ولدت جبهة التحرير الوطني نتيجة لتفاعلات و حراك سياسي للحركة الوطنية التي كانت تنشط قبل الثورة، و كان "محمد بوضياف" المنسق الأول في تأسيس الجبهة و هو من أطلق عليها اسم الأفلان حينما كان قادما من عين تموشنت متجها إلى الشلف رفقة "العربي بن مهيدي" على متن القطار فكتب على البخار اللاصق بزجاج النافذة FLN و قال للعربي "هذا هو إسم حزبنا الجديد.."، كان هذا بعد تأسيس اللجنة الثورية من اجل الوحدة و العمل، فكان من الضروري البحث عن تسمية جديدة تسع جميع الأطياف السياسية. و يعتبر كبار الساسة و كبار المحللين السياسيين جبهة التحرير الوطني الحزب الوحيد في الوطن العربي الذي ظل يحمل تيارات مختلفة داخل صفوفه منذ تأسيسيه لتفجير الثورة الجزائرية و إلى غاية الإنفتاح على التعددية، و ما يصدق هذا القول أن الأفلان غداة تأسيسه انصهرت داخله كل التيارات آنذاك من إسلاميين إلى وطنيين إلى ديمقراطيين إلى شيوعيين اشترطت عليهم الجبهة الإنضمام كأفراد . "مؤتمر الصومام" أول المؤتمرات و أول الإنقسامات؟؟ إندلعت الثورة المجيدة تحت راية الجبهة و ظلت الأخيرة لأكثر من عام روحا بلا جسد ، بل أكثر من ذلك يتحدث بعض المؤرخين على أن مفجري الثورة بدأ يتسلل إلى داخلهم الخوف، فجاءت مقولة العربي بن مهيدي الشهيرة "أرموا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب" و كانت تدل على أن الثوار شعروا بثقل الثورة على كاهلهم و لم يتوقعوا كل هذا الصدى داخليا و خارجيا، و أصبح من الضروري أن يرتموا في أحضان الشعب، هذا من الجانب العسكري، أما من الجانب السياسي فقد ظهر جليا غياب الجانب التنظيمي ما أدى إلى التفكير في إعادة الهيكلة، مما استدعى القادة و على رأسهم "عبان رمضان" السعي بكل جدية لتنظيم مؤتمر يحدد الأهداف و الصلاحيات،رغم ان فكرة تنظيم لقاء تقييمي كانت مبرمجة من طرف لجنة الستة التاريخيين،و تأخر تنظيم اللقاء لعدة أسباب من بينها إعتقال مصطفى بن بوالعيد، و نتيجة للظروف الأمنية كان من الصعب حضور كل القادة بمؤتمر الصومام خاصة المتواجدين بالخارج، و برغم كل الظروف استطاع عبان رفقة باقي القياديين خاصة العربي بن مهيدي الذي أضفى شرعية على اللقاء من تنظيم أول مؤتمر للحزب بواد الصومام بآقبو ببجاية يوم 20 أوت 1956، و أسند أمن المؤتمر للعقيد عميروش و أعطى هذا المؤتمر التاريخي أول صبغة سياسية و تنظيمية للأفلان. و لم يسلم المؤتمر من بعض التحفظات على قراراته من بعض الحاضرين كزيغود يوسف و لخضر بن طوبال مسؤولا المنطقة الثانية - أصبحت بعد المؤتمر ولاية ثانية- خاصة بعد تشبث عبان بتثبيت أولوية الداخل على الخارج و أولوية السياسي على العسكري و هو ما لم يرق لبعض العسكريين.. و كان هذا المؤتمر الأول من أصعب المؤتمرات لكونه جاء لتحديد إيديوليجية أكثر انفتاح على باقي التوجهات السياسية، خاصة و أن هذه الفترة شهدت ميلاد عدة تنظيمات جماهرية للعمال و الطلبة و التجار، بعد أن كان يدعو بيان أول نوفمبر إلى جمهورية ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية، فجاءت قرارات مؤتمر الصومام لتسحب الصبغة الإسلامية كتوجه إستراتيجي سياسي جديد لاستقطاب دعم سياسي خارجي و استمالة المعسكر الشرقي. ما يبين مدى الحس و الوعي السياسيين لدى المجتمعين و على رأسهم عبان رمضان الذي كان يدرك و يعي جيدا التوازنات العالمية الموجودة في ذلك الوقت، و لم يكن هذا القائد يستثني من تفكير حتى المعمرين و الجاليات اليهودية بتصوره لجمهورية تستوعب الجميع. و لم تبق قرارات المؤتمر دون معارضة حيث تمكن المجلس الوطني للثورة المجتمع بالقاهرة صيف 57 من تعديل مبدأي "أولوية الداخل على الخارج" و "السياسي على العسكري" بالتسوية بينهما، ليفقد عبان بالتالي مؤيديه بعد أن سحب البساط من تحت قدميه. و لم يبق له من بين العسكريين إلا "صادق دهيليس" و "الحاج علي" بالأوراس الذي حاول عبان من خلالهما تأسيس جناح عسكري يدعمه لاسترجاع مكانته فكانت نهايته في أواخر 1957 بالمغرب. و أصبح فيما بعد لدى الثورة حكومة سياسية تأسست شهر سبتمبر 1958 برئاسة "عباس فرحات" بعد أن كان "آيت احمد" أول المطالبين بها في الأيام الأولى للثورة، و أثارت شخصية فرحات عباس "البياني" حفيظة العديد من القيادات عسكريين مثل العموري-عواشرية-أحمد نواورة-عمارة العسكري المدعو "بوقلاز" و سياسيين كبن بلة، و عرفت المعارضة ضد الحكومة المؤقتة "بمؤامرة العموري"، و تحدثت مصادر تاريخية على وجود بصمة من المخابرات المصرية بقيادة "فتحي الذيب" لتنشيط المعارضة. و تشكلت محاكمة عسكرية برئاسة العقيد "هواري بومدين نهاية" 59 و نفذت في حق المعارضين العسكريين أحكاما بالإعدام. ثم جاء المؤتمر الثاني خلال الثورة و هو "مؤتمر طرابلس" بليبيا بحضور أعضاء المجلس الوطني للثورة و مختلف القيادات في 14 جانفي 1960 و من بين أهدافه إنزال الشارع الجزائري للشارع في شكل مظاهرات-11ديسمبر1960- و 17 أكتوبر1961 بباريس، و الدفع بالحكومة المؤقتة للإنضمام إلى اتفاقيات جنيف بشأن حقوق الإنسان و حقق العديد من الإنتصارات السياسية و الديبلوماسية . كما شهدت هذه المرحلة 1960/1962 دخول الجبهة في مفاوضات مع فرنسا عرفت بمفاوضات إيفيان بجولات ماراطونية انتهت بالجولة الأخيرة 7/18 مارس 1962 التي أقرت باستقلال الجزائر بالإضافة إلى اتفاق تعاون لمدة 20 سنة يشمل المجالات الإقتصادية و الثقافية.. و يذكر علي كافي في مذكراته أن هذا مؤتمر طرابلس لم يحصل فيه أي اتفاق بعد حصول صراع بين الحكومة و قيادة الأركان، فأقدمت الحكومة على محاولة تعيين قيادة أركان جديدة على رأسها عبد الرحمان بن سالم المدعو المخلص فاعتذر الأخير بحجة عدم قدرته على القيام بهذه المهمة. مؤتمر لتثبيت بن بلة و إدماج ضباط فرنسا.. و بعد أربع سنوات جاء المؤتمر الثالث بالعاصمة في أفريل سنة 1964 عقب أجواء مشحونة داخل البلاد ميزتها نداءات الشعب "سبع سنين بركات" و سقوط حكومة "بن يوسف بن خدة"، و ردد قائد الأركان "هواري بومدين" خلال هذا المؤتمر عبارته الشهير "من يطهر من؟" التي كان يقصد بها العقيد "الطاهر شعبان" الذي أعدم بتهمة محاولة الإنقلاب،و كان الهدف من المؤتمر تثبيت بن بلة في كرسي الرئاسة و أصبح "محمد خيضر" أمينا عاما للجبهة في ظل صراعات كبيرة و شهد خروج عدة قادة عن عباءة و مظلة الأفلان منهم محمد بوضياف و آيت احمد..كما شهد صراعا حول "ضباط فرنسا"الذين وجدوا دعما واضحا من جناح بومدين كي يستفيد منهم في تدريب و تكوين الجيش بدل الإستفادة من خبارات من الخارج قد تكون نتائجها و خيمة، و لاقو معارضة من جناح آخر كان يرى فيهم خطرا على الثورة. و نجح بومدين في استمالتهم إذ كانوا الداعم الأساسي له فيما عرف بعد بالتصحيح الثوري؟؟. التصحيح الثوري، الميثاق الوطني و المادة 120.. ثم جاء التصحيح الثوري في 19 جوان 1965 و تحول الحزب إلى أداة سياسية تحت تصرف مجلس الثورة إلى أن تولى "محمد الصالح يحياوي" منصب المنسق الوطني للجبهة بدلا من قايد احمد . و شهدت المرحلة البومدينية تمردا صريحا كان في صالح البلاد ضد اتفاقيات إيفيان في جانبها الخاص بالتعاون الجزائري الفرنسي، و عرفت إعادة هيكلة شاملة للعمل النضالي بظهور إطار شباني جديد تمثل في الإتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية سنة 1975 انصهرت فيه عدة تنظيمات منها شبيبة الجبهة و الكشافة الإسلامية و الطلبة، و تم فتح عدة منابر للنخب على شاكلة اتحاد الأطباء و إتحاد المهندسين و اتحاد الفلاحين، الغرض منها تأطير كل فئات المجتمع و إشراكها في بناء الدولة،و الكل يسبح في فلك جبهة التحرير الوطني بما فيها الجيش الوطني الشعبي الذي كان لديه ممثلين باللجنة المركزية و بمكاتب التنسيق الولائية و البلدية، كما ظهر إطار فكري جديد سنة 1976 تمثل في "الميثاق الوطني" أنشئ عبر استشارات واسعة النطاق عبر التراب الوطني بمشاركة كل فئات الشعب، و أضحى الإطار الفكري الذي تستمد منه كل مناحي الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية..و أقدم محمد الصالح يحياوي على ما يعرف بعملية الفرز و الإنخراط قصد تطهير الحزب من المندسين، و إقرار مادة تحت رقم 120 تشترط بطاقة الانخراط على كل راغب في الحصول على منصب سامي بالدولة، و بقدر ما حاولت هذا المادة تحصين الحزب فتحت أبوابه أمام "الوصوليين" المتعطشين للسلطة الذين سارعوا إلى الإنخراط و لبسوا بزة الجبهة ليس حبا فيها بل حبا في المنصب، و أصبح الحزب عبارة عن بوابة للطامحين في الحصول على مناصب عليا، و منهم من تجذر في السلطة بفضل الحزب و ظل يتنقل من منصب سامي إلى آخر إلى غاية اليوم..و أثارت المادة 120 انتقادات العديد من ذوي المستوى العلمي المحدود الذي كان سببا رئيسيا في عدم تقلدهم لمسؤوليات سامية خاصة و أن الحصول على بطاقة نضال كان أبسط و أسهل من الحصول عليها حاليا إذ أصبحت يستغل توزيع البطاقات للسيطرة على القسمات و المحافظات و فبركة المؤتمرات.. الشاذلي،الوحدة مع ليبيا و تعددية غير محسوبة.. بعد وفاة الرئيس "هواري بومدين" جاء المؤتمر الرابع في بداية سنة 1979 و خرج بانتخاب الشاذلي بن جديد رئيسا للدولة و بتثبيت نظام الحزب الواحد و الإشتراكية نظام سياسي و إقتصادي خيار لا رجعة فيه، و تم الرجوع إلى الجانب التنظيمي للحزب من جديد بقيادة "شريف مساعدية" كمسؤول الأمانة الدائمة، في حين يتحتم على رئيس الجمهورية أن يكون الأمين العام للحزب و العكس صحيح ما يجسد وحدة الحزب و الدولة. و كان المؤتمر الخامس الذي انعقد في 19 سبتمبر 1983 امتدادا للمؤتمر الرابع و كل محاوره من إيحاءات و توجيهات الميثاق الوطني، و لم يتغير شيئا في السياسية العامة و ازداد من خلاله تكريس الفكري الأحادي..و شهدت هذه المرحلة إثراء الميثاق الوطني في 7 جانفي 1986. و في هذه المرحلة تبادر للسياسين و على رأسهم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الرئيس الشاذلي بن جديد و نظراءهم من الجماهرية الليبية الشروع في استشارت شعبية واسعة من اجل الوحدة السياسية بين البلدين، لكن و نتيجة لتغيرات داخلية-أحداث اكتوبر..- و خارجية-سقوط الإتحاد السوفياتي..- و كلها تصب في سياق مؤامرة "غورباتشيف" الرئيس السوفياتي الأسبق ضد المعسكر الشرقي، نسف مشروع الوحدة ، و اضطر أصحاب القرار على تجسيد الإنفتاح السياسي و إعادة هيكلة إقتصادية و سياسية تسمح للأجيال الجديدة بأخذ زمام المبادرة، و رأت القيادة السياسية ضرورة بعث الحزب من جديد ضمن إطار حديث يتواكب مع المرحلة، و نظرا للقبضة الحديدية للحزب على إدارة الدولة الأمر الذي تضايقت له الأخيرة فكانت قد أعدت مخططا عدائيا مسبقا ضد الجبهة باستنفار و تأليب المواطن البسيط ضدها، عبر أساليب و آليات تقوض مشاريع التنمية التي تدعو و تخطط لها الجبهة، بعدم تطبيق الجهاز التنفيذي للحكومة لسياسة الحزب و هو ما سمح بتجنيد الشعب ضدها تحت تأثير مشاكل إجتماعية و إقتصادية هي في حقيقة الأمر من صنع الجهاز التنفيذي، و هو ما يطرح عدة تساؤلات هل كلان المناضل البسيط هو من يسير المؤسسة؟أم كان المحافظ يسر الإقتصاد الوطني؟؟ و المعروف ان الجانب الإقصادي يؤثر على الجانب السياسي و كان من السهل إلصاق كوارث البلاد بجبهة التحرير الوطني . و قبيل دستور 89 كان الرئيس الشاذلي بن جديد قد منح للأرسيدي و للفيس التصريح بالنشاط السياسي في ظل الدستور القديم الذي يمنع على الجمعيات و الاحزاب ذات الطابع العرقي أو الديني من النشاط؟؟. معارضة حزبية ضد الدولة أم ضد الأفلان؟؟ و انعقد المؤتمر السادس بقيادة "عبد الحميد مهري" في ديسمبر 1989 و سط صيحات من داخل الحزب و من خارجه بوضع الأفلان بالمتحف، و نتيجة لتعددية غير مضبوطة عاشت البلاد محنة كبرى فانكمش الحزب على نفسه، إلى أن هندس "عبد القادر حجار" ما اصطلح عليه بالمؤامرة العلمية التي جاءت كرد فعل طبيعي ضد لقاء "سانت جيديو" الذي شاركت فيه جبهة التحرير الوطني عبر أمينها العام عبد الحميد مهري الذي ينتمي للمركزيين و انضم للأفلان سنة 55، و تمكن حجار من إزاحة مهري، الذي انصاع -حسب الأفلانيين- وراء اجتماع حضرت فيه تشكيلات سياسية معروفة بجذورها التاريخية المعاديةا للأفلان و هي عبارة عن الوجه الجديد للحركات التي كانت موجودة قبل الثورة مثل الحزب الشيوعي الجزائري و تمثل في شخص لويزة و حزبها و جمعية العلماء المسلمين التي تمثلت في شخص نحناح و حركته ، بالإضافة إلى أن فحوى هذا الإجتماع هو دعم الديمقراطية-حسب المجتمعين- بالمصالحة مع الفيس، و تفطن الأفلانيون إلى أن اللعبة أعمق من التداول على السلطة بقدر ما هي تصفية حسابات تاريخية، على اعتبار أن الأحزاب الجديدة لم تأت بفكر جديد بل عادت برواسب من الماضي و أحقاد على الجبهة. و لهذا كان لزاما سحب البساط من تحت أقدام مهري الذي يكون قد غابت عليه هاته الحقائق، و بنجاح الإنقلاب العلمي تولي "بوعلام بن حمودة" الأمانة العامة و عادت الجبهة لمناضليها إلى غاية انعقاد المؤتمر السابع في 1 مارس 1997 وسط ظروف أمنية و اقتصادية صعبة و انتخب بن حمودة بالإجماع، و شهد المؤتمر مقاطعة المؤتمرين لكلمة "أحمد طالب الإبراهيمي" الذي سقط من وقع الصدمة و منع بقايا المتعاطفين مع مهري من دخول القاعة برغم وجود مهري بين المؤتمرين و ألقى كلمة أنصت لها الجميع . الصراع التاريخي يرمي بظلاله مرة اخرى.. و جاء المؤتمر الثامن في مارس 2003 بعد إزاحة "بن حمودة "الذي شرب من نفس الكأس التي شرب منها مهري،وسط ظروف مريحة عرفتها البلاد في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي جسد المصالحة بين أبناء الوطن بعد سنوات الجمر، و انتخب كأمين عام "علي بن فليس" المتشبع بأفكار الحزب كونه ابن شهيد ينتمي لمنطقة الأوراس حمل نفس موقف منظمة المجاهدين بباتنة من المؤتمر الذي أراد "رابح بلعيد" عقده بالاوراس بخصوص رد الإعتبار لمصالي الحاج بعدما لاقى المؤتمر الأول نجاحا كبيرا بتلمسان مسقط رأس مصالي الرجل التاريخي الذي كون و ربى مؤسسي الجبهة و كان النواة الأولى للعمل السياسي المنظم . و اقتضت سياسة المرحلة تقديم تنازلات تاريخية على حساب جبهة التحرير الوطني كشرط أساسي لاستتباب الأمن في البلاد، و التفكير في شخصية تقود الحزب تمتلك استعدادا لقبول هذه التنازلات و لو بحجة الصالح العام، و هو ما جاءت به الحركة التصحيحية التي تغذت من الغاضبين و الناقمين مما وصوفه بسياسة الإقصاء التي مارسها عليهم بن فليس من خلال المؤتر الثامن،و بقيادة "حجار" ملأت الحركة التصحيحية البلاد ضجيجا سياسيا و ظهر عبد العزيز بلخادم كشخصية مؤهلة للقيام بهذه المهمة، و زكي في تجمع قياديي و مناضلي هذه الحركة في 03 سبتمبر 2003 بولاية الجلفة كمنسق وطني، و ظل يومها يردد عبارة "لا نريد جبهة ضرعا يحلب أو ظهرا يركب"؟؟ و من يومها يتساءل المناضل البسيط هل تجسدت فعلا هذه المقولة؟ أم ظلت مجرد شعار تغنى به بلخادم؟؟ ، و في هذه الظروف شلت حركة الحزب إلى غاية تنظيم المؤتمر الجامع أو "الثامن مكرر" في 30 جانفي 2005، و نشير إلى أنه في هذه المرحلة دخلت جبهة التحرير الوطني لأروقة المحاكم لأول مرة منذ تأسيسها و وجدت نفسها أمام القاضي، مثلها مثل أي حزب يقوم بأعمال شغب؟؟،و انتخب "عبد العزيز بلخادم" أمينا عاما بالمؤتمر الجامع، و غيرت فيه الهياكل القيادية للحزب بإنشاء المجلس الوطني و هيئة تنفيذية و أمانة الهيئة التنفيذية و هيئة التنسيق و رئيس الحزب كمنصب شرفي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ..في انتظار المؤتمر التاسع الذي سيشهد العودة إلى هياكل الحزب القديمة، و الدور الريادي للحزب في الوطن بعد أن تم تقويضه سياسيا عبر التحالف الرئاسي الذي لم يتأت لخدمة الجبهة بقدر ما يخدم حليفيها اللذان تمكنا من إقتسام القاعدة الشعبية معها مادام يرى المواطن البسيط أن الاحزاب الثلاثة موحدة و تشكل وجها سياسيا واحدا و أن الدولة و أجهزتها تدعم التشكيلات الثلاث، و هو ما غاب عن قيادة الافلان أو تغابت عنه، و التساؤل الذي يطرح نفسه ما الداعي من هذا التحالف؟؟و ضد من؟؟ باعتبار غياب المعارضة التي كانت حقيقة نضالها تقتصر على رد الإعتبار التاريخي لأصولها(الحزب الشيوعي الجزائري-جمعية العلماء المسلمين-الحركة الوطنية الجزائرية "المصالية"- نشطاء الحركة البربرية..)، و قد تحقق هدفها و لو في عمومه..و الدليل أنها لم تقدم برامج بناءة و لم تتمكن من مواصلة المسيرة كباقي أحزاب المعارضة في العالم، و بدأت تذوب و تنصهر داخل النظام. و نشير إلى أن هناك عدة مؤتمرات إستثنائية تم عقدها بين المؤتمرات الرئيسية لم نتطرق لها منها مؤتمر إستثنائي في جوان 1980 و آخر سنة 1985 و آخرها المؤتمر الإستثنائي الذي انعقد لترشيح بن فليس للإنتخابات الرئاسية مطلع سنة 2004 . و بالنظر إلى المسيرة النضالية للحزب يتبين انه خاض معركتين بعد الإستقلال، معركة لبناء الدولة و تشييدها و تحقيق طموحات الشعب في الرفاهية بعد خروجه من 132 سنة ذاق فيها ويلات العذاب و الحرمان، و معركة أخرى ضد من حالو دون تحقيق هذه الغاية من المندسين"الزرقاويين" الذين تغلغلوا من أيام الثورة و وصوليين نفعيين و صولا إلى المتربصين الحاقدين على الحزب لاعتبارات تاريخية. و للمواطن البسيط أن يتصور عبء المسؤولية على الحزب و ما حققه في ظل هذه الظروف. ديمقراطية الحزب و دكتاتورية المعارضة؟؟ و تبقى جبهة التحرير الوطني الحزب الوحيد في الوطن يشهد نوعا من نسمات الديمقراطية داخل هياكله برغم أنه أنشأ الأحادية و نشأ فيها، إلا أنه عرف تعدد القياديين من خلال مرور 8 أمناء عامون على قيادته ، فهو الحزب الوحيد الذي ينظم جمعيات انتخابية للمحافظات و القسمات يسمه بها القاصي و الداني، عكس باقي الأحزاب التي لا يتغير أمناؤها و رؤساؤها إلا بالموت، كما هو الشأن لحمس، أو التمرد كما هو حال شيخ جاب الله، أو الخلود كما هو حال لويزة و سعدي و غيرهما.. لكن هذا لا يمنع من الإعتراف بان الأفلان فقد نشاطه الديناميكي و لم يعد يهتم لا بالتكوين السياسي و النضالي و لا بالجانب الإعلامي داخل هياكله لا أفقيا و لا عموديا.