عادة ما تبدأ مظاهر العيد في الجزائر عشية الاحتفال بليلة القدر وهي المناسبة التي تستغلها الكثير من العائلات والجمعيات الخيرية لتُقيم ختانا جماعيا للأطفال في جو أسري بحضور الأهل والأقارب، وفي أجواء احتفالية رائعة،إذ يحتفل الجزائريون بعيد الفطر بطقوس على الرغم من غرابتها إلا أنها تضفي نكهة مميزة جدا حسب عادات كل منطقة وتقاليد تعود إلى ما يملكه المجتمع من تعدد وتنوع في الموروث الثقافي، إلا أن هذا التنوع بزخمه يجد له روابط وثيقة مع باقي الشعوب العربية والإسلامية التي يعيشها المسلمون في كل ربوع العالم. يعيش المسلمون في كل أرجاء العالم الإسلامي فرحتين فرحة الإفطار وفرحة العيد، إذ بعد انقضاء شهر رمضان وحلول فجر أول أيام العيد يتعالى فيه التكبير والتسبيح من مآذن المساجد في مختلف ربوع الجزائر وتبدأ جموع المصلين بالتجمع لأداء صلاة العيد، التي يحرص عليها المسلمون بالتهليل والتكبير وهم قد علموا أن أعمالهم في رمضان ترفع إلى السماء في هذا اليوم العظيم, إذ ترى المصلين يتجهون أفواجا إلى المساجد وهم يرتدون أقمصة بيضاء اللون يتدفقون على المساجد مكبرين ومهللين للصلاة وبعد أداء الصلاة والاستماع للخطبة والدعاء يباشر جموع المصلين إلى التغافر فيما بينهم إذ لا يفترق المصلين إلا وقد عانق أحدهم الأخر مردين عبارة'' صح عيدكم ''، ومن تم يتوجه لزيارة الأهل والجيران والأصدقاء وتهنئتهم بالعيد السعيد. وعقب صلاة العيد تسارع الأسر الجزائرية إلى تبادل الزيارات فيما بينها وارتشاف القهوة المصحوبة بحلوى العيد التقليدية، وهي من العادات الأكثر شيوعاً في البيوت الجزائرية. كما تتبادل الأسر الحلوى صباح أول أيام العيد. وتحرص معظم العائلات على التجمع في بيت رب العائلة الكبيرة والذي غالبا ما يكون بيت الجدّ لقضاء اليوم كله مع الأقارب والأرحام في جلسة عائلية تطبعها فرحة العيد. من بين العادات التي تنفرد بها بعض الجهات كمنطقة القبائل تحضير النساء ال''الخفاف'' وهو عبارة عن عجين طري يقلى في الزيت حتى ينضج ليأخذ شكل رغيف الخبز الرقيق جدا,وهناك من يحضر في هذا اليوم ''المسمن ''وهو الأخر عبارة عن عجينة لينة تفرد وتطبخ على الطاجين تم تأكل وأحيانا تمزق وتغمس بالعسل, فهو خفيف على المعدة خاصة وأن المعدة كانت متعودة على الصيام صباحا, وتعد امرأة القبائلية ذلك مقابل تحضير العاصمية بعض الحلويات المشهورة التقليدية كالمقروط، البقلاوة، الدزيريات، المشوك، التشارك وحلوة الطابع وغيرها التي تبرع ربة البيت الجزائرية في صناعتها، وتزيينها استقبالاً للعيد المبارك من أجل تناولها مع القهوة عند استقبال الضيوف كما تحضر بعض المأكولات كطبق ''الكسكى والرشتة''. ومن العادات التي تعرف بها منطقة القبائل الصغرى ''كبني ورثيران'' أن المولود الجديد لا يشترى له ملابس العيد وإنما يلبس ثياب جديدة من الهدايا المقدمة له يوم ميلاده وهي عادة يحرصون عليها اعتقاد منهم أن المولود سينمو ''عقله صغيرا'' ويتميز بدلع مفرط، أما العروسة التي تحتفل للمرة الأولى في بيت الحمى يطلب منها إعداد طبق يحتوي على الخميرة حتى تعلو مرتبتها في بيتها على حسب الاعتقاد وهناك بعض العرائس التي يطلب منهن تحضير بعض الحلويات التي تحتوي على العسل حتى تكون مكانتها دائما حلوة عند أهل الزوج في حين تواظب العروس الدلسية على تحضير الخشخاش وهو عبارة عن حلوة مورقة تغمس في العسل لتقدم إلى الضيوف، وتبقي هذه العادات من بين الطقوس التي تقحمها العائلات الجزائرية عليها عند احتفال بالعيد. ''العيدية'' في طريق الانقراض تبدأ العائلات في زيارة بعضها البعض مصطحبة معهما الأطفال الذين يحرصون على اقتناء الألعاب كالمسدسات البلاستيكية والبالونات المطاطية للعب بها مع نظائرهم من الأطفال وهم يتباهون بملابسهم الجديدة، ومن المعتاد في العيد أن يعطي الكبار بعض النقود للأطفال وهذا ما يعرف ''بالعيدية '' وهي عادة قديمة جدا, توارثها الناس إلى يومنا هذا وينتظرها الأطفال بشوق, فترى الأطفال يجمعون المال من الكبار ليقوموا بشراء بعض الألعاب والحلويات. ولهذا فإن العيد في الجزائر يعتبر يوم للأطفال فالفرحة التي تكسوا كل طفل تظهر للعيان خاصة وإنهم يخرجون بأبهى حلة يتباهون بها ويقصدون حدائق التسلية والترفيه إلى جانب تقديم العيدية لهم التي لا تزال بعض العائلات تقدمها للأطفال إلا أن الكثير منهم تخلى عنها و تجاهل هذه العادة . وهناك بعض الناس من يسطر برنامجا خاصا في العيد يواظب على أدائه بعد أداء الصلاة وعلى حد قول ''بلقاسم'' أحد المؤذنين في مساجد العاصمة عن كيفية تمضية يوم العيد يقول نذهب إلى الصلاة وعندما نعود نأكل مع أطفالنا الحلوى والكعك لننطلق بعدها في جماعات من الأصدقاء إلى المستشفيات لزيارة المرضى، ودور الطفولة المسعفة ومراكز المسنين والأشخاص دون مأوى لنقضي وإياهم أجواء العيد في دفئ العائلة مصطحبين معنا بعض الحلوى من أجل إدخال الفرحة على قلوبهم كما نوزع عليهم جميعا باقات الورد وبعض الهدايا فيسعدون بها لتنطق الألسنة بكلمة ''صح عيدكم'' هي الكلمة الأولى على ألسنتنا طيلة أيام العيد المبارك.