دعا وزراء داخلية فرنسا وألمانيا وبريطانيا الأحد إلى عقد لقاء وزاري أوروبي لمعالجة قضية الهجرة غير الشرعية. وطلب وزراء الدول الثلاث، وهم الفرنسي برنار كازنوف والألماني توماس دي ميزير والبريطانية تيريزا ماي، من لوكسمبورغ كرئيسة للاتحاد الأوروبي تنظيم لقاء لوزراء العدل والداخلية للدول الأعضاء خلال الأسبوعين القادمين من أجل تحقيق تقدم ملموس في حل قضية المهاجرين. جاء ذلك في بيان صدر في ختام لقاء أجراه الوزراء الثلاثة في باريس على هامش اجتماع الدول الأوروبية التسع حول سلامة وسائل النقل. وجاء في البيان أن الوزراء الثلاثة أشاروا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة أمام التحدي المتمثل بتدفقات المهاجرين غير الشرعيين إلى القارة الأوروبية. كما ذكروا أهمية إنشاء مراكز في اليونان وإيطاليا مراكز خاصة قبل نهاية العام الحالي كالحد الأقصى، وظيفتها فصل أشخاص يمكن منحهم حق اللجوء في أوروبا وآخرين يشكلون ينتمون إلى المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين. وحث وزراء فرنسا وألمانيا وبريطانيا على عدم التباطؤ في وضع قائمة موثقة لجنسيات المهاجرين الأصلية، وذلك كإجراء لا بد منه لإكمال بلورة نظام أوروبي مشترك خاص بمنح اللجوء، وحماية اللاجئين وضمان فعالية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم. يذكر أنه خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بلغ عدد المهاجرين الوافدين إلى حدود الاتحاد الأوروبي 340 ألف شخص مقابل 123500 شخص خلال الفترة نفسها من العام الماضي، حسب وكالة "فرونتيكس" المعنية بالحدود الخارجية لمنطقة شنغن. وتتكاثر الكوارث التي تحل بهؤلاء الذين يبحثون عن حياة أفضل في أوروبا، سواء في مياه البحر المتوسط حيث مات أكثر من 2300 مهاجر غرقا منذ مطلع العام الجاري، أو داخل أراضي الاتحاد الأوروبي، كحادث العثور على جثث 71 مهاجر في شاحنة بالنمسا.
وزيرة الداخلية البريطانية تقترح ترحيل مهاجرين أوروبيين عاطلين عن العمل
اقترحت وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي ترحيل مهاجرين وصلوا إلى المملكة المتحدة من دول الاتحاد الأوروبي ولم يجدوا العمل في بريطانيا.
وفي مقالة نشرته صحيفة "صنداي تايمز" اللندنية الأحد، اعتبرت ماي إن تعطل نظام الهجرة الأوروبي هو الذي يؤدي إلى اختلال كبير في التوازن وتدفق أعداد هائلة من المهاجرين من دول أخرى. وبحسب الوزيرة، فإن "السبب الرئيسي لإخفاقنا في تحقيق الهدف المنشود هو بيانات صافي الهجرة (أي الفرق بين عدد الوافدين من أجل الإقامة والذين غادروا البلاد)، مشيرة إلى أنه خلال العام الماضي زاد عدد الوافدين إلى بريطانيا عدد المغادرين بنسبة 330 ألف شخص. وأضافت: "في الوقت الذي انخفض فيه معدل صافي الهجرة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 10% بالقياس مع العام 2010، فإن صافي الهجرة من دول الاتحاد ازداد الضعفين". وأكدت ماي أن هذا يدل على أهمية مراجعة العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، معربة عن اعتقادها بأن هذا الاقتراح يتفق تماما مع مبدأ حرية تنقل مواطني الاتحاد الأوروبي داخل أراضيه، لأن هذا المبدأ كان يعني وقت تبنيه حرية التنقل من أجل العمل وليس من أجل البحث عن فرص عمل أو طلب إعانات للعاطلين عنه. هذا وانتقد ماي سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة، قائلة إن أبعاد الكوارث التي ترافق تدفق المهاجرين نحو القارة الأوروبية هي نتيجة "النظام الأوربي الذي لا يعرف الحدود (الداخلية) ومنطقة شنغن التي لم تكن بريطانيا أبدا جزءا منها".
أعلنت أجهزة الأمن الهنغارية الأحد أنها اعتقلت ليلة السبت إلى الأحد مواطنا بلغاريا يشتبه به بالضلوع في فاجعة العثور على جثث 71 مهاجر في شاحنة متروكة على طريق سريع في النمسا. وكانت الشرطة الهنغارية قد اعتقلت الجمعة الماضي أربعة أشخاص هم ثلاثة بلغاريين وأفغاني في إطار التحقيقات الجارية في الحادث. ومثل المعتقلين الأربعة أمام محكمة في مدينة كيسكيميت الواقعة بين العاصمة بودابست والحدود بين هنغاريا وصربيا.
خبراء أوروبيون يستبعدون تسلل متشددين بين المهاجرين
يقول خبراء أمنيون، تربطهم صلات وثيقة بالحكومات ووكالات الاستخبارات، إن "خطر دفع تنظيمات مثل الدولة الاسلامية ببعض المتشددين للتسلل إلى أوروبا بين صفوف موجة المهاجرين الهائلة يعد خطرا أقل بكثير مما لمح إليه بعض الساسة". وتوضح الوكالة المسؤولة عن إدارة الحدود في الاتحاد الاوروبي (فرونتكس) أن "أكثر من ثلث مليون مهاجر ولاجئ دخلوا الاتحاد الاوروبي هذا العام، أغلبهم عن طريق ايطاليا واليونان والمجر بنهاية شهر تموز". وما إن يدخل الوافدون الجدد إلى منطقة شنغن حتى يصبح من حقهم السفر عبر 26 دولة، من دون قيد أو شرط. وكثير من هؤلاء الوافدين من دول مثل سورياوالعراق حيث يتمتع تنظيم الدولة الاسلامية بالنفوذ في مناطق شاسعة. ودفع ذلك أحزابا مناهضة للهجرة، مثل رابطة الشمال في ايطاليا، وحزب الاستقلال في بريطانيا، لإصدار تحذيرات شديدة من خطر تسلل متشددين بين المهاجرين. حتى ينس شتولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، قال للصحافيين في أيار، "بالطبع إحدى المشاكل أنه ربما يكون هناك مقاتلون أجانب. ربما يحاول إرهابيون الاختباء، للاندماج بين المهاجرين". لكن مثل هذه التحذيرات تقابل بالريبة من جانب الخبراء الأمنيين، الذين يشيرون إلى أن تدفق المقاتلين ظل في الأساس في الاتجاه المعاكس، أي من أوروبا صوب الشرق الأوسط. وقال كلود مونيكيه، ضابط المخابرات الفرنسي السابق، الذي يرأس المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن في بروكسل، "لا حاجة بالدولة الاسلامية لتصدير مقاتلين إلى أوروبا لأنها تستورد المقاتلين من أوروبا". وأضاف "يوجد من خمسة إلى ستة آلاف أوروبي إما موجودون في سوريا أو زاروها وغيرهم يرحلون إليها طوال الوقت. لذلك فمن الصعب تبين الميزة التي تجعل الدولة الاسلامية تصدر السوريين أو العراقيين الذين يتكلمون العربية ويعرفون العراقوسوريا والذين تحتاج إليهم هناك". أما بالنسبة للمتطوعين الاوروبيين الذي تدربوا وقاتلوا في العراق أو في سوريا ويريدون العودة إلى بلادهم خلسة دون أن يكتشف أحد أمرهم ففكرة الاختباء بين مجموعات كبيرة من المهاجرين قد تبدو مغرية بعض الشيء. لكن المخاطر كبيرة. فقد هلك ما يقرب من 3600 شخص وهم يحاولون الوصول إلى إيطاليا واليونان وأسبانيا عن طريق البحر خلال الإثنى عشر شهرا الأخيرة حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة حتى قبل أنباء غرق سفينة أخرى قبالة الساحل الليبي يوم الخميس الماضي واكتشاف جثث 71 لاجيء في شاحنة بالنمسا. حتى من يكملون الرحلة إلى أوروبا فهم يواجهون ظروفا مروعة في الطريق وكذلك احتمال اعتقالهم والتثبت من بياناتهم عند الوصول. وقال ماغنوس رانستورب، مدير الأبحاث بمركز دراسات الأخطار المختلفة بكلية الدفاع الوطني السويدية، "هذه طريقة معقدة للغاية لكي يصل بها الارهابيون إلى الاتحاد الاوروبي. وهناك طرق أسهل كثيرا للتسلل إليه". ورغم كل ذلك فقد ألقت الشرطة القبض على مهاجر في حالة واحدة على الأقل للاشتباه أنه من الارهابيين. ففي مايو أيار احتجزت الشرطة الايطالية مغربيا عمره 22 عاما اسمه عبد المجيد طويل تشتبه تونس أنه عضو في خلية من المتشددين الاسلاميين وراء هجوم أسفر عن مقتل 22 شخصا في متحف باردو في تونس في 18 اوت. وتقول السلطات الايطالية إنه وصل إلى صقلية قبل ذلك بشهر بين مجموعة من المهاجرين على متن قارب انطلق من ليبيا وأنقذت البحرية الايطالية ركابه. ويقول طويل إنه بريء يخوض معركة قانونية حتى لا يتم تسليمه إلى تونس. ثمة سبب آخر حسبما يقول الخبراء الأمنيون يجعل الدولة الاسلامية في غنى عن التفكير كثيرا في تهريب بعض الناس إلى أوروبا وهو أنه "لا يوجد نقص في الذئاب المنفردة من المتشددين في أوروبا". فمن بروكسلوباريس إلى كوبنهاغن، وقعت اعتداءات قاتلة منذ ايار من العام الماضي ارتكبها أشخاص يعيشون في أوروبا ويمكنهم السفر بحرية عبر القارة الاوروبية. ويقول محققون إن "الرجل الذي يتهمه مدعون فرنسيون بالشروع في القتل بقصد الإرهاب على ظهر قطار سريع يوم 21 اوت الجاري، هو مغربي عاش على الأقل في خمس دول أوروبية رغم أنهم يظنون أيضا أنه سافر إلى سوريا عن طريق تركيا هذا العام". وقال رانستورب "كم الناس الذين على اتصال بالدولة الاسلامية - لا الذين ذهبوا إلى سورياوالعراق بل المتعاطفون الذين قرروا التحرك في أوروبا - هو ما يبقي الأجهزة الأمنية على يقظتها في أوروبا". ويقول شيراز ماهر، خبير التطرف في كينغز كوليدج في لندن، إن "فكرة استغلال تنظيم الدولة الاسلامية لأزمة الهجرة لتهريب عملاء إلى أوروبا ليست مستحيلة"، لكنه أضاف أن "ثمة عنصر باستغلال ذلك بطريقة شعبوية من جانب الساسة في تيار اليمين". وتابع "لا توجد حاجة ملحة لارسال أشخاص الآن. وربما يتغير ذلك بمرور الوقت".