تمر اليوم 23 سنة كاملة عن ثورة الشباب الجزائري التي قام بها بكل عفوية و دون أي تحريك من الخارج حيث أعلن آنذاك تمرده على السلطة الحزب الواحد مطالبا بالانفتاح و الديموقراطية و الإصلاحات , فكان له ما أراد , في خطاب رئاسي فاجئ الجميع . حيث شهدت البلاد منذ تلك الفترة جملة من التغيرات و الإصلاحات السياسية الاقتصادية و الهيكلية المتعاقبة , تجسدت على ارض الواقع في تعددية سياسية و إعلامية و انفتاح اقتصادي و إطلاق لمجال الحريات السياسية و الفكرية و الدينية , حيث تحولت الجزائر من بلد يحكمه حزب واحد بسياسة واحدة و رؤية واحدة إلى بلد ينشط في خضمه أكثر من ستون حزبا و جمعية ذات طابع سياسي نجد اغلبها يشارك اليوم في البرلمان و الهيئات المحلية المنتخبة و كافة مراكز صنع القرار ,إضافة إلى ذالك فقد رفعت الدولة يدها عن الحياة الاقتصادية فتحول الاقتصاد الوطني من مركزي مخطط إلى اقتصاد تصنعه المبادرات الفردية ورأس المال الخاص , مما أثمر عن خلق عشرات الآلاف من المؤسسات الكبرى و المتوسطة و الصغرى أصبحت كلها ملكا للجزائريين بفضل الإصلاحات و بفضل دعم الدولة و إعطائها كل التسهيلات لأصحاب المبادرات الاقتصادية الخالقة للثروة و القيمة المضافة . إما في الميدان الإعلامي فقد تحرر هذا القطاع من سلطة الحزب الواحد الوحيد الرقيب و أصبحت الساحة الإعلامية الوطنية تعج بالمئات من الدوريات و النشريات ذات التوجهات المختلفة و الخطوط الافتتاحية المتنوعة مما اثري الساحة الإعلامية و الثقافية برأ و أفكار لم تكن مألوفة في السابق . و الأهم من هذا كله فان فترة اكتوبر 1988 – اكتوبر 2011 قد شهدت تعاقب 5 رؤساء على كرسي المرادية , و هو الأمر الذي لم يحدث في أي بلد عربي أخر, إضافة إلى تعاقب المئات من الوزراء من أبناء الشعب الجزائري و من مختلق المناطق و الشرائح و الأحزاب على تولي حقائب في الحكومات المتعاقبة , إضافة إلى ذالك فقد تحررت الجزائر من مخلفات ثقيلة تركها نظام الحكم الأحادي من مؤسسات مفلسة إلى مسؤولين يسيرون بطريقة "معزة و لو طارت" و فبل هذا و ذاك يجب الإشارة إلى حزمة الإصلاحات العميقة و الشجاعة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطابه التاريخي يوم 15 افريل الماضي, و التي مثلت نقلة نوعية و تاريخية في ميدان الممارسة الديموقراطية و تكريس ثقافة حقوق الإنسان و تحفيز المبادرات الإصلاحية الهادفة إلى بناء جزائر قوية و هو الأمر الذي يجعلنا اليوم نقولها عاليا لكل العرب :"فاتكم القطار ... فخريف التغير الجزائري انطلق قبل 23 سنة من اليوم".