دراما سيكولوجية قدمها مسرح النوارس للبليدة في ثالث أيام المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي تخوض غمار منافساته فرق جزائرية وعربية. مسرحية ”نساء بلا ملامح” سلطت الضوء على موضوع الأنوثة المغتصبة الذي جسدت تفاصيله ممثلات أبدعن في نقل معاناة المرأة إلى خشبة المسرح. نص قُدِم باللغة العربية الفصحى التي لم تجد لها سبيلا في الانسجام مع أغلبية الحضور الذين اعتبروا أن الفصحى أبعدت الطرح عن محاكاة عمق المجتمع الجزائري الذي تعوّد على التلقي باللهجة العامية، خاصة وأنها تعالج همومه وانشغالاته، وهو مؤشر آخر عن الصعوبات التي تعيق مسار التحديث في المسرح الجزائري بشكل خاص والعربي بصفة شاملة. المسرحية عرضت على خشبة محي الدين بشطارزي وهي مقتبسة عن نص للكاتب المسرحي العراقي عبد الأمير شمخي ”نساء مومسات”، لكن الطرح الجزائري اصطدم بهذا الموضوع الطابو الذي لا يتجرأ حتى المسرح المعاصر على تناوله، الأمر الذي أكده مخرج العمل محمد إسلام في حديث له مع ”الفجر”، إذ قال إن اختياره لعنوان ”نساء مغتصبات” فرضته حتمية التعامل مع المسائل الحساسة داخل مجتمعنا الذي لا يزال منغلقا أمام العديد من القضايا، فكانت المسرحية إسقاطا على مرحلة العشرية السوداء التي عانى خلالها الشعب الجزائري الأمرّين، واغتصبت حقوقه مثل ما اغْتصِب حق الأنوثة لدى المرأة الجزائرية والذي قبرته قوانين وضعها مستبدون لسنوات طويلة فكانت بصمة عار وَأَدَتْ الإنسانية بكل معانيها السامية. العمل كشف تسلط الرجل الذي يَظهر كشبح يتربص بحياة المرأة ويساومها على رد اعتبارها بمقابل بخس لا مرادف له غير الدناءة، ألا وهو الخيانة، في محاولة لوضعها أمام خيارين أحلاهما مُرٌّ ضمن لعبة حياة صعبة حاكها القدر ونسج تفاصيلها استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.