يتميز الشعب الجزائري خلال الشهر الفضيل بعادات وتقاليد تعود إلى مايملكه من تعدد وتنوع ثقافي وبحكم المناطق و القبائل و العروش التي تمثل نسيجه الاجتماعي ...إلا أن هذا التنوع بزخمه يجد له روابط وثيقة مع باقي الشعوب العربية والإسلامية حيث يختص الشعب الجزائري خلال شهر رمضان المعظم بعادات نابعة من تعدد وتنوع المناطق التي تشكله كما يشترك في كثير من التقاليد مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى . لا تختلف يوميات شهر رمضان الكريم في الجزائر كثيرا عن مثيلاتها في العالم العربي، لكن تبقى اللمسة المحلية موجودة في بعض الطقوس والعادات المحلية التي توارثتها الأجيال أو فرضها الواقع الاجتماعي موجودة، تضفي على حياة الناس نوعا من الخصوصية. تحضيرات لشهر الصيام تبدأ إجراءات التحضير لهذا الشهر الكريم قبل حلوله بعدة بشهور من خلال ما تعرفه تقريبا كل المنازل الجزائرية من إعادة طلاء المنازل وهذا الأمر خاص بالرجال أما النسوة فتعملن على تطهير كل صغيرة وكبيرة فيها علاوة على اقتناء كل ما يستلزمه المطبخ من أواني جديدة وأفرشة وأغطية لاستقبال هذا الشهة . وتتسابق ربات البيوت في تحضير أو شراء كل أنواع التوابل والبهارات والخضر واللحوم البيضاء منها والحمراء لتجميدها في الثلاجات حتى يتسنى لهن تحضير لأفراد عائلتهن ما تشتهيه أنفسهم بعد يوم كامل من الامتناع عن الأكل والشرب. فضلا الى صنع الحلويات ، إلى جانب تحضيرات أخرى تختلف من منطقة الى أخرى حسب العادات المنجذرة منها، التي تحرص عليها العائلات العاصمية لاسترجاع نكهة شهر رمضان وأيام زمان. انتعاش بيع التوابل في الأسواق بحلول شهر رمضان بدأت رائحة التوابل والعقاقير تملأ أرجاء الأسواق العاصمة قبيل حلول شهر رمضان والذي لا يفصلنا عنه إلا عدة أيام فالمتجول في مختلف الأسواق هذه الأيام يلاحظ الكم الهائل من أكياس التوابل المختلفة التي التف حولها المتسوقون، حيث بدأ التجار بالسوق الشعبي بومعطي بالحراش منذ مدة التحضير لاستقبال شهر رمضان الكريم من خلال عرضهم لمختلف السلع المستعملة في هذا الشهر من فريك وعقاقير وأواني ومواد غذائية والتي يكثر الإقبال عليها مثل التوابل خاصة رأس الحانوت وفلف اسود والكمون والعكري والقرفة ....الخ، هذه الأخيرة التي لا تغيب عن مطبخ أي أسرة جزائرية طيلة شهر رمضان. وفي هذا الخصوص تقول السيدة ليلى أنها تفضل أن تقوم بتحضير التوابل بنفسها في البيت فهي لا تعرف للطريقة التي يتم فيها تحضير هذه التوابل خاصة بعد الإشاعات التي راجت المنطقة بسبب خلط مواد أخرى خطيرة على الصحة مع بعض التوابل مضيفة أنها اعتادت على تحضير توابلها بنفسها وقد ورثت ذلك عن جدتها . أواني جديدة لاستقبال رمضان تبركا بالشهر الفضيل تحرص العائلات الجزائرية كثيرا على شراء أواني جديدة في كل موسم رمضان، وهذا ترحبا بالضيف العزيز على قلوب كل المسلمين، إذ تقول السيدة زهرة أنها في كل عام تشتري أواني جديدة في رمضان، إلا أنها تقول أن في هذا رمضان سأشتري فقط بعض الصحون ك فال رمضان حتى لا أقطع هذه العادة التي أخذتها عن والدتي ومن جهة أخرى قالت لنا السيدة نصيرة ربة بيت التي التقينا بها بسوق مرشي 12 ببلكور الشعبي أنها كل عام تشتري قدر جديد لإعداد الشربة فهذا الأمر لابد منه وهو يعتبر كفال طيب لشهر رمضان ولقد أخذت هذه العادة من جدتها وهي تعمل جاهدة لإبقاء هذه العادة لأولادها وبناتها ومن جهة أخرى ترى السيدة وسيلة أنها لا تهتم بشراء أي شيء جديد لاستقبال رمضان بل هي تفضل أن تستعد لعمل الخير ومساعدة الناس الفقراء على أن تتجه إلى الأسواق لشراء الأواني. تهافت النسوة لاقتناء كتب الطبخ عشية رمضان على غرار محلات بيع الأواني التي تشهد انتعاشا كبيرا عشية رمضان تعرف المكتبات و أكشاك بيع كتب الطبخ إقبالا منقطع النظير هذه الأيام من قبل النساء اللائي تعكس صور تهافتهن على هذه الأماكن، تضاعف اهتمامهن بالطبخ العصري و الوصفات العالمية وحتى التقليدية ، أين تجد التجمعات و ترى النساء منكبات يتصفحن الكتب و يتأملن بشراهة الصور الملونة و المغرية، فاعرف أن الأمر يتعلق بكتب الطبخ، بعدما تحولت عادة اقتنائها قبل و خلال المناسبات الدينية إلى ظاهرة تستحق الوقوف عندها، لما يرافقها من هوس البحث عن مؤلفات أي "شيف" جديد يظهر بإحدى الفضائيات العربية أو الأجنبية . تدخل كتب الطبخ في مقدمة مقتنيات كثير من السيدات خصوصا النساء العاملات واللاتي لا تتفرغن في الأيام العادية لإعداد مختلف الأطباق، تجدها تتهافت على هذا النوع من الكتب سواء الخاصة بالأطباق التقليدية أم العصرية منها وهذا لإرضاء أذواق أفراد العائلة. رواج بيع المطلوع والكسرة في شهر الصيام المطلوع ينافس أجود أنواع الخبز لأنه يفتح شهية المستهلك عند الإفطار يكثر عدد بائعي المطلوع في الشهر الكريم عادة، وهو ما أثار انتباهنا خلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى عدة أسواق بالعاصمة خلال هته الأيام التي لا تفصلنا عن شهر العبادة والصيام ، في وقت ازداد الطلب على هذا النوع من العجائن لدى أصحاب محلات مواد الأغذية وكذا في الأسواق. هذا النشاط أصبح له مختصوه من تحضير وإعداد وطهي المطلوع إلى بيعه، وجميعهم يخرج بقسط وفير من المال بعد أن تصل هذه العجينة إلى الصائم وخلال جولتنا التي قادتنا إلى سوق ساحة الشهداء لاحظنا عدد كبير من الأطفال يبيعون خبز المطلوع والذي أصبح جد مطلوب من طرف المواطنين خاصة في هذا الشهر الكريم حيث لا يمكن لبعض الصائمين أن يفطروا بدون وجود خبز المطلوع الذي أصبح جد أساسي على طاولة الفطور في شهر رمضان إذ أصبح المطلوع ينافس أجود أنواع الخبز لأنه يفتح شهية المستهلك عند الإفطار، ولان إنتاج أنواع المطلوع يزيد في رمضان، أكد لنا بعض الباعة أن بعض المواطنين يشتكون من زوجاتهم اللواتي لا يعرفن كيفية إعداد المطلوع أما آخرين يفسرون شرائهم للمطلوع بسبب عدم استطاعة زوجاتهم تحضيره لأنها عاملة ولا يكفيها الوقت لذلك ، في حين يلجأ البعض الآخر إلى إجبار زوجاتهم على تعلم العجن من اجل تأمين المطلوع في رمضان، لأنهم يحبون استهلاكه ساخنا مع الشربة كما ان كمية المطلوع تنفد بسرعة لدى الباعة. تسابق المواطنين لتنظيف المساجد تنطلق إجراءات التحضير لهذا الشهر الكريم قبل حلوله بشهور من خلال ما تعرفه تقريبا كل المساجد الموجودة عبر الوطن من إعادة طلاء أو تطهير كل صغيرة وكبيرة فيها علاوة على اقتناء كل ما يستلزمها من مكيفات وسجادات ومصاحف لاستقبال هذا الشهر الكريم . تحول معظم نشاطات المحلات في شهر رمضان الى بيع القلب لوز والزلابية وبحلول شهر رمضان تتحول الكثير من المحلات مثل المطاعم والمخابز ومحلات البيتزا إلى بيع الحلوى الرمضانية، وتتوقف عن نشاطها الأصلي، بل يتحول تجار وأصحاب تلك محلات إلى صناعة وبيع الزلابية وقلب اللوز مدة شهر رمضان. وإلى جانب التجار والسماسرة يفسح شهر رمضان الفرصة لأعداد كبيرة من العائلات الضعيفة الدخل لكسب رزق تستعين به على مواجهة متطلبات الحياة الصعبة، خاصة في المدن الكبيرة. رمضان وعيد والفطر والدخول المدرسي لعل أرباب العائلات الجزائرية يعيشون في ضغط كبير وهذا بسبب التحضير لشهر رمضان ولعيد الفطر وكذلك للدخول المدرسي فالتكاليف إضافية وضغط أكبر على أرباب العائلات الذين سيجدون صعوبات في تحقيق التوازن في النفقات بين احتياجات شهر رمضان وعيد الفطر والدخول المدرسي ، الذي يتطلب ميزانية خاصة، يمكن تصنيفها في خانة الكماليات وبالمقابل شراء الأدوات المدرسية فضلا الى النفقات الإضافية التي تقع على عاتق الأولياء فالسيد كمال يقول انه ضح رفقة عائلته بعطلة الصيف وهذا تحضيرا لمصاريف شعر رمضان ولا ننسى نفقات عيد الفطر واللوازم المدرسية والتي ستكون نهاية لسلسلة المعاناة والنفقات التي ستنهك جيوب المواطنين رمضان شهر العبادة والمغفرة حقاً إنّ رمضان شهر الخيرات، شهر البر، شهر العطف، شهر المواساة، شهر العتق من النار، شهر الانتصار على النفس، شهر الانتصار على نوازع الشيطان. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فُتحت أبوابُ الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين" رواه البخاري. فمن أراد منا أن يتقرب إلى الله فليلتزم بالفرائض التي فرضها الله عليه وليكن عبداً مطيعاً لله سائراً على نهج رسوله الكريم. وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: "وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه". رواه البخاري. وصيام رمضان فرض من الفرائض العظيمة وأمرٌ من جملة أهم أمور الإسلام. فبعيدا عن التحضيرات المادية لشهر رمضان يكون للعبادة نصيب كبير من التحضيرات للتمكن من قراءة وحفظ القرآن وأداء صلاة التراويح وقيام الليل، كيف لا وهو الشهر الذي فيه ليلة خير من ألف شهر، وفي السياق وفرت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف كل الظروف المادية والمعنوية لإنجاح الشهر الفضيل، وذلك من خلال برمجة عدة دروس ومحاضرات، وتثبيت مكيفات عبر مختلف مساجد الولاية، لاسيما وأن رمضان تزامن مع فصل الصيف. وفي هذا الإطار برمجت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف دروس يومية في المساجد قبل صلاتي العصر و العشاء تركز على الدور الروحي لشهر الصيام و قيم التكافل و التراحم و الأمن الاجتماعي بالإضافة إلى تقديم محاضرات و ندوات فكرية من قبل أئمة و أساتذة جامعيين عبر مختلف الولايات. و ستشرف الوزارة على تنظيم مسابقات حفظ القرآن الكريم و الحديث النبوي على مستوى جميع الولايات بالتنسيق مع الولاة وان جائزة الجزائر الدولية للقرآن الكريم التي ستجري فعاليتها في ولاية تلمسان سترافقها مسابقة وطنية موجهة لحفظة القرآن الصغار. و سيتم بالموازاة تنظيم حصص لقراءة و مدارسة كتاب الموطأ و صحيح البخاري عبر المساجد. و على الصعيد الاجتماعي سيقوم بعض الأئمة بزيارات للمستشفيات و دور العجزة في مختلف ولايات الوطن.