إطلاق عملية رقابية وطنية حول النشاطات الطبية وشبه الطبية    يجسد إرادة الدولة في تحقيق تنمية متكاملة في جنوب البلاد    ملك النرويج يتسلم أوراق اعتماد سفير فلسطين    ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على غزة    مقتل مسؤول سامي في هيئة الأركان العامة    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    بالذكرى ال63 لتأسيس المحكمة الدستورية التركية، بلحاج:    بيع أضاحي العيد ابتداء من الفاتح مايو المقبل, بالولايات ال58    المرأة تزاحم الرجل في أسواق مواد البناء    الدبلوماسية الجزائرية أعادت بناء الثقة مع الشركاء الدوليين    الاستفادة من التكنولوجيا الصينية في تصنيع الخلايا الشمسية    النخبة الوطنية تراهن على التاج القاري    15 بلدا عربيا حاضرا في موعد ألعاب القوى بوهران    التوقيع بإسطنبول على مذكرة تفاهم بين المحكمة الدستورية الجزائرية ونظيرتها التركية    مزيان يدعو إلى الارتقاء بالمحتوى واعتماد لغة إعلامية هادئة    مداخيل الخزينة ترتفع ب 17 بالمائة في 2024    وزير الاتصال يفتتح اليوم لقاء جهويا للإعلاميين بورقلة    رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني تستقبل ممثلين عن المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين    إبراهيم مازة يستعد للانضمام إلى بايرن ليفركوزن    اجتماع لجنة تحضير معرض التجارة البينية الإفريقية    متابعة التحضيرات لإحياء اليوم الوطني للذاكرة    رئيسة مرصد المجتمع المدني تستقبل ممثلي الجمعيات    الكسكسي غذاء صحي متكامل صديق الرياضيين والرجيم    60 طفلًا من 5 ولايات في احتفالية بقسنطينة    وكالات سياحية وصفحات فايسبوكية تطلق عروضا ترويجية    انطلاق فعاليات الطبعة الخامسة لحملة التنظيف الكبرى لأحياء وبلديات الجزائر العاصمة    الجزائر وبراغ تعزّزان التعاون السينمائي    ختام سيمفوني على أوتار النمسا وإيطاليا    لابدّ من قراءة الآخر لمجابهة الثقافة الغربية وهيمنتها    قانون جديد للتكوين المهني    استقبال حاشد للرئيس    المجلس الشعبي الوطني : تدشين معرض تكريما لصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    رئيس الجمهورية يدشن ويعاين مشاريع استراتيجية ببشار : "ممنوع علينا رهن السيادة الوطنية.. "    تنصيب اللجنة المكلفة بمراجعة قانون الإجراءات المدنية والإدارية    توقيع عقدين مع شركة سعودية لتصدير منتجات فلاحية وغذائية جزائرية    عطاف يوقع باسم الحكومة الجزائرية على سجل التعازي إثر وفاة البابا فرنسيس    الأغواط : الدعوة إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    عبد الحميد بورايو, مسيرة في خدمة التراث الأمازيغي    انتفاضة ريغة: صفحة منسية من سجل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي    الرابطة الثانية هواة: نجم بن عكنون لترسيم الصعود, اتحاد الحراش للحفاظ على الصدارة    النرويج تنتقد صمت الدول الغربية تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة    نشطاء أوروبيون يتظاهرون في بروكسل تنديدا بالإبادة الصهيونية في غزة    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة: فتيات الخضر من اجل التدارك ورد الاعتبار    جمباز (كأس العالم): الجزائر حاضرة في موعد القاهرة بخمسة رياضيين    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    بلمهدي يحثّ على التجنّد    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء الحرب الأروبية على النقاب و الحجاب
قراءة في الكتاب الجديد للدكتور ممدوح الشيخ
نشر في المسار العربي يوم 30 - 11 - 2010

يأتي كتاب ممدوح الشيخ الجديد محاولة لفهم الثقافة الأوروبية التي وضعنا الحجاب، ومن بعده النقاب، أمام حقيقتها كاشفا عن أصوليتها العلمانية وتصلبها ورفضها العدواني ل "الآخر" الديني والقومي والثقافي.
يستهل المؤلف كتابه الذي اختار له عنوان " الإسلام في مرمى نيران العلمانية الفرنسية: ما وراء الحرب الأوروبية على الحجاب والنقاب" بالقول: إن هذا الكتاب ليس عن "شهيدة الحجاب" الصيدلانية المصرية مروة الشربيني، وإن كان استشهادها سببا من أسباب صدوره، وهي تكاد تطل من صفحاته.
والرسالة التي يتضمنها الكتاب هي في المقام الأول، الدعوة لتقصي جذور الأزمة في موقف الثقافة الأوروبية، وبخاصة الثقافة الفرنسية التي وضعت الثورة الفرنسية حجر أساسها، فالشجب والغضب تعبيران عاطفيان – وهما يستحقان التقدير – لكن الفهم قد يكون أعمق أثرا، وبخاصة بالنسبة للمستقبل. ولقد أصبح الزي الإسلامي رمزا للمواجهة بين العالم الإسلامي وأوروبا. وكشفت التجربة – ضمن ما كشفت – أن المحيط الأطلنطي أصبح يفصل بين تشكيلين حضاريين تزداد المسافة بين موقف كل منهما من الدين. فبينما تزداد أميركا تدينا، تزداد أوروبا ابتعادا عن الدين وتقييدا ودوره في الشأن العام.
الباب الأول عنوانه: "المسلمون واليهود في سلة واحدة!" ويخصصه المؤلف لرصد حقيقة مثيرة هي أن الحرب على الحجاب والنقاب إعادة إنتاج ل "المسألة اليهودية". ولقرون كان كلاهما في الوجدان الأوروبي "عدوا". وفي الحروب الصليبية كانت جيوش الصليبيين حيثما مرت تبيد جماعتين: المسلمين واليهود. وبعد زوال الدول الدينية من أوروبا أصبح اليهود عدوا لمعظم التشكيلات القومية الكبرى في أوروبا، أما العداء للإسلام فقد لا يحتاج لمن يؤرخه. ويستعرض المؤلف كذلك تجربة المسلمين واليهود في أفران الغاز النازية!كما أن قانون الرموز الدينية الفرنسي حظر ارتداء القلنسوة اليهودية كما حظر ارتداء الحجاب.
"ضد الحجاب أم ضد الدين والتدين؟" سؤال يحاول الفصل الثاني الإجابة عنه، وللإجابة عنه يفرد المؤلف قسما من الفصل لإشكالية تعريف الدين. ويؤكد الكاتب أن أزمة الثقافة الأوروبية مع الدين بدأت في عصر التنوير حيث كان بداية "تأسيس معرفي" للمفاهيم الرئيسة الحاكمة للاجتماع الإنساني لا مجرد تغيير في هيكلية السلطة أو الموقف من "السلطة الكنسية". وفي إطار هذا التحول ظهر مفهوم جديد للدين سرعان ما أصبح جذرا لسلسة من التعريفات التي كان جميعها – تقريبا – لا ينطبق على الأديان السماوية وبخاصة الإسلام واليهودية. والخلاف في تعريف الدين نشأت عنه رؤيتان إحداهما تبنتها الدولة المركزية التي ولدت مع انهيار السلطة السياسية للكنسية بدءا من صلح وستفاليا (1648)، وتمت ترجمة هذه الرؤية النظرية في برنامج عمل عرف باسم "التحديث".
في الفصل الثالث: "الأيديولوجية العلمانية" يناقش المؤلف تحول العلمانية – بالتحديد في أوروبا – إلى "أصولية"، ويشير في هذا السياق إلى أن بعض علماء الأديان اقترح النظر إلى العَلمانية على أنها دين غير سماوي، والممارسة العَلمانية تتشابه مع بعض الممارسات الدينية وبخاصة في قضية تمفصلها مع الشأن السياسي. فمثلاً تستند العَلمانية لمسلمات عن الخير والشرّ وتُعلي خيارات أخلاقية (مثل تأكيد النفعية أو نفيها)، وهذا موقف فلسفي واختيار ثقافي لا تُجلب إليه الأدلة، بل يقبل أو يرفض وليس له دليل عقلي أقوى من الأدلة العقلية على غيره من المعطيات الفلسفية. كما تتضمن العَلمانية مسلّمات حول وظيفة الإنسان في الكون ودوره وحول طريق السعادة الأمثل وحول طريقة العيش الرغيدة. وكل هذه مسبقات مفترضة يمكن أن تُستجلب إليها الأدلة ولكن لا تُبنى على الأدلة. كما تشمل العَلمانية الحديثة إيماناً بنوع من الغيب الأرضي، فمفهوم الندرة الاقتصادي أو مفهوم البقاء للأشرس الاجتماعي أو مفهوم نهاية التاريخ، إنما هي غيبيات تُصاغ بشكل علمي وتُستدعى إليها الدلائل بشكل انتقائي.
ويفرد ممدوح الشيخ فصلا يناقش فيه "الحجاب والنقاب بين علمانيتين"، ففي مقارنة تظهر الفرق الجوهري بين العلمانيتين الفرنسية والألمانية قال وزير الداخلية نيكول ساركوزي: "على من لا يحب الجمهورية الفرنسية الانتقال للعيش في بلد آخر". ويؤكد المؤلف أن ثمة أبعاد ملازمة للعلمانية الفرنسية التي لم تكن محايدة إزاء شؤون الدين والمجتمع المدني عامة لأنها كانت من طبيعة جذرية مقاتلة، وذات وجهة معادية للكنيسة الكاثوليكية خاصة وللدين عامة.
ويخصص المؤلف فصلا لقضية "البعد الجسدي (الجنسي) في الحرب على الحجاب والنقاب" فوراء الرفض الواضح للحجاب والنقاب أبعاد ثقافية واعية في الفكر الأوروبي تدفع باتجاه الرغبة في "استئصال" الزي الإسلامي كونه علامة على ما يعتبرونه قهرا للجسد الأنثوي. ومن القضايا المهمة التي تكشف عنها القراءة المعرفية لعلاقة الأوربيين بالشرق – وبالتحديد في إطار حركة التوسع الاستعماري – أن العلاقة الاستعمارية مع الشرق تبدو في صورة المستعمر الذكر والمستعمرة الأنثى في لقاء جنسي، وكتاب الرحلات الغربيين في القرن التاسع عشر استخدموا في أغلب الأحيان الصور الجنسية لخلق وتعزيز المنزلة البطولية لكثير من المستكشفين والرحالة الذكور الذي كتبوا عن فتح واختراق القارات المجهولة، والمتميزة غالبا بخصب الطبيعة الخضراء والنساء. هذه الازدواجية بين الفتحين الجنسي والاستعماري أدت إلى تأطير المشروع الاستعماري ضمن إطار معترف به. وفي هذا الإطار وصفت كتب الرحلات الشرق في كثير من الأحيان بأنه "المؤنث الأبدي".
وتحت عنوان "الجزائر تلقي الحجاب" كتب الطبيب المناضل فرانز فانون – ابن جزر الأنتيل – في كتابه "سوسيولوجيا ثورة" ما يعد أحد أكثر الدراسات تميزا وسبقا في تحليل هذه العلاقة، عبر تجربة الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي يمثل المواجهة الأكثر عنفا بين فرنسا والإسلام. وقد كانت أول مشكلة في الزي الإسلامي أنه "يبدو ثابتا إلى حد أنه يكفي بصورة عامة لتمييز المجتمع العربي"، وبالحجاب تتعين الأشياء وتتنسق، فالمرأة الجزائرية في نظر الملاحظ هي "تلك التي تتستر وراء الحجاب".
وقد تحول الحجاب إلى معركة ضخمة عبأت قوى الاحتلال من أجلها أغزر الموارد وأكثرها تنوعا، وأظهر فيها المستعمر قوة مذهلة. وقد حدث أن "المسئولين عن الإدراة الفرنسية في الجزائر، وقد أوكل إليهم تحطيم أصالة الشعب مهما كان الثمن وزودوا بالسلطات لممارسة تفتيت أشكال الوجود المؤهلة لإبراز حقيقة وطنية من قريب أو بعيد" وقد عملوا على بذل أقصى مجهوداتهم ضد ارتداء الحجاب بوصفه "رمزا لتمثال المرأة الجزائرية". والأخصائيون في المسائل التي تدعى بمسائل السكان الأصليين والمسئولون في الدوائر المختصة بالعرب "نسقوا عملهم بالاستناد إلى تحليلات علماء الاجتماع وعلماء الأخلاق". وتم العمل وفقا للصيغة المشهورة: "لنعمل على أن تكون النساء معنا وسائر الشعب سيتبع".
الباب التالي يناقش المؤلف الصلة المتنامية بين الهوية والديموغرافيا والنبوءات والتحذيرات التي تتكاثر كالفطر من الميزان الديموغرافي في أوروبا وتأثيراته على هويتها. وفي فصلٍ تالٍ يناقش ممدوح الشيخ "الدين وحقوق الإنسان بين فرنسا وأميركا"، وكيف أن أميركا وبريطانيا أدانتا "قانون الحجاب" وحظر النقاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.