مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي ظهرت الأحزاب السياسية على الساحة الوطنية في محاولة لتنشيطها من خلال التجمعات والبيانات والمؤتمرات، وظهرت معها عدة أزمات داخلية لمختلف الأحزاب بين مؤيد ورافض للقرارات الحزبية، ومنها الجبهة الوطنية الجزائرية التي اقتربت ''المستقبل'' من رئيسها موسى تواتي الذي خصها بهذا الحوار. متى تم اتخاذ قرار الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟ موسى تواتي: خلال انعقاد المؤتمر الثاني للجبهة الوطنية الجزائرية، وقد ورشحت كرئيس للحزب لهذه الرئاسيات من طرف الأعضاء والمناضلين. وهل قدمتم قدمتم برنامج حملتكم الانتخابية؟ تم تقديم الخطوط العريضة لبرنامج الحملة خلال الندوة الوطنية لإطارات الأفانا المنعقد مؤخرا وهذا رغم أننا نترشح باسم حزب سياسي، لكن الحزب له دائما سلطة على مرشحه، وقد حظي هذا المشروع بالتعديلات والمناقشات من طرف المجتمعين في الندوة الوطنية الذين وجب على المترشح استشارتهم ومعرفة الأبعاد التي يتبناه الحزب للدخول في هذه الانتخابات. لماذا تم ترشيحكم دون غيركم؟ إن الجبهة الوطنية الجزائرية ترشح مناضليها والمتشبعين بمبادئها وأهدافها لإيصال أطروحات وأفكار الأفانا إلى سدة الحكم ونحن نسعى جاهدين لتنفيذ قرارات هذه الندوة. هل لنا أن نعرف الخطوط العريضة لبرنامجكم؟ تتمثل هذه الخطوط العريضة في إعطاء الإنسان الجزائري مكانة في وطنه من حيث احترام إرادته، واحترام قوانين الجمهورية، وكذا القضاء على المحسوبية التي أصبحت اليوم هي العمولة الأساسية في الجزائر ومحاربة كل مظاهر الفساد، وتمكين المواطن من الحماية، وأهم نقطة في برنامج الأفانا هي العودة إلى الأرضية الأساسية للدولة الجزائرية وهو بيان أول نوفمبر. لكن هذه عبارة عن مبادئ عامة وليست برنامجا انتخابيا؟ بالعكس، فبيان أول نوفمبر يظل المرجعية الأساسية لنا لبناء الدولة الحديثة الجزائرية، لأنه يستمد روحه من مقومات الإنسان الجزائري وعاداته، ثم تبنى النظام الاجتماعي كأساس للخروج من عبودية الاستعمار التي فرضت على الجزائر. ففي الجبهة الوطنية الجزائرية نعتبر بيان أول نوفمبر أقرب وأصدق لغة يجب التكلم بها مع الشعب الجزائري لبناء مجتمع أساسه المساواة والعدالة الاجتماعية. وعليه فالخطوط العريضة للأفانا ستكون من أجل بناء نظام ذي طابع اجتماعي في الجزائر. هل إعلان ترشحكم في هذا الوقت يوحي إلى توفر المناخ الذي طالبتم به والذي يضمن النزاهة؟ لا يمكن التحدث عن النزاهة بقدر الحديث عن مدى استطاعتنا تعبئة الشعب الجزائري وإقناعه بعدم التخلي عن حقوقه المدنية وحقوقه الدستورية وسلطته الفعلية ألا وهي سلطة الانتخابات. إذن متخوفون من ضعف المشاركة في الانتخابات؟ ليس هذا ما أقصده وإنما المشاركة القوية للشعب الجزائري في هذا الاستحقاق تجعل الانتخابات نزيهة، فنسبة المشاركة هي التي تقلل من حدة التزوير، لذا أقول أن المشاركة القوية لا تسمح لأي نظام في العالم بتزوير أكثر من 20٪، وهذا الفعل الذي جعلناه هدفنا وهو التعبئة الشعبية للحدث لمنع البعض من المساس بالانتخابات. كيف تردون على الذين يدعون إلى المقاطعة؟ الأفانا تعتمد أساسا على عدم مقاطعة المواطن الجزائري للانتخابات، فلا بد أن يثبت قوته وقوة الانتخابات، وجعل صوته مهابا عند كل استحقاق، لابد من مراجعة المفاهيم والكف عن الأقاويل التي تتحدث عن المقاطعة. أنا أقول لهؤلاء إنه منذ الاستقلال ونحن نقاطع، ماذا جنى المواطن الجزائري بعد 64 سنة من الاستقلال، لابد من القيام اليوم بثورة انتخابية من خلال المشاركة القوية لتغيير أوضاعنا وإسماع صوتنا واحترام إرادتنا. هل تصدقون مقولة ''الرئاسيات محسوسة مسبقا''؟ أظن أن الخطأ الكبير في تصديق هذه المقولة. إن أصحاب هذه المقولة يشنون حربا نفسية ضد المعارضة وضد المواطن، لذا لا يمكن لهم إفشال إرادة الشعب بكلمات بسيطة. لا بد أن ينتفض الشعب ويرد عليهم بمشاركة قوية في الانتخابات لقطع الطريق على الذين لا يريدون الخير للبلاد والعباد. ألا يدل هذا على أن هؤلاء يريدون إفشال الانتخابات لتقليص نسبة المشاركة؟ بالطبع إنها المراوغة، يريدون بهذه المقولة مصادرة إرادة الشعب بالتزوير. كيف رأت الأفانا تعديل الدستور الأخير؟ الأفانا طالبت بالتعديل من خلال استفتاء شعبي، لكن المجلس الدستوري الذي لا نطعن في قراراته اتخذ منحى آخر، وهو ما حرم الشعب الجزائري من إبداء رأيه بكل حرية. لهذا السبب امتنعت الأفانا عن التصويت؟ نعم، لهذا امتنعت عن التصويت، وهي الوسيلة الأحسن لنا، بعد علمنا بأن الأغلبية ستصوت بنعم ويصبح التصويت ب لا غير مجدي ولا معنى له، فنحن بطريقتنا وهي الامتناع تركنا طعنا في الشكل الذي سارت عليه الانتخابات والتعديل. فالجبهة الوطنية الجزائرية ليست ضد التعديل لو أقره الشعب الجزائري، لكن نحن ضد الطريقة والأسلوب. وماذا عن المواد المعدلة؟ إن المواد المعدلة ليست لب التعديل، فالجوهر واضح. كيف تفسرون عدم إعلان الرئيس بوتفليقة ترشحه؟ إننا نرى أن للرئيس من ينوب عنه في هذه الحملة من تنظيمات وأحزاب، إنه يحاول إتمام ما بدأه من المشاريع الكبرى المبرمجة من جهة ويحتفظ بكلمته إلى وقتها من جهة أخرى. هل تفكر الأفانا في تحالف مع أحزاب أخرى؟ نحن حزب معارض، ومعارضتنا تختلف عن الأحزاب الأخرى، نحن لا نعارض من أجل المعارضة، بل نفكر بالمعارضة التقويمية. نحن نعارض من يسيء للوطن ويمس الوحدة وينهب الخيرات، ولحد الآن لم نجد من يشاطرنا في رأينا ومبادئنا وأفكارنا لنتحالف معه، وقد وجدنا هذا في الشعب وتحالفنا معه. نريد معرفة جديد الحركة التصحيحية في الأفانا؟ ما سمي بالحركة التصحيحية في الأفانا نسميها اللاحدث. ماذا نصحح؟ نصحح الحزب الذي يسير وينمو بسرعة، فالأفانا كانت في أول الأمر في المرتبة السادسة لتقفز فيما بعد إلى المرتبة الثالثة، فهذا يدل على السير الحسن للحزب، إذن: كلمة تصحيح بالنسبة لنا خاطئة أصلا. ما الذي حدث إذن؟ الذي حدث هو أن بعض الأشخاص حاولوا تحطيم هذه القفزة النوعية للأفانا بمشاركة بعض المناضلين السابقين من حزبنا والذين تم عزلهم في وقت سابق، وقاموا بإحضار محضر قضائي لشبه مؤتمر بعد حصولهم على ترخيص من والي عين الدفلى، وهي المغالطة التي وقع فيها الوالي المذكور، وهو خطأ تتحمله الإدارة بمنح هذا الترخيص. فقانون الأحزاب ينص على استدعاء ثلثي أعضاء المجلس الوطني أو استدعاء من رئيس الحزب لعقد أي مؤتمر وهو ما لم يحدث. وأنا أتحداهم أن يحضروا 005 مناضل منخرط في الأفانا، مع العلم أن الأفانا تملك الآن أكثر من 003 ألف مناضل، ولكن الذي حدث هو حضور عدد قليل من الأشخاص كما ذكرت سابقا لا علاقة لهم بالأفانا. وماذا عن المناضل محمد بن حمو؟ محمد بن حمو مناضل آخر اللحظات ولا يعرف مسار الأفانا. فبالإضافة إلى تصريحه الكاذب المقدم خلال إنضمامه لحزبنا والدليل معنا يثبت ذلك، قام بمخالفة قرارات الأفانا، وسنوصله إلى القضاء والعدالة في حالة تماديه في أخطائه معنا. إن محمد بن حمو ليست له أي مسؤولية حزبية، فهو منتخب فقط وهو برلماني وليس سياسيا. هل تعتبرون ذلك مؤامرة ضد الأفانا؟ إنه ظهور إعلامي فقط وليس ميدانيا. لقد أصدرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية تعليمة للولاة تمنع بموجبها منح تراخيص لغيرنا لعقد أي اجتماعات باسم الجبهة الوطنية الجزائرية، وما حدث مع والي عين الدفلى نعتبره مغالطة وهفوة أدت إلى التشكيك في شرعية حزب سياسي، لذا وجب صدور قرارات إدارية في هذه الهفوة من طرف وزارة الداخلية، وقد تظلمت شخصيا لدى وزير الداخلية يزيد زرهوني، وعليه أن يعالج مثل هذه الهفوات لكي لا تتكرر مستقبلا، ونحن ننتظر. فوالي عين الدفلى لو راسل المعنيين الإداريين لوجد الجواب عند وزارة الداخلية ومجلس قضاء العاصمة. كما سوف أرفع دعوى قضائية ضد المحضر القضائي الذي حرر وثيقة المؤتمر غير الشرعي من جهة وغياب النصاب من جهة أخرى. يعتبر بعض المراقبين أن ذلك حصاد قدوم نواب من أحزاب أخرى؟ سوف نستغني عن كل النواب القادمين من أحزاب أخرى والمقدر عددهم ب 71 نائبا بعد المشاكل التي حدثت لنا بسببهم فهم نواب المصالح الشخصية، ولا مبادئ لهم، إنهم يستقدمون معهم فيروسات، وهذه من إنعكاسات عملية استقبال نواب من أحزاب أخرى. ألستم متخوفين من انقسام الأفانا إلى تيارين؟ هذا مستبعد جدا، لا يوجد أي من المناضلين الحقيقيين في الجبهة الوطنية الجزائرية من تجاوز الخطوط الحمراء، وحتى الذين غرر بهم عادوا إلى الحزب باعتذارات. عودة إلى المشاركة الشعبية كيف تنظر الأفانا إلى نسبتها في الرئاسيات؟ نحن في الأفانا نعمل على جعل المشاركة تفوق التصورات والتكهنات، خاصة إذا أتممنا بنفس الطريقة والوتيرة في إقناع المواطن الجزائري بضرورة الذهاب إلى الانتخابات، ونقول سوف تكون المفاجأة في الجزائر من حيث نسبة المشاركة. لماذا صرحتم فيما سبق أنكم تراجعتم عن الترشح؟ هذا التصريح صدر في وقت كان لنا مشاكل داخلية، إذ أننا لم نكن ندري على أي أساس سلم ترخيص بتنظيم مؤتمر لأشخاص لا علاقة لهم بالأفانا، في وقت كنا الحزب الوحيد الذي أشار إلى الترشح للرئاسيات، ففهمنا بأن هذا الترخيص الممنوح ما هو إلا رسالة مشفرة بوجوب الإنسحاب من الترشح للرئاسيات والإنضمام إلى المساندين وكفى. إذ منح ترخيص بعقد مؤتمر باسم الأفانا لأشخاص يدعون رئيس الجمهورية للترشح لعهدة ثالثة في الوقت الذي أعلنت الجبهة الوطنية الجزائرية عن دخولها الرئاسيات بمترشحها، جعلنا نشك في وجود مناورة خارجية ضد استقرار الأفانا، ومنه صدر تصريحي بعدم الترشح، وحتى يتركوا بذلك الأفانا تستمر في مسيرتها، وهذا التراجع من أجل قيم ومبادئ وأهداف الجبهة الوطنية الجزائرية. مترشح الأفانا نعتبره من الأرانب أم من الفرسان؟ أظن أن الأرنب في الرياضة هو ذلك الرياضي الذي يخوض السباق ولا يصل إلى النهاية، لكن الأفانا عكس ذلك، لقد خاضت التشريعيات والمحليات ونحن في الرئاسيات، وبذلك يسقط عنها صفة الأرنب، فنحن لم نتوقف والأفانا تتابع السباق إلى نهايته، فالأفانا خلقت لتلد الفرسان. ما هو برنامج الأفانا خلال الأيام القادمة؟ بما أننا تقدمنا بمترشح عن الحزب، فسوف ندافع عن برنامجنا مع إطارات الأفانا لإثرائه، وذلك من خلال اللجان المشكلة لصياغته نهائيا وعرضه يوم 18 جانفي لقراءته، وبداية عملية جمع التوقيعات، وفتح فضاءات لتحضير المواطن لخوض الانتخابات. هل تفضلون حضور مراقبين دوليين؟ نحن نفضل صفة ''ملاحظ'' لا''مراقب''، لأنه من غير الممكن أن نحضر 07 ألف مراقب أجنبي وما يلزمهم من أموال. فالملاحظ لا حرج منه، أما المراقب فهذا عيب وإهانة للشعب الجزائري الذي سوف يصبح بحضور المراقبين شعبا لا يستطيع أن أن يحمي نفسه بقوة ورقته. هل تنوي الأفانا تقديم اقتراح آخر لتعديل الدستور؟ لو نفوز بالرئاسيات سوف نعطي أهمية قصوى لهذا الدستور بألا يصبح صالحا ل 01 سنوات فقط، وإنما نجعله دستورا أبديا بأسلوب شعبي ديمقراطي. نطرح عليكم أسئلة قصيرة نود إجابات مختصرة.. كيف تنظرون للتهم المتبادلة بين بعض الشخصيات التاريخية؟ هؤلاء من أبناء جيل الثورة والشعب الآن ما هو إلا حكم، وأقول إن هذه الصراعات تمس بمصداقية جيل الثورة. وعن الأزمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط؟ أظن أن الجزائر ليس لها اقتصاد، واقتصادها الحالي هو ريعي، فلا يمكن أن نتحدث عن الأزمة، لكن مع إنخفاض سعر البترول فستتولد أزمة حقيقية في الجزائر. وماهي حلول الأفانا لتجنبها؟ لمواجهة إنعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية يجب العودة إلى الاستثمار في الإنسان الجزائري وجعله منتجا فلاحيا، صناعيا، وسياحيا، وهذا مستقبلنا. ما تعليقكم على حادثة الصحفي العراقي الزيدي والحذاء؟ إنها الشجاعة، وهو بذلك مجاهد القضية العراقية، وبهذا التعبير الذي قام به الصحفي الزايدي نستخلص أن الشارع العربي أقوى من حكامه.