يطالب العديد من المتقاعدين ومع اشتداد حرارة الصيف. وأمام انعدام فضاءات مهيأة تحتضنهم لقضاء ساعات طويلة لا تخلو من الملل والروتين بالالتفات إليهم وخلق نواد خاصة بهم تجعلهم يستمتعون بالعطلة الصيفية على غرار الفئات الأخرى من المجتمع، علما أن هؤلاء يقضون يومهم بحثا عن مكان ظليل بالحدائق العمومية وجرعة هواء نقي. يكثر الحديث مع قدوم فصل الاصطياف عن وسائل الترفيه والفضاءات المتاحة للشباب وكذا الأطفال للاستمتاع بأيام العطلة إلا أن لا حديث عن المتقاعدين والمسنين الذين يتخذ أغلبيتهم طيلة السنة من الحدائق العمومية مكانا لقضاء وقتهم، بينما يكتفي آخرون بالبقاء في الحي الذي يقطنونه فإما أن يتجمعوا أمام المسجد وأمام دكان الحي وإما أمام باب المنزل. بحديقة الصنوبر بالابيار أو حديقة صوفيا المحاذية للبريد المركزي على غرار الحدائق العمومية الكائنة بالعاصمة يلتقي يوميا عدد كبير من المتقاعدين الذين يغادرون منازلهم في ساعة متقدمة من الصباح هروبا من الحرارة وأنيسهم في تلك القعدة تحت ظلال الأشجار لعبة الدومينو التي تبقى الوسيلة الترفيهية الوحيدة لديهم. ولا يسعى هؤلاء المتقاعدون الذين ينضم إليهم في كل مرة متقاعدون جدد بعضهم لا يتجاوز سن ال54سنة من وراء ذلك إلا قتل ساعات الملل الذي يراودهم أمام غياب أدنى وسائل الترفيه والترويح عن النفس بينما لا يفوت البعض الآخر من هؤلاء المتقاعدين فرصة تصفح الجرائد والاطلاع على آخر مستجدات الساحة الوطنية والعالمية. ولم يتردد بعض المتقاعدين في المطالبة بتخصيص مساحات مهيأة خاصة بهم تسمح لهم بقضاء الساعات الطويلة في ظروف ملائمة ومريحة. كما يأسف هؤلاء لإختفاء المقاهي التي كانت تجمع شمل هؤلاء المتقاعدين والمسنين حول فناجين القهوة والشاي وهم يتبادلون أطراف الحديث ويستعيدون ذكريات جميلة مرت عليها السنوات. ويروي عمي "أمحمد" الذي سألناه عن عطلة الصيف وكيف يقضيها انه أصبح يعرف جميع حظائر العاصمة بحكم انه زارها كلها وجال بين أشجارها لا لشيء إلا لغرض الترويج عن النفس والقضاء على الملل. أما عطلة الصيف فهي لا تعني شيئا لديه إلا مزيدا من العناء بسبب الحرارة الشديدة التي يتميز بها هذا الموسم. وتساءل المتحدث عن إمكانية إنشاء نواد خاصة بالمتقاعدين في الجزائر كما هو معمول به في العديد من الدول مشيرا إلى المقاهي الشعبية التي كانت فضاء ملائما لهذه الفئة من المجتمع والتي اختفى الكثير منها لتحل محلها قاعات الشاي والمطاعم. "فشيء جميل أن نحال على التقاعد ولكن هل من اهتمام لهذه الفئة التي يبقى مصيرها بعد مغادرة العمل أما البقاء في المنزل أو الخروج إلى الشارع؟ يعلق عمي أمحمد الذي تركناه وهو يبحث عن مكان يقيه حر الشمس.