بات المشهد السياسي أكثر وضوحا مع إقتراب موعد الإستحقاق الرئاسي المرتقب في غضون الأيام العشرة الأولى من شهر أفريل المقبل، وتحديدا في اليوم الثاني أو التاسع منه وستشهد الأيام القليلة المقبلة، تسارعا في وتيرة التحضيرات على أن تتزامن وإعلان المرشحين الذين يعتزمون دخول المعترك الإنتخابي رسميا عن ترشحهم. وفي هذا الشأن، يرتقب أن يعلن السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال هذه الأيام عن ترشحه وكذا السيدة لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال التي فضلت تأخير الإعلان عن موقفها بشكل نهائي. وتكتسي رئاسيات 2009 أهمية كبيرة بالنظر إلى سياق الأحداث الذي تجري فيه، فعلى الصعيد الداخلي تعيش الجزائر، التي مازالت ورشة، على وقع مشاريع وإصلاحات وبرامج تنموية ضخمة، أما على الصعيد الخارجي، فإنها تتزامن والأزمة العالمية التي ستكون لها عواقب وخيمة على اقتصاد كل الدول دون استثناء، ومن هذا المنطلق فإن التحديات والرهانات التي يواجهها الرئيس الذي تفرزه الإنتخابات، لن تكون هينة، ربما يكون ذلك الدافع الحقيقي وراء اتحاد بعض قادة الأحزاب موقف عدم المشاركة رغم انعكاساته السلبية على آداء تشكيلاتهم، لاسيما وأن الاستحقاق الرئاسي يعد إمتحانا حقيقيا لقيادة الحزب ووزنه في الساحة من خلال مدى إسهامه في إيجاد حلول وبلورة برامج مستقبلية تكمل ما تم إنجازه خلال العشرية المنقضية. وفي الوقت الذي فضل فيه قادة بعض الأحزاب والشخصيات الوطنية عدم المغامرة في إمتحان صعب نتيجة قياس مدى فعالية ونجاعة أي حزب سياسي، فإن أحزاب أخرى فضلت أن تكون مواقفها واضحة منذ البداية، مهما كان موقعها في الساحة السياسية مثلما هو الشأن بالنسبة للجبهة الوطنية الجزائرية بقيادة تواتي الذي ورغم الإنشقاق الداخلي الذي دبّ في صفوف حزبه، إلا أنه فرض ترشحه، وكان سباقا للإعلان عن موقفه وذهب رئيس حزب عهد ,54 علي فوزي رباعين في نفس الاتجاه، مع العلم أنه سبق وأن ترشح للرئاسيات. وفيما يخص الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي وباستثناء حركة مجتمع السلم التي حسمت موقفها منذ البداية بإعلان رئيسها أبو جرة سلطاني عدم مساندة أي مرشح حزبي ودعمها مساندة السيد بوتفليقة، مثلها في ذلك مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي في إطار هيئة التحالف الرئاسي، فإن الأحزاب المتبقية، ويتعلق الأمر بحركتي النهضة والإصلاح الوطني المؤسستين من قبل عبد اللّه جاب اللّه، غرقت في الصراعات الداخلية التي ألقت بظلالها على موقفها من المشاركة ففضلت النهضة عدم المشاركة وفضل جاب اللّه الذي يغيب لأول مرة عن الرئاسيات بعد مشاركة منتظمة رغم الوعاء الإنتخابي الذي كان سيغنيه عن المشاركة باسم أي حزب ولعل ما يؤكد ذلك حصده لعدد معتبر من الأصوات في رئاسيات 2004 رغم أنه أسس حركة الإصلاح الوطني حديثا بعدما انسحب من النهضة، في انتظار حسم القيادة الجديدة لحركة الإصلاح الوطني التي عادت لها مهمة تسيير شؤون الحركة بعد حسم العدالة. وبالنظر إلى المستجدات، فإن اتخاذ قادة بعض الأحزاب والشخصيات قرار عدم المشاركة في الرئاسيات، لا يطرح أي مشكل، لأن الهاجس الفعلي للطبقة السياسية هو العزوف المسجل في تشريعيات عام (2007) عن آداء الفعل الإنتخابي، ورغم أن الأمر يختلف عندما يتعلق باستحقاق رئاسي، ولعل ما يؤكد ذلك نسبة المشاركة في رئاسيات 2004 و1999 إلا أن الطبقة السياسية ومن منطلق تحملها المسؤولية تفضل أن تصب كل جهودها في هذا الاتجاه. ورغم كل المعطيات، إلا أن الرئاسيات ستكون مميزة، لاسيما وأنه إلى غاية الآن تم تسجيل 18 مرشحا 12 منهم سحبوا استمارات الإكتتاب في انتظار الإعلان الرسمي لبعض المترشحين الذي وعلى الأرجح لن يتأخر وسيتم خلال الأيام القليلة المقبلة.