"جو" كان يريد بناء سينما عربية ومشروعه الأخير كان على الجزائر أكد المخرج السينمائي الجزائري المعروف أحمد راشدي أن الراحل شاهين كان يرغب في وضع لبنات سينما عربية انطلاقا من التجربة التي خاضها في مجال إنتاج الأفلام مع الجزائر. صاحب "الأفيون والعصا " أكد كأول رد فعل له على رحيل صديقه "جو" أن "آخر مشروع لشاهين والذي لم ير النور كان فيلما حول الجزائر وكان مقررا إنتاجه في الجزائر" قبل ان يباغته المرض والموت مضيفا أن "شاهين كان يرغب في وضع لبنات سينما عربية انطلاقا من التجربة التي خاضها في مجال إنتاج الأفلام مع الجزائر". وذكر بأن شاهين كان أول من أخرج فيلما حول الجزائر إبان حرب التحرير الوطني موضحا أن فيلمه حول "جميلة بوحيرد" ساعد الثورة وساهم في التعريف بالقضية الجزائرية. في ذات الصدد أكد راشدي أن الفقيد شاهين كان يود أن يقدم المزيد للقضية الجزائرية وكان يعتبر فيلمه حول جميلة بوحيرد بمثابة فيلم "نضالي". وأكد راشدي أن "علاقة يوسف شاهين مع الجزائر تعود بداياتها إلى الفترة التي أنجز فيها فيلمه حول النكسة العربية لسنة 1967 (العصفور) الذي تم إنتاجه بفضل الوسائل التي وضعتها الجزائر تحت تصرفه". وأردف قائلا "أن المنتجين آنذاك رفضوا دعم فيلمه"، مذكرا بأن دعم هيئة السينما الجزائرية آنذاك والتي كان يشرف عليها وقتئذ فتحت المجال لإنتاج آخر يحمل عنوان "عودة الإبن الضال" الذي شارك فيه ممثلون جزائريون على غرار سيد علي كويرات. كما ذكر المخرج أحمد راشدي بأن الفقيد أنتج أفلاما حول النساء العشر الأكثر شهرة في العالم العربي إبان القرن الماضي لفائدة الإتحاد الأوروبي مؤكدا أنه كرس فيلمين لامرأتين جزائريتين وهما المجاهدة "لويزة إيغيل أحريز" و"مغنية الراي الشيخة"الريميتي " واللذين أشرف أحمد راشدي بذاته على إخراجهما. واستطرد أحمد راشدي في نعيه لفقيد السينما العربية قائلا أنه كان "أحد السينمائيين العرب ذائعي الصيت والأكثر إنتاجا والأكثر رسوخا في الواقع العربي عبر أفلام تظهر أنها شخصية محضة لكن في الحقيقة هي تعمق في البحث في أغوار المجتمع وبرؤية مناضلة لصالح القضايا العربية". كما صرح السيد راشدي أن الإهتمام الذي كان يوليه يوسف شاهين للجزائر إنما يكمن في إعجابه بثقافة المقاومة الراسخة لدى هذا الشعب، وخلص المخرج الجزائري إلى أن الفقيد كان "يعتبر الجزائر بلدا رائدا للمقاومة، كما كان "مقتنعا بأن هذا البلد لطالما أبدى ثقافة مقاومة عالية". يذكر أن مخرج "فجر المعذبين "و"علي في بلاد السراب .." احمد راشدي كان قد قدم رسالة نعي وجهها لوسائل الإعلام رثى فيها صديقه "جو" الذي وري الثرى أمس بمسقط رأسه الإسكندرية بعد أن وافته المنية صباح الأحد بالقاهرة. قال فيها أن "يوسف لم يمت فالشعراء لا يموتون بل يأفلون كما تأفل النجوم أو المصائر لتخلد لراحة أبدية، "جو" لا تحذو حذو ذلك الذي يعتلي خشبة المسرح ثم يهجرها وأهازيج التصفيق تدوي وهو يترقب من خلال الاستماع إلى الإطراء دعوة متفرجيه إلى المثول أمامهم ثانية. فهو يغادر الركح في عتمة ظلام ظرفي مفتعل وولع متفرجيه به لم ينطفئ بعد." ليضيف" لقد قال يوسف شاهين وقد بلغت روحه التراقي إن افتعال الموت خيانة للحياة سانحا لنا كما عهدناه فرصة للإصغاء لصمته وتأويله." قد كان يوسف يقول راشدي - سيقول شيئا لو توسلناه ولكان لسانه سيجري بذلك بابتسامة نبرتها السرور. لربما كان سيقول أن الكتابة والتعبير والتصوير في نظره مغامرة مجهولة المآل يركبها رجال مكبلو الأيدي ولكنهم أحرار اللسان. مسترسلا "كان سيقول ذلك في عدة لغات (منها اللغة التي استحدثها وهي مزيج الفرنسية والإنجليزية والعربية) جعلها سائغة المسمع كما لو أنه يلصق أجزاء مزهرية مهشمة "جو" سيبقى لك دوما مقام في قلبنا". يذكر ان لقاء راشدي وشاهين يعود إلى فجر الاستقلال بمناسبة تظاهرات سينمائية عربية.