أمتع المخرج إسلام عباس و فرقته الشابّة التي أدّت " نساء بلا ملامح" .. هو جمهور بغداد في اليوم الثالث من ايام مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي 2012 على قاعة المسرح الوطني ببغداد, اقتباس رابح هوداف عن الكاتب عبدالامير شمخي واخراج اسلام محمد عباس, تمثيل: مداح احمد, وبن عمرة امال, وناديه علي الحسنات, وبسعدي صوريه. فبلغة حوارية عالية يكشف العرض عن صراع الانوثة مع المحيط المتسلط والعابث بانسانيتها وعذريتها, فكنا امام (ثلاث فتيات) و(سجان) في بقعة مكانية حددها المخرج وضيقها بالفضاء الابيض بشكل شبه دائري, ووسط كل العذابات والتأوهات يحاولن الخلاص باحثات عن ضوء يلوح في الافق بعد ان فقدن حريتهن وعذريتهن بالقهر والاستلاب والاغتصاب من قبل سجانهن الآمر الناهي, لنجد انفسنا امام ضحية اجتماعية تبحث لها عن هواء نقي يأخذها معه لانها تستحق هذه الضحية الطيران, لكن ما من منقذ سيأتي, ويبدو ان حكاية النص تتعالق وتتناص كثيرا مع عدد من النصوص المسرحية الاجنبية والعربية. وقد كانت المسرحية التي شاركت بفعاليات مهرجان المسرح المحترف قد أسّسست إلى فضاء عرضه المسرحي المتناسق ذي الدلالات الواضحة والمنسجمة مع فكرة العرض, الا ان ثبوتية الشكل جعلته في سكونية اجهضت صورته التشكيلية واودت بنا الى ذلك الضجر او الملل الشيطاني المسرحي الذي حذرنا منه (بيتر بروك) كثيرا, باستثناء التحول الشكلي الذي حدث في المشهد الاخير بعد كثير من التكرارت والملفوظات الحوارية السردية التي اعتمدها عليها العرض كذلك التكرار الحركي والجسدي لتشكيلات وحركات موضعية جاهدت على عدم التكرار ولم تفلح, وكانت هي ايضا عاملا تفعيليا ثانيا لملل اكبر كان من الممكن تداركه حتى نصل الى نهاية عرض واحدة وحاسمة لا الى ثلاث نهايات توقعها افق التلقي على طول زمن العرض. و كان التمثيل في المسرحية هو (البطل) المهيمن ، فكنا امام اربعة ممثلين شباب واعدين كشفوا عن موهبة مسرحية أدائية خلاقة تنافست في التعبير والكشف عن قدراتها بطريقة مشروعة ومقنعة. وكان التمثيل عاملا مهما في تواصلية التلقي على طول زمن العرض برغم تخلخل ايقاعه. لقد برز الالقاء المسرحي بنطقه المنضبط وخلوه من اخطاء اللغة المعتادة والتي لا يعبأ بها اغلب شبابنا المسرحي مع الاسف. كذلك حقق التقمص هنا مكانة مهمة فكانت الممثلات الثلاث (بن عمره وناديه وبسعدي) يتساوين في المستوى الادائي لدرجة الشعور احيانا اننا ازاء ممثلة واحدة شطرها المخرج الى ثلاث شخصيات, اذ كانت ادوات الممثل كالصوت والحركة والفعل الداخلي تعمل بانضباطيه محكمة ومدروسه والحال نفسه مع الممثل الشاب (مداح احمد) الذي نجح في التفريق بين تحولات شخصيته المتضادة نفسيا وادائيا.