرضا بعد تكوين حثيث مدّته أربعة أشهر كاملة بتونس وكنت أداوي المجروحين بالأدوية والفكاهة في آن واحد، إلى غاية انخراطي في الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني تحت رئاسة مصطفى كاتب وكانت العودة إلى حبي القديم والأبدي "الفن". ومثّل جعفر بك في المسرحيات التي عرضت في تلك الآونة ك"أبناء القصبة" و"الخالدون" ولكن إطلالته الكبيرة كانت في الأغاني الفكاهية التي تأرجحت بين التربوية والشبابية الممتعة ومن بينها "هيا يا ديغول بركى ما تنبح" والتي يقول مقطع منها "جاء ديغول بركى ما تنبح، شي معقول ما نحطش السلاح، الحرب يطول هذا وين يقوى الكفاح، مشروع قسنطينة قلت تسكتنا، شيء ما يغوينا سوى حرية بلادنا". وأغنية أخرى مختلفة تماما بأنغام الروك أند رول والتي يقول عنها جعفر أنّها كانت بالرغم من ذلك سياسية لأنّ الروك أند رول يمثّل بشكل أو بآخر أمريكا وتقول " ياجلول بن علال كان عايش في لامان، عند كبرو بداه لهبال عا الروك ضربو جان"، والجمهور يقول:"ياجلول الروك أند رول واش راك تقول الروك أند رول". وأغنيات أخرى من بينها "أديناها" ،" ألف، باء وتاء"،"مسكين أللي ما قراش" ،"سيدي الشيخ علّمنا" و"حرية"، ويتذكّر عمي جعفر عندما سأل إيطاليون أحد زعماء الثورة في تونس عن رأيه في مخطط "سلم الشجعان" الذي أقرّته السلطات الاستعمارية، فأجابهم "اسمعوا أغنية مطربنا الوطني وستعرفون الإجابة" وقد كان يقصد أغنية "هيا يا ديغول بركى ما تنبح" وقد سعد جعفر بك كثيرا بهذه الإجابة قائلا "لقد كنّا دبلوماسيين ونقطة اتصال بين القادة وأناس آخرين". وفي هذا الصدد يحكي لنا جعفر بك عن ذكريات عديدة منها يوم التقائه الزعيم الصيني شون أون لاي أثناء جولة الفرقة في الصين، وسأله أين تعلّم اللغة الفرنسية؟ فأجاب أنّه عندما كان عاملا في شركة "رونو" بباريس وأضاف الصيني أنّه على عكس الأوروبي عندما يولد له طفل فإنه لا يقول:"فم إضافي يحتاج إلى الطعام"، بل يقول: "ساعدان إضافيان للعمل" وذكرى أخرى عندما قدّمت الفرقة عروضها في قاعة "الأوبرا" الصينية أمام ما لا يقلّ عن عشرة آلاف متفرّج وبحضور أعضاء من الحكومة الجزائرية المؤقتة فبالنسبة للمسرحية كانت ميكروفونات الفنانين مغلقة وكانت تسمع أصوات المترجمين الصينيين، أمّا بالنسبة للأغاني فكان يأتي مترجم قبل أداء الأغنية ويشرح موضوعها حتى يفهم الجمهور ما نقوله، وقال عمي جعفر "أديت أغنية ديغول وكنت أقوم بإشارات عمودية بينما الصينيون لا يقومون إلا بإشارات أفقية ولهذا فإنّ حركاتي أضحكتهم كثيرا"، واستأنف قائلا:"هل تعلمين أنّني رفقة مصطفى كاتب، طه العامري، عبد الحليم رايس، سيد علي كويرات وأحمد وهبي كوّنا فرقة "الرحابة للرقص" وتعلّمنا أصول الفن في مدّة أسبوع؟ كلّ هذا من أجل الجزائر، من أجل إظهار الثقافة وشخصية الجزائر للعالم وجمع الأموال للثورة وضدّ ما قالته فرنسا على أنّها تمتد من دانكارك إلى تمنراست". ولا ينسى جعفر بك حينما أغشي على الكثير من النساء التونسيات حينما تأثّرن بمشهد الاغتصاب في مسرحية أبناء القصبة رغم أنّه مثّل بطريقة شبه رمزية أو في طرابلس بليبيا حينما لم يحتمل شخص من الجمهور تمثيلية فريد علي الذي كان يلعب دور ضابط فرنسي فعل الأفاعيل ضد الجزائريين فأخرج مسدسه وكاد يضربه لولا أن أوقفه البعض الآخر صارخين "ما هذه إلا تمثيلية يا هذا!". أجمل يوم في حياتي..يوم الاستقلال وعن الاستقلال يعّبر عمي جعفر عن فرحته فيقول"سئلت كذا مرّة عن أجمل يوم في حياتي فقلت: "الاستقلال".. نعم فالاستقلال نعمة كبيرة جدا والحرية هبة من الخالق ما أحلاها، فطالما تمنّيت أن يكون التقني والمصوّر والصحفي جزائريا وليس فرنسيا، وتحقّق ذلك فيا فرحتاه، وعندما عدت إلى الجزائر بعد الاستقلال توجّهت إلى الإذاعة والتلفزيون وكان ذلك يوم السبت 28 أكتوبر1962قيل لي اليوم سيصبح التلفزيون جزائريا مائة بالمائة، وشاهدت جنودا يصعدون إلى الطوابق العليا ومن بينهم جندي واحد أنزل العلم الفرنسي ومن ثمّ طلب منا أن نحرس العتاد التلفزيوني كالكاميرات الكبيرة حتى لا يأخذوها معهم، وأذكر أنّني قرأت جملة مكتوبة بالطباشير تقول: "يا غير العارفين، حاولوا الآن تشغيل التلفزيون"، ونحن شغّلنا التلفزيون رغم الصعوبات التي واجهناها، تعبنا واشتغلنا ليل نهار حتى لا يتوقّف البث وقد كنت مخرجا إذاعيا، وتقرّر إرسال شباب إلى الخارج لاكتساب المعارف التقنية فأسعدنا ذلك واشتغلنا أكثر في غيابهم منتظرين عودتهم وحين عادوا، وضعونا على الهامش!". وفي الإذاعة أطلق جعفر بك أوّل حصة منوّعات تحت عنوان "بشاشة" والتي تحصّل بها على جائزة "المفتاح الذهبي" في مهرجان المنوعات ببراغ وحصة "ارتجالية" التي ابتكر من خلالها أسلوبا جديدا يعتمد على اختيار الجمهور عبر الهاتف لبرنامجه المفضّل قد يكون سكاتش أو أغنية من الشعبي أو طابع آخر، وحصة أخرى" منكم وإليكم" تتنقل خلالها الكاميرا إلى الشارع وتنقل اختيارات الجمهور. سكاتشات من الواقع..لا تهتم بالمناسبتية ألّف ومثّل جعفر بك في سكاتشات تعالج مواضيع تمسّ المجتمع الجزائري من بينها البيروقراطية، وهذا من وحي ما حصل له مع عامل إداري فقال" بقيت ستة أشهر وأنا أراقب العامل الإداري الذي صعّب من مهمة حصولي على وثيقة واستطعت أن أؤلف سكاتشا وأن أمثّل دور هذا العامل حيث يكون جالسا في مكتبه ويأتي إليه رجل يريد الحصول على وثيقة ويبدأ هذا العامل في طلب وثائق كثيرة حتى يصّعب من مهمة المواطن ولكن هذا الأخير يكون في حوزته كلّ الوثائق المطلوبة حتى التي لا جدوى منها كتذكرة الحافلة وفي الأخير يشعر العامل بالدوران فيطلب كوبا من الماء ويكون المواطن دائما في الخدمة ويقدّم له مشروبه الغازي".! وفي هذا السياق، تأسّف عمي جعفر كثيرا حينما شاهد هذا السكاتش في سلسلة "ناس ملاح سيتي" وعّبر عن ألمه قائلا "أين هي حقوق الفنان؟، كيف للقائمين على "ناس ملاح سيتي" أن يأخذوا سكاتشي بدون موافقتي؟، أنا بكلّ فرح وسرور مع الشباب في تقديم خبرتي ولكن لا يجب أن ينسوا حقوقي"، ويستطرد قائلا" هناك قطيعة بين جيلنا الذي يمتلك الخبرة والجيل الحالي، أنا مستعد لمساعدة الشباب رغم أنّني ساعدت العديد في السابق وتنكّروا لذلك"، وينتقل إلى تسمية "ألحان وشباب" الذي يقول أنّه هو الذي تكّلم عنها أوّلا في سكاتش خلال الفترة الاستعمارية وكذا في الخارج لكلّ حقوقه ابتداء من صاحب الفكرة ولكن هذا الأمر غير مطبّق في الجزائر بشكل قطعي. أيضا يحثّ جعفر بك الشباب على النهل من الواقع الجزائري وعدم التقليد الأعمى لما يرونه في الخارج فلكلّ بيئته وخصوصياته التي يجب أن تحترم، فالإبداع موجود بالجزائر، أمّا عن المناسبتية التي تطبع أوجها من الفن في الجزائر، فقال عنها عمي جعفر أنّ "العديد من الناس يسمون السكاتش ب"سكاتش شوربة" وهو ضدّ هذه التسمية فالشوربة هي أكلتنا الخاصة بنا فلا يجب أن نشتمها، متنقلا إلى حديث آخر يتعلق بمدّة السكاتش فيقول: "حسب دراستي لا يستمر السكاتش أكثر من 7 دقائق ورشيد قسنطيني كان لا يستمر سكاتشه في أغلب الأحيان أكثر من ثلاث دقائق وهذا لأنّ التسجيل في وجه واحد للأسطوانة لا يمكن أن يفوت 3 دقائق، وفي هذا الحال إذا أطلنا من مدة السكاتش يصبح ثقيلا وغير مضحك". يعاني عبد القادر شروق أو كما سماه رضا فلكي "جعفر بك" عندما لعب في عرض "ألف ليلة وليلة" دور الوزير جعفر، من مرض السكري والضغط كما أجريت عليه عدّة عمليات في الأذن والبطن ومع ذلك فهو ينتظر أن ترى أعماله الفنية النور وأن يقدّم خبرته لهذا الجيل وهو كما نعرفه دائما لا تفارقه الابتسامة أبدا أو مثلما قال "عندما يشاهد رجل يمشي وهو يضحك يقال عنه أنه إمّا مجنون أو فنان" فنعم الفنان أنت يا "جعفر بك".