تبقى عملية زرع الأعضاء البشرية التي أنشئت من اجلها وكالة وطنية بحاجة إلى التعبئة في الوسط الاجتماعي حتى تلقى صدى يحفز للإقبال على التبرع وبذلك إنقاذ أشخاص في حاجة ماسة إلى مثل هذه الهبة التضامنية لإنقاذ حياة العديد من آراء المختصين. وتخضع هذه الوكالة التي عينت على رأسها السيدة ملكة رحال لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 12 - 167 المؤرخ في شهر أفريل 2012 والتي سيكون مقرها بالجزائر السهر على تطبيق القرارات والتوصيات العلمية و أخلاقيات المهنة في مجال نزع وزرع الأعضاء. وستكون الوكالة الوطنية التي ستتعزز بلجان علمية وبيو أخلاقية الهيئة المنظمة التي تسهر على التنسيق بين مختلف المؤسسات الاستشفائية الجامعية التي تقوم بزرع الأعضاء و تسهل عملية استفادة المرضى من زرع الأعضاء بكل أنحاء الوطن. كما يحدد المرسوم الخاص بإنشاء الوكالة كل الإجراءات المتعلقة بنقل وزرع الأعضاء سواء بالنسبة للشخص الذي يعلن عن التبرع بأعضائه أثناء حياته أو بالنسبة للذي لا يعلن عن ذلك حيث يتم اللجوء إلى استشارة عائلته للموافقة على نقل أعضائه إلى المرضى المحتاجين إليها. وستتوفر الوكالة على بنك للمعطيات و بنك للأعضاء لضبط التسيير و ذلك قبل إعداد بطاقة لزرع الأعضاء لكل مانح يوقعها و هو حي حسب تصريح وزير الصحة وإصلاح المستشفيات السيد جمال ولد عباس الذي أكد انه في حالة الوفاة الدماغية سيتم استعمال أعضائه لإنقاذ مريض ما كما يمكن اللجوء إلى موافقة العائلة في حالة الوفاة المفاجئة. ولترقية ثقافة التبرع ارجع رئيس مصلحة أمراض الكلى بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية نفيسة حمود (بارني سابقا) الأستاذ فريد حدوم العزوف عن التربع الأعضاء بالجزائر إلى عوامل اجتماعية وثقافية داعيا إلى تشجيع هذه العملية على غرار ما هو معمول به بالدول المتقدمة. و من جهته سجل البروفيسور محمد بن عباجي رئيس مصلحة طب الكلى بالمركز الاستشفائي الجامعي حساني ايسعد لبني مسوس أن عدد عمليات نزع أعضاء أشخاص متوفين ضئيل في الجزائر بحيث أنه لا يمثل سوى 7 عمليات من مجموع 1000. و دعا البروفيسور بن عباجي إلى تطوير زرع الأعضاء انطلاقا من أشخاص متوفين "دماغيا" واصفا التبرع بالأعضاء "بثقافة" ينبغي ترسيخها في المجتمع. و اعتبر أنه يمكن الاستفادة من أعضاء حوالي 10 بالمئة من الأشخاص المتوفين على الطرقات أي حصة الأشخاص المتوفين "دماغيا" و تمكين المرضى الذين يزداد عددهم من الاستفادة منها. و دعا المتحدث إلى الاقتداء بمثل اسبانيا التي كانت تحتل المرتبة الأخيرة في أوروبا في مجال زرع الأعضاء و أصبحت حاليا تحتل المرتبة الأولى بفضل العمل التحسيسي للاطباء النفسانيين تجاه العائلات التي فقدت أحد أفرادها. و اعتبر العديد من الأخصائيين أن إشكالية التبرع بالأعضاء في الجزائر ينبغي أن تندرج في سياق عام لقطاع الصحة في الوطن بحيث أنه ينبغي رفع مستوى الخدمات الممنوحة الذي سيؤثر إيجابيا على التبرع بالأعضاء." في هذا السياق أكد علماء في الدين أنه يتعين على العلماء والمختصين المسلمين "الاجتهاد" من أجل "حل المشاكل التي يعرفها مجتمعهم" مشيرين أن "الإسلام لا يشكل عائقا للعلم إن كان يخدم المصلحة العامة للمجتمع". ومن جهته ذكر الدكتور محمد الشريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى أن "الإسلام لا يمانع في أن يستفيد الأشخاص الأحياء من أعضاء متبرع بها من شخص متوفى شريطة أن يكون هذا الأخير قد أعطى ترخيصا مسبقا للعملية". وفي سياق متصل كان قد أوضح الأستاذ مولود عتيق مختص في الجراحة بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في مكافحة السرطان بيار وماري كوري بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا أن تطوير زرع الأعضاء بالجزائر وتغييرات الذهنيات من أجل نزعها من الجثث يتطلب "قبل كل شىء إنشاء الوكالة الوطنية للبيومدسين تتكفل بتنظيم هذه العملية. كما حث مختصون على تطوير التكوين الجامعي والشراكة مع الخارج وتدعيم التشريع من بلوغ المكانة التي وصلت إليها الدول المتقدمة وضمان مصالح تعمل 24 سا/24سا للتكفل بزرع الأعضاء بالجزائر . ولتطوير هذه العملية أكد مختصون على ضرورة وضع نظام إعلامي وإعلام ألي متطور ووضع قوانين أمن صحي بالإضافة الى سجلات وطنية خاصة بمتبرعي ومتلقي هذه الأعضاء ومتابعة وتقييم العملية . ويرتبط ذلك حسب أطباء بضرورة تشجيع البحث العلمي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة والخلايا الذي وصفه ب"العلاج المتطور الذي يعكس مستوى الطب بالبلد الذي يمارس هذه التقنية" وضرورة سير الجزائر في هذا المجال لان الأمل في الحياة لسكانها سيشهد تمديدا أكثر ". وفي هذا الصدد أوضح الأستاذ بن منصور أن التبرع بالأعضاء يعتبر علاجا ناجعا ويشكل الفرصة الوحيدة في البقاء على قيد الحياة لعدد متزايد من المرضى باختلاف أعمارهم. و تطرق البعض الاخر الى "دور وسائل الإعلام في تحسيس الجمهور بأهمية التبرع بالأعضاء" مبرزا أهمية إشراك المواطن في تجسيد أنظمة الصحة باعتبار ان عملية زرع الأعضاء "تتطلب ثقاقة إتصالية مفتوحة" و"قادرة على التأثير إيجابيا" على المعايير الإجتماعية والممارسات الفردية. للإشارة تسجل ما بين 80 إلى 100 حالة عجز كلوي جديدة كل سنة لكل مليون ساكن وسينتقل العدد الحالي للمصابين من 1400 مصاب إلى 20 ألف مصاب خلال السنوات القادمة و تبلغ تكلفة زرع الكلية الواحدة 5ر1 مليون دج . للاشارة بلغت عمليات زرع الاعضاء التي تم اجراؤها خلال السداسي الاول لسنة 2012 حيث تم تسجيل 82 عملية زرع الكلى و197 للقرنية.