نجح المخرج يحيى مزاحم في فيلمه الروائي الطويل ”ألا زبيدة وناس” رفقة طاقم العمل، من خلق متعة بصرية، ناذرا ما نلمسها في الأفلام الجزائرية المنتجة مؤخرا، حيث تغوص أحداثه في قلب بيت عثماني بقسنطينة، يملكه الثري "الحاج" رفقة زوجته "زبيدة"، معهم عائلات جزائرية استأجرت غرفا في هذا القصر التحفة، بعد الإستقلال، حين كان الحايك الأسود لباس المرأة، والسيروال التركي زينة الرجل، أنذاك. الفيلم عرض سهرة أمس الأول بقاعة الموقار وبحضور وزير الثقافة "عز الدين ميهوبي"، وتتمحور أحداثه طيلة 150 دقيقة، حول شخصية "لا زبيدة" التي تتشابك مع كل شخصيات الفيلم، وتؤثر بشكل كبير على تطور الأحداث، خاصة لما ينتابها الشك بأن زوجها على علاقة بإحدى المقيمات في البيت، هذا الشك الذي يتحول إلى غيرة، ثم هوس فجريمة... يشار إلى أن "لا زبيدة والناس" أنتج في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، إخراج "يحيى مزاحم"، وسيناريو " حفيزة مريمش".
جمالية في الصورة وأداء مقنع للمثلين الفيلم بصفة عامة يمكن تقييمه بالجيد، وصنعت المشاهد واللقطات، رفقة الأداء الجيد للمثلين، الفارق، حيث حاول المخرج رفقة المدير التصوير من جعل معظم المشاهد لوحات فنية جميلة، خاصة عند الإستعانة بلقطات مقربة استثمرت في أناقة معمار البيت الذي صورت فيه الأحداث، وتفاعل وجوه الممثلين، واللباس التقليدي المرفوق بحلي النسوة، فتمكن فريق العمل من إيصال طقوس تلك الفترة للمشاهد، بطريقة ممتعة تسمح له بالتجول بين أروقة القصر، والانغماس في تفاصيله الدقيقة، من إكسسوارات، ورسومات معمارية فنية على أعمدته الرخامية، هذه الجمالية في الصورة أكيد لعب فيها دورا كبير مدير التصوير الأجنبي، ويبعث بتساؤل (هل يجب الاستعانة بأجنبي لنصل لمثل هذه النتيجة المقنعة؟) ويحسب للمثلين إتقانهم وإقناعهم في أداء أدوارهم، حيث وفق الفريق في إدارة ممثليه، وأكد نجاح الكاستينغ. البناء الدرامي ل "لا زبيدة والناس" ركز على أحداث صورت معظمها داخل البيت، أين تفاعلت الشخصيات فيما بعضها، كل حسب طبيعته، فهناك المتسلط، الغيور، العاشق، المجرم، والبريء... ليعطينا توليفة مقبولة تمكن من شد انتباه المشاهد وتحثه على انتظار نهاية الأحداث، خاصة بعد تأزمها بحصول جريمة قتل بشعة بين أروقة القصر... نوع من الجرأة في المشاهد، اعتمد عليها مخرج الفيلم، حين وجه الكاميرا إلى النسوة في عز حميمية غرفهن، أين تظهر أجزاء من جسدهن (ليس إلى درجة فاضحة )، ليخلق تباين بين جمال المرأة الأصيلة وهي بيتها، وعفتهن خارج البيت لما يرتدين الحايك الأسود القسنطيني. يشار إلى أن الشخصيات الرئيسية أداها مجموعة من الممثلين الجزائريين والتونسية، فنجد الممثلة التونسية سوسن معالج في دور ”لالة زبيدة” فيما يؤدي دور الزوج أو ”الحاج” الممثل الجزائري يحيى بن معروف.