تشهد أسواق المواشي قبل أيام معدودات عن حلول عيد الأضحى المبارك إقبالا غير عادي من قبل الجزائريين من مختلف شرائح المجتمع قصد جس نبض الأسعار قبل الإقدام على الشراء أضحية العيد ،غير أن إلتهاب الأسعار الذي يعرفه الأسواق المواشي في هذه الأيام أدى إلى عزوف بعض المواطنين للإقتداء بسنّة الخليل عليه السلام. الإقتراض حل إحتياطي من أجل إتمام ثمن الأضحية ومن جملة الوسائل التي يلجأ إليها الجزاريين هو الإستدانة كحل مؤقت لذا يتوجه أغلب أرباب العائلات الجزائرية الذين يحسبون على الطبقة المتوسطة وذوي الدخل الذي لا يتجاوز دخلهم 18 ألف دينار شهريا ، إلى الطلب سلفة من أصدقاهم أو حتى أقربائهم من ميسوري الحال على غرار المؤسسات الذين يشتغلون بها وذلك لمواجهة الارتفاع الغير مبرر وكذا غير المراقب الذي تشهده أسعار المواشي هذه الأيام، وبالتالي يلجؤون إلى التقسيط من المؤسسات التي يعملون بها كحال العديد من الناس منهم السيد محمد "أقترضت مبلغا من المؤسسة التي أعمل بها على أن يسحب من راتبي حتى أستطيع ان أفرح عائلتي وأطفالي." وفي نفس السياق ، أعربت لنا إحدى السيدات أنها إستلفت مبلغ معين من أختها الميسورة الحال لشراء أضحية العيد فحسب تصريحها "لا أملك حلا أخرا فأنا أرملة ومنحة زوجي لا تفي بالغرض ،ولا يمكنني أن أدع أولادي يشاركون الجيران في فرحة العيد ".
إلتهاب أسعار المواشي تحرق الأخضر واليابس وللإستفسار عن الموضوع توجهنا إلى سوق الماشية بالحميز في الدارالبيضاء التي تجاوزت أسعار الماشية مبلغ 35 ألف دينار وهو ما لايتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، حيث أكد لنا منور وهو أب لخمسة أطفال أن دخله لا يتجاوز 32 ألف دينار "أنا أترقب آخر الأيام لعل سعرها سينخفض، لذا لجأت للاقتراض من أجل إتمام ثمن الأضحية". من جهة أخرى، أكد السيد كمال في عمر الخمسين ، أن سعر الماشية لهذا العام ارتفع بشكل مفرط في حين لم نجد تبريرات لذلك ،فحمل صغير يتجاوز سعرة 35 ألف دينار جزائري." ومن جهتنا سألنا بعض الموالون عن سبب إرتفاع سعر الأضحية حيث أرجعه البعض منهم إلى إرتفاع ثمن الأعلاف وكذا إستغلال السماسرة للمناسبة من أجل تحقيق ربح كبير في وقت قصير، كما أن كثرة الطلب خلال أيام العيد يشجع ظهور طفيليات من السماسرة كما أرجعوا ارتفاع الأسعار للمضاربين فهم يشترونها بأسعار معقولة وعادية.
رأي الدين في الإستدانة من أجل شراء الأضحية وفي هذا الصدد، كشف لنا أحد الأئمة أن أضحية العيد تعتبر سنّة مؤكدة وفي الأصل شعيرة دينية، يثاب فاعلها ولا يؤثم تاركها ومن يفعلها يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، كما أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها والذي لا يملك المقدرة فلا حرج عليه. وقد أضاف محدثنا، أن هناك مواطنين لا يملكون حتى لقمة عيشهم ويلجؤون إلى الاستدانة، وبالتالي لا يجوز أن يضع نفسه في ضائقة، لكن في حالة أن الإنسان الذي استلف مبلغا من المال قادر على إرجاعه لأصحابه ولا يسبب له حرجا في تكاليف حياته اليومية، فذلك لا بأس به من باب إدخال الفرحة إلى قلوب الأولاد، أما إذا وجد نفسه بأنه سيقع في حرج ولا يستطيع إرجاع المبلغ فذلك يعتبر حرام عليه ولا يجوز له تطبيق السنة.
المواطنون يطالبون إجراءات ردعية لتجنب شلل العاصمة أيام العيد......والسلطات تستجيب يسارع الولاة عبر مُختلف ولايات الوطن في تجنيد التجار لضمان الحد الأدنى من الخدمة العمومية يومي العيد،حيث دعا الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين إلى تجسيد برنامج المداومة خلال يومي العيد، حيث نادى لإعداد قوائم التجّار المعنيين بالمداومة، والتنسيق بينها وبين مصالح التجارة، ومسؤولي الدوائر، لتنفيذ البرنامج، وحذّر من الاستغلال ورفع الأسعار. وتضمن البرنامج جملة من الإجراءات التي ستمكن التجار من تنظيم المداومة تبدأ بإعداد قوائم للمعنيين بالمداومة على مستوى الأحياء الشعبية والتجمعات السكنية، خاصة بالنسبة للمخابز والخضر والفواكه والمواد الغذائية العامة، والتنسيق مع مصالح مديريات التجارة، ومسؤولي الدوائر لتنفيذ البرنامج وتحسيس التجار بالحرص على تحكيم ضمائرهم بضمان خدمة المواطنين والمناوبة خلال أيام العيد، وتحذير الانتهازيين من إستغلال نقص العرض والمضاربة في أسعار الخبز أو الخضر والفواكه. ولتجنب التمديد غير المبرر لعطلة العيد ،كما دعا البرنامج جميع التجار وأصحاب الخدمات المباشرة بفتح محلاتهم بدء من يوم 29 أكتوبر 2012. وفي هذا الإطار أفاد المكلف بتنظيم الأسواق والمنافسة لدى مديرية التجارة أنه سيتم ابتداء من اليوم الاثنين إشعار المتعاملين المعنيين من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة لضمان المداومة يومي العيد. وهو الإجراء الذي اتخذ بقرار من والي الولاية طبقا للتعليمة الوزارية ل11 أكتوبر 2012 التي تتعلّق بتنظيم غلق المحلات التجارية بمناسبة العطل السنوية والأسبوعية والأعياد الرسمية. ويخص هذا الإجراء الهادف إلى ضمان تموين المواطنين بانتظام بالمواد الأساسية محلات المواد الغذائية العامة والمخابز والملبنات والمطاحن استنادا إلى ذات المصدر. وحرصا منها على تطبيق إجراء المداومة يومي العيد فإن مديرية التجارة قامت بتجنيد أعوان المراقبة للسهر على احترام البرنامج المسطر فإن "كل إخلال بقرار المداومة" سيعرض صاحبه للغلق الإداري لمتجره لمدة 30 يوما على الأقل. وفي هذا الإطار لقت هذه الإجراءات إستحسان المواطنين الذين عبروا عن إطمأنانهم لضمان سير الحركة التجارية خاصة في العاصمة مع توفر الحد الأدنى من الخدمة بالنسبة للمواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع كالخبز والحليب مع الحفاظ على ثبات الأسعار وعدم المضاربة بها لإستغلال المناسبة الدينية .