أعيد استحضار عمالقة "الزمن الجميل" للأغنية و الموسيقى العربية بطريقة رائعة من طرف عازف آلة القانون المصري صابر عبد الستار و فرقته خلال السهرة الثانية من المهرجان الدولي للمالوف بقسنطينة. و قد انتاب الجمهور الذي جاء خصيصا لحضور هذا العرض شعور حضور حفلة غنائية لأم كلثوم أو ليلى مراد أو نجاة الصغيرة أو فائزة أحمد أو وردة كرائدات لهذا النوع الغنائي العربي و اللواتي اتخذن كقدوة لثلاثة أصوات نسائية رائعة قادمة من بلاد النيل هن نهاد فتح الله و إيمان عبد الغني و رحاب عمر أو (ثلاثي الطرب الأصيل). و قد غاص الحضور في رحلة عبر الزمن مع أجواء و روح الزمن الجميل للأغنية العربية و قصائدها الكبرى و مؤلفيها الموسيقيين الكبار و موسيقييها و أصواتها الرائعة. نهاد فتح الله واحدة من الأصوات الرائعة التي تغني للعمالقة صرحت أنها لم تقرر بعد أن تغني مؤلفات جديدة لأنها لم تطلع بعد على العمل الذي قد يساوي أو يتجاوز تلك الأعمال التي صنعت مجد سيدات الطرب العربي. و تأسفت صاحبة الصوت الشجي على"الجانب التجاري الذي صار يوجه و يسيطر على الجيل الجديد للموسيقى و الأغنية العربية" مستشهدة برأي رئيس الأوركسترا الذي لا يغفل أي فرصة ليرافع و يطالب ب"الرجوع للمنبع من أجل ترسيخ الموسيقى العربية في الأصالة". و لم يغفل عازف القانون هذا في كلمته التي انتقد فيها بقسوة ميل فناني اليوم إلى "تقليد الموسيقى الغربية بحجة العصرنة"حيث قال " بتقليد الآخرين نحن لا نفعل شيئا إلا إعادة إنتاج نسخا باهتة لفنهم دون اكتساب شيء جديد رغم أن تراثنا غني و يستطيع أن يقدم إلهامات لا تنضب من أجل خلق إبداعات تدخل في إطار الأصالة و هو المنتظر منا" . انها رسالة عازف آلة القانون الذي يناضل من أجل أن تصبح هذه الآلة معترفا بها ك"آلة هامة" في الموسيقى العالمية وتساهم في التواصل الحضاري و الأصالة و التوغل في التقليد الحقيقي و الذي لن يمل أبدا من إبرازها سواء في موسيقاه أو في أحاديثه. و أشار أن التراث لا يزال بعيدا لأن يعتبر ك" معبد مقدس" أو كعمل ينصب له تمثال و إنما يمكن اعتباره "تربة خصبة يجب أن يتأصل فيها الإبداع فيكون أصيلا و يتمكن من تقديم الإضافة للتراث الإنساني". و أكد صابر عبد الستار في الحفل الموسيقي لليلة الأحد بقسنطينة الذي من خلاله عزف قطعا من مؤلفاته الموسيقية الخاصة سمعته كعازف قانون و أيضا كفنان حامل رسالة و قضية الموسيقى العربية.