سارعت بعض الأوساط السياسية والإعلامية المغربية والموالية للطرح المغربي بخصوص النزاع في الصحراء الغربية، كما جرت العادة عند كل أول زيارة يقوم بها مبعوث أممي إلى المنطقة، للتشويش على مساعي الأممالمتحدة للتوصل إلى حل من شأنه أن يضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، والحفاظ على السلم الدائم في المنطقة. سارعت الخارجية الفرنسية إلى الإفصاح عن تحيزها للمغرب وللطرح المغربي حتى قبل أن ينهي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس محادثاته مع المسؤولين في الرباط، وذلك في محاولة لتأطير وتوجيه أي مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع التي قد يباشرها طرفا النزاع تحت رعاية الأممالمتحدة، وفرض سياسة الأمر الواقع التي أراد المبعوث الأممي السابق بيترفان فالسوم إقناع الشعب الصحراوي بها في انحياز مكشوف للمغرب، والتي كانت وراء إقالته من منصبه كما يرى العديد من المراقبين والملاحظين لمسار النزاع في الصحراء الغربية. وكان عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليزاريو والمنسق مع بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو" امحمد خداد قد عبر عن أسفه إزاء التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المتحدث باسم الحكومة الفرنسية عشية الزيارة التي قام بها كريستوفر روس إلى المنطقة قائلا بأنها تشجع التعنت المغربي، مما يبعث على الأسى والشجب، وأضاف محمد خداد أن هذه التصريحات هي تدخل غير مقبول وعرقلة لمجهودات المبعوث الشخصي للأمين العام بان كي مون لحمل الطرفين على التفاوض طبقا لقرارات مجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل من شأنه أن يضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي. وكان كريستوفر روس المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الغربية قد بدأ جولته الأولى إلى المنطقة بداية من الأربعاء الماضي، التقى فيها المسؤولين في الرباط قبل أن يتوجه إلى الالتقاء بالمسؤولين الصحراويين بمخيمات اللاجئين، وبعدها إلى الجزائر ليختتم جولته بزيارة كل من باريس ومدريد، والملاحظ أن روس هذه المرة استثنى زيارة نواقشوط من جولته، وقد يفسر ذلك بموقف الأممالمتحدة غير المحسوم لحد الآن بالوضع الجديد في موريتانيا، رغم أن زيارة روس بقدر ما هي استكشافية للمواقف المعلنة في أفق عقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليزاريو فإن عددا من المراقبين لا يرون فيها أي قيمة مضافة يمكن أن تحيل على حل الملف في الأفق القريب بسبب التعنت المغربي وعرقلته لكافة المساعي الرامية إلى إيجاد حل عادل ونزيه يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. ويعلق الشعب الصحراوي الذي استقبل روس بالزغاريد آمالا كبيرة عليه بحكم إلمامه العميق بحيثيات النزاع في الصحراء الغربية واتقانه اللغة العربية، كما أنه يكون قد أخذ العبرة من محاولة سلفه فالسوم الذي أراد الاتفاق على الحلقة الأضعف في النزاع، والخروج عن إطار القرارات الأممية بعد أن طالب الصحراويين بالتخلي عن الاستقلال بحجة أنه "لم يعد واقعيا". وكان امحمد خداد عضو الأمانة الوطنية للبوليزاريو قد أكد أن الجولة التي يقوم بها روس في الصحراء الغربية هي فرصة لاستئناف عملية تصفية الاستعمار من آخر إقليم ما يزال تحت الحكم الاستعماري في إفريقيا من أجل إيجاد سلام دائم وعادل في المنطقة على أساس قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، وقال الدبلوماسي الصحراوي خداد في تصريح لوكالة الأنباء الصحراوية إن تعبير الشعب الصحراوي عن خياره في مستقبله من خلال استفتاء حر ونزيه لتقرير المصير هو الوسيلة الديمقراطية والطريقة القانونية الوحيدة لوقف النزاع المغربي- الصحراوي.