هو طلال سلمان أحد أعمدة الصحافة العربية، أكثر من نصف قرن من العطاء الاعلامي واصل ليله بنهاره في خدمة قضايا الامة العربية والاسلامية وانحيازه لثوابت الامة مما جعله عرضة لمحاولة اغتيال نجا باعجوبة منها وكلفه نسفا لمطبعة جريدة السفير التي اسسسها ولم تتوقف طيلة 35سنة من الصدور. رحب بالمستقبل لما علم أنها من الجزائر واستقبلنا في مكتبه ولم يتردد لحظة واحدة في تأخير الموعد أو تحديده بفترة زمنية رغم كثرة رزنامة المواعيد وتعدد الانشغالات، فكان أول حوار يجريه طلال سلمان مع يومية جزائرية حول مساره المهني ومواقفه من الأحداث المتسارعة في العالم العربي. المستقبل: تحية نحملها إليك من الطاقم الصحفي ليومية المستقبل.. طلال سلمان: "ابتسم" -وشراك لاباس- اردت ان ارد لك التحية باللهجة الجزائرية وهذه الكلمات الجزائرية مازلت احتفظ بها منذ زرت الجزائر 1962 في اول عيد استقلالها، اهلا وسهلا وارحب بك مرتين مرة لانك من الجزائر ومرة لانك زميلنا من صحافة الجزائر . المستقبل: أرى غياب المغرب العربي عموما والجزائر على وجه التحديد في الاعلام اللبناني المرئي والمكتوب هل هذه قطيعة أم جفاء أم انغلاق؟. طلال سلمان: نعم سيدي هذا امر مؤسف ومن الصعب ان انظر اليه منفصلا عن الجو العربي عموما منذ سنوات وسنوات، ومنذ ان اقدم انور السادات على اختراق المحرم ووقع الصفقة المشؤومة "اتفاقيات كامب ديفد" انعزلت مصر على المشرق العربي الى حد ما انعزل ما خلفها جغرافيا. كانت مصر رابطة بين العرب بكل المعاني سياسيا ثقافيا واجتماعيا الى حد كبير وكانت تعزز فيهم هذا التواصل في كل من جناحي الوطن العربي والمغرب العربي والمشرق العربي من وحدة المصير والمشروع وكل ما هو مشترك من طموحات واماني، وبعد ان فعل السادات فعلته انحصرت مصر وانحصر كل ما خلفها، حجبتنا عنكم وحجبتكم عنا-للاسف- هذا من ناحية المبدأ، ثم تزاحمت علينا وعليكم المشاكل واغرقت كل واحد منا في همومه، غرق المغرب العربي قطرا قطرا في همومه وغرق المشرق ايضا قطرا قطرا في همومه. المستقبل: هل تقصد أن مصر هي الجامع الوحيد لنا ؟ طلال سلمان: لا..لا.. بحكم القضية الفلسطنية كانت رابطا نضاليا حقيقا بين العرب وكانت القاهرة بوصفها لفترة ما قيادة عربية معنوية وبوصفها مقر الجامعة العربية وبوصفها البلد العربي الذي لعب دورا أساسيا في تقاطع الفن والثقافة والادب والاذاعة، ولان القاهرة كانت تتوسط بين المشرق والمغرب، حيث كان المغرب العربي في احوال نضاله يلجأ الى القاهرة ويتخذ منها مقرا لحركته وكذلك المشرق العربي في بعض مراحله لكن خسرنا القضية والدولة اي خسرنا القضية الجامعة فلسطين والدولة الرابطة مصر وبالتالي حدث نوع من الانفكاك وتباعدت المسافات. المستقبل: ذكرتنى بمقولة الرئيس الراحل هواري بومدين حين قال" القضية الفلسطنية هي القضية التي تجمعنا وهي القضية التي تفرقنا" هل كلامك يصب في وعاء هذه المقولة وهل صدق قول الراحل بومدين. طلال سلمان: نعم العجز يفرقنا والنضال المشترك يجمعنا المستقبل: حديثنا عن فلسطين يقودنا إلى ما حدث مؤخرا في قمة الدوحة ما هي قراءتكم لحضور الجزائر في القمة الدوحة التي غابت عنها أغلب دول المغرب العربي . طلال سلمان: كانت شعلة في كل القضايا العربية وكانت القطب الاساسي في المغرب العربي. الجزائر كانت صاحبة رأي ومبادرة في كل حدث عربي، كانت تجمع وتقرب وتتخذ مواقف وكان دورها قياديا، ولعلي اذكر لك هنا انها كانت حاضرة في اخر اهم حدث عربي (اتفاق الطائف 1989) وكانت عضوا في اللجنة الثلاثية وأنا كمواطن عربي أفتقد وبحرقة لدور الجزائر في الوطن العربي . المستقبل: وما السبب من وجهة نظركم؟ طلال سلمان: ممكن أرجعه الى اوضاع الجزائر الداخلية التي استنزفتها وأثقلت كاهلها وجعلتها تغرق في همومها الداخلية التي صارت تحد من قدرتها للعب هذا الدور. المستقبل: على ذكرك للاوضاع الجزائر الداخلية كيف واكبتم اعلاميا المأساة الوطنية التى مرت بها؟. طلال سلمان: نحن ضد الارهاب فكرا وممارسة وضد من يتاجر بالشعارات الدينية، وانا اعرف ان الجزائر من اولها الى اخرها مسلمة، ولا يستطيع احد ان يزايد على الاخر بالاسلام، حتى اثناء الاستعمار الفرنسي كان الاسلام في الجزائر القوة المعنوية التي جعلتها تتحرر منه. المستقبل: ماذا عن قصة اعتقالك بسبب دعمك وإسنادك لثورة التحرير الجزائرية؟ طلال سليمان: نعم اعتقلت في سنة 1961 بتهمة مد العون لثورة الجزائر واعتقلت مع ممثل جبهة التحرير آنذاك السيد المحترم أحمد جابر زوج السيدة زهور ونيسي الوزيرة السابقة، ودامت فترة اعتقالي 9 ايام في نظارة الامن العام بالمحكمة العسكرية و12يوما في زنزانة انفرادية في سجن الرمل وبضعة أيام أخرى، وهذا أقل ما نقدمه للشعب الجزائري الرائد في ثورته. المستقبل: ومتى كانت أول زيارة لك للجزائر؟ طلال سليمان: كانت سنة 1962 وكنت كلي حماسا لرؤية الجزائر المستقلة حيث حضرت رفع العلم الجزائري من طرف اول رئيس جزائري آنذاك أحمد بن بلة الذي تسلم رئاسة الدولة الجزائرية المستقلة، وقد التقيت معظم رموز الثورة الجزائرية، وبغض النظر عن حضوري كصحفي، كان حضوري كمواطن عربي يؤمن إيمانا قويا وراسخا بهذه الثورة، وكنت اسعى ان اكون من اول الحاضرين لمشاهدة استقلال الجزائر بقلوبنا وعقولنا، ولن انسى تلك اللحظات الممزوجة بعبق الثورة ونشوة الاستقلال، وزرت الجزائر رفقة صديقي لخضر الابراهيمي في القمة الثالثة لجبهة الصمود والتصدي التي انعقدت بالجزائر. المستقبل: بوتفليفة أعلن ترشحه رسميا لرئاسيات 9أفريل ما هي قراءتكم لمسيرته الإصلاحية؟. طلال سليمان: فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو صديقي وقد عرفته عندما كان أحد قادة الثورة الجزائرية وعلى امتداد تسلمه لحقيبة الخارجية، والتقيته في قمة الدوحة الاخيرة، وقد دعاني شخصيا لزيارة الجزائر وأرى أنه سيجني ثمار عمله وفوزه القادم، وسأكون بحول الله معكم في أفراحكم. وقد استطاع عن طريق باب المصالحة وبحنكته تجنيب الجزائر جهنم الحرب الأهلية، فقد كانت أيدينا على قلوبنا لما كان يحدث في الجزائر وكنا نخشى ان يحدث لها لا سمح الله ما حدث للبنان، والحمد لله استعادت الجزائر في عهده عافيتها مع تمنياتي أن تستعيد شعلتها على المستوى العربي. المستقبل: هل أجريت حوارات مع شخصيات جزائرية؟ طلال سليمان: أجريت حوارات شهيرة مع رؤساء الجزائر بداية من الرئيس بن بلة والرئيس الراحل بومدين والرئيس بن جديد؟ المستقبل: وماذا عن بوتفليقة؟ طلال سليمان: لقد حاورته عندما كان يحمل حقيبة الخارجية وعلى رأس الدبلوماسية الجزائرية، والتقيته في العديد من العواصم العربية وغيرها وقد حاورته أكثر من مرة لكن لم أحاوره كرئيس للجمهورية الجزائرية وسيكون ذلك إن شاء الله بعد 9 أفريل .
المستقبل: كيف ترى العلاقات الجزائرية اللبنانية؟ طلال سلمان: هي علاقات طبيعية لكنها عادية، بالكاد نرى مسؤولا جزائريا هنا في لبنان وبأقل من ذلك نرى مسؤولا لبناني في الجزائر. المستقبل: هل انتم على اطلاع واتصال بالصحف الجزائرية؟ طلال سلمان: بالنسبة للاطلاع أعرج أحيانا على تصفح بعض الجرائد الجزائرية عن طريق الانترنت، اما عن الاتصال فمحدود جدا وممكن التقصير مني وصار نادرا جدا ان ارى صحفيين جزائرين هنا في لبنان باستثناء حرب تموز، وكان هناك ضغط كبير اثناء الحرب فلم نتمكن من التواصل، لكن وجودكم هنا في لبنان يعد فأل خير وأتمنى أن يتعزز العمل الصحفي بين البلدين الشقيقين. المستقبل: ما تعليقك على الوجوه الاعلامية الجزائرية المتميزة في قناة الجزيرة. طلال سلمان: صدقا كانت مفاجأة سعيدة وانبهرت بهذه الوجوه وما تحمله من كفاءة ومهنية انهم كوادر اعلامية نفتخر بها وتفتخر بها الجزائر. المستقبل: هل من شيء ننقله إليك او تقوله عبر جريدتنا؟ طلال سليمان: هناك من يروج لصور خاطئة عن الجزائر ويؤسفني ان ارى من ارض دماء الشهداء الجزائر العزيزة على قلوبنا والتي لا يمكن ان يشك احد في تاريخها الوطني والعربي والاسلامي، شبابا يخرج ويستقبل جاك شيراك ويصرخ " فيزا فيزا" المستقبل: كلمتك للشعب الجزائري ولجريدة المستقبل؟ طلال سليمان: الجزائر في الوجدان هي بلد عزيز له مكانة خاصة في قلوبنا لتاريخها وثورتها المجيدة، أتمنى ان تعود إلى دورها البارز فنحن نفتقدها بحرقة، فلبنان اخيها الصغير، وهو بحاجة لان تتفقده وترعاه وأن تساعده على تجاوز محنه، اما جريدتكم التي تعرفت عليها من خلالكم والتي اعدها بزيارة لمقرها، اشكرها على هذه المبادرة متمنيا لها الكثير من النجاح والتألق واتمنى ان تكون بيننا علاقات مهنية وتنسيق من أجل توحيد جهودنا ونضالنا تجاه قضايا الامة العربية. مراسلنا في بيروت :فاروق مازوزي سلمان طلال في سطور: - من مواليد 1938ب"شمطار" غربي مدينة بعلبك -انهى دراسته الثانوية سنة1955 - انتقل الى بيروت حيث التحق بجريدة الشرق ثم مجلة الحوادث سنة 1959وصار رئيس تحريرها بعدها مجلة الاحد1960حيث شغل منصب مدير تحريرها -اعتقل في بيروت صيف 1961 بتهمة مد العون للثورة الجزائرية. -سافر الى الكويت سنة1962 حيث اصدر مجلة (دنيا العروبة) -عاد الى بيروت سنة 1963 وتولى منصب مدير التحرير في مجلة "الصياد" - اسس واصدر جريدة السفير في 26031974وحملت شعار( جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان) يردفها شعار اخر "صوت الذين لا صوت لهم" - تعرضت جريدة السفير في يومها الثاني من الصدور الى هجمة شرسة تمثلت في رفع دعاوى قضائية ضدها بلغت 16دعوة - السفيرة "الجريدة الوحيدة التي ظلت تصدر اثناء الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982 ومن اشهر عناوينها انذاك" بيروت تحترق ولا ترفع الاعلام البيضاء" - تم تفجير مطابع السفير سنة1980 من قبل مجهولين وتعرض صاحبها في 14071984 الى محاولة اغتيال امام مقر بيته بالحمراء، ونجا بأعجوبة من موت محقق - طلال سلمان عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ عام 1976 - حاز جائزة المستشرق الروسي فيكتور بوسفاليك في0711200 - حاور اهم القادة العرب ومنهم رؤساء الجزائر " بن بلة والمرحوم هواري بومدين والأسبق الشاذلي بن جديد" ومن القادة العرب الرئيس جمال عبد الناصر، حافظ الاسد، معمر القذافي، علي عبد الله، واية الله والامام الخميني وكل رؤساء لبنان. - في سنة 2004 في الذكرى الثلاثين لإصدار السفير كرمته العديد من المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان وتسلم الكثير من الدروع التقليدية . مؤلفات طلال سليمان: مع فتح والفدائيين دار العودة - 1969 ثرثرة فوق بحيرة ليمان. الى اميرة اسمها بيروت. حجر يثقب ليل الهزيمة - 1992 الهزيمة ليست قدرا - 1995 على الطريق ..عن الديمقراطية والعروبة والاسلام"