ما من شك أن الجزائر عانت من أزمات عديدة منذ أن انهارت أسعار البترول سنة 1986 إلى أدنى مستوى لها حيث بيع برميل البترول بأقل من 7 دولار رغم أن تكلفته كانت في حدود 10 دولار للبرميل الواحد ، في تلك الفترة عرفت الجزائر أزمة تموين حقيقية وتوقفت جل المشاريع الضخمة منها مشروع ميترو العاصمة الذي لم ينته الى يومنا هذا ،وقد أثرت الأزمة الاقتصادية الى درجة انفجر الشعب غاضبا في أحداث 5 أكتوبر 1988 مطالبا بتوزيع عادل للثورة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة ،وعوض تحقيق تلك المطالب سارعت السلطة آنذاك الى تحقيق مطالب أخرى من انفتاح سياسي مفرط وديمقراطية عرجاء باعتماد أغلب الأحزاب من أقصى اليمين الى أقصى اليسار . مع صدور دستور 23 فيفري 1989 الذي أقر لأول مرة حق إنشاء جمعيات ذات طابع سياسي حتى دخلنا عهدا جديدا من النشاط السياسي بظهور أحزاب فاقت في مجملها 60 حزبا أغلبها أحزاب مجهرية عائلية ذات مسؤولية محدودة ،مقابل هذا بقي الوضع الاقتصادي والاجتماعي هش وبرزت من ضمن هذه الأحزاب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة حاليا ،تضم مختلف التيارات السياسية الدينية لكن النواة الصلبة المتطرفة والمتمثلة في التيار السلفي التكفيري الجهادي تحكمت في هرم قيادة الحزب وكان لها خطاب عنيف ومتطرف جدا استقطب مئات الآلاف من الشباب ومن وراءهم العديد من شرائح المجتمع الغاضب والثائر بسبب وضعه الاجتماعي والاقتصادي ، مما أدخلنا في أزمة سياسية بعد توقيف المسار الانتخابي في يناير 1992 بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 26 ديسمبر 1991 واستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد وتعيين المجلس الأعلى للدولة بقيادة الراحل محمد بوضياف ،وبعد الأزمة السياسية جاءت الأزمة الأمنية التي خفت حدتها منذ سنة 2000 الى يومنا هذا بنسب تقارب 90 بالمائة بالمقارنة مع الوضع الأمني الذي ساد الجزائر من 1992 إلى 1999، ورغم هذا بقيت الجزائر تمارس عملية تقوية الفعل الديموقراطي وبناء مؤسسات الدولة التى كادت الازمة السياسية أن تقوض وتعصف بأركان الدولة برمتها وتدخل البلاد في أتون حرب أهلية يدفع ثمنها الاجيال حيث جرت سنة 1995 أول انتخابات رئاسية قيل الكثير عن شفافيتها حيث فاز اللواء اليمين زروال أمام مرشح التيار الإسلامي الراحل محفوظ نحناح وسعيد سعدي مرشح التيار العلماني ، لكن أهم انتخابات رئاسية عرفتها الجزائر كانت سنة 1999 بعد استقالة اليمين زروال وإعلانه تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة جرت في ظل وجود سبعة فرسان غلب على الحملة الإنتخابية آنذاك تهريج دعائي وصل الى حد التجريح والتشكيك وفي نهاية المطاف انسحاب ستة فرسان رغم أن القانون يمنع ذلك وفاز مرشح التيار الوطني عبد العزيز بوتفليقة بالانتخابات، وجاءت ثالث انتخابات رئاسية في ظل انقسام جبهة التحرير الوطني وما عرف بعدها بالحركة التصحيحية، وعرفت الحملة الانتخابية حملة شرسة استخدمت فيها أساليب غير مسؤولة من تجريح وإساءة وتهكم وتشكيك انتهت باختيار الشعب للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالاغلبية المطلقة في نهاية المطاف وتحميله أمانة قيادة قاطرة الاصلاحات فوز أسكت الخصوم في الداخل وألجم أفواه المشككين في الخارج، وكان ذلك نتيجة لسياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية والسلم المدني التي مكنت الجزائر من استرجاع عافيتها الأمنية و بداية عهد الإقلاع الاقتصادي الذي تجسد ميدانيا من خلال اٍلأرقام التالية : - انخفضت البطالة الى ما دون 12 بالمائة بعدما كانت تقارب ال 30 بالمائة بداية سنة 1999 مع توظيف قرابة 3 ملايين ونصف في الإدارات العمومية ومختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الفلاحة، وأكثر من مليونين ونصف في مناصب لمختلف الآليات التي استحدثت لمحاربة البطالة . - تم تأمين نمو خارج المحروقات بنحو 5 بالمائة، وفاق 6 بالمائة في السنتين المنصرمتين 2007 - 2008 ، واستحداث 120 ألف مؤسسة جديدة صغيرة ومتوسطة خلال السنوات الخمس الأخيرةo وتراجعت المديونية إلى أدنى المستويات أيضا، حسب ما ورد في خطاب المترشح بوتفليقة، إلى أقل من 5 ملايير حاليا بعدما كانت 30 مليار دولار سنة 1999 ، وتجاوز احتياطي الصرف ال 140 مليار دولار مع نهاية ديسمبر 2008 . - تعزز صندوق ضبط الإيرادات هو الآخر ب 4 آلاف مليار دينار و 56 مليار دولار مقابل تقلص المديونية العمومية الداخلية من 1800 مليار دينار و 25 مليار دولار إلى 700 و 9 مليار دولار . - بناء أكثر من مليون ونصف المليون من السكنات سلم منها حوالي 850.000 سكن منذ شهرجانفي ,2004 في حين يجري إنجاز أكثر من 000. 005 سكن آخر. - إنجاز قرابة 4000 مدرسة إبتدائية وحوالي 2000 إكمالية وأكثر من 550 ثانوية ويضاف إلى ذلك ما بُذل من جهود في مجال النقل والإطعام المدرسيين. - فتح أكثر من 260 مؤسسة للتكوين المهني. - إنجاز أكثر من 000. 006 مقعد بيداغوجي وقرابة 000. 003 بقعة إيواء لفائدة الجامعة التي تجاوز فيها عدد الطلبة حاليا المليونo وقد تعزز التعليم العالي ب 19 مؤسسة جامعية تمت ترقيتها إلى جامعات جديدة. - تشغيل العديد من المنشآت الجديدة في مجال الصحة العمومية، منها 33 مستشفى و100 عيادة متعددة الخدمات. - توصيل الغاز الطبيعي إلى حوالي 1000. 001.1 بيت خلال نفس العشرية، في حين تم توصيل الكهرباء إلى أكثر من 000. 053 بيت ريفي جديد، مع التذكير بأن نسبة ربط البيوت بالشبكة الكهربائية تبلغ 89 ٪ - تحسّن ملحوظ في التزويد بالماء الشروب بفضل عدد ما تحقق من الإنجازات التي شملت 39 سدا جديدا تم تسليمها بالتزامن مع الإطلاق الفعلي لبرنامج تحلية مياه البحر. - استحداث أو ترميم ما طوله 30000 كلم من الطرق، مع 1522 منشأة فنيةo أما الطريق السيار شرق ؟ غرب الجاري إنجازه، فسيبلغ طوله 1216 كلم. - تحديث السكة الحديدية في العمق وإنجاز ما طوله 1511 كلم من الخطوط الجديدةo - بناء مدرجات جديدة بالمطارات أو تمديدها أو تعزيزها في 53 مطارا - عمليات إنجاز وتهيئة وتجريف وحماية خصت 97 منشأة بحرية، منها بناء 11 مرفأ صيد بحري هذه الأرقام وغيرها ستلقى بظلالها على الحملة الانتخابية التي ستجرى في 9 أفريل 2009، وقد تكون هذه الانتخابات أول انتخابات تعددية رئاسية تجرى في ظروف الممارسة الديمقراطية المسؤولة بعيدة عن التهريج السياسي والتجريح والتشكيك والتضليل خصوصا وأن الانتخابات ستجرى هذه المرة بالتركيز على البرامج الانتخابية وعلى مصداقية المترشحين أي أن البعد الإيديولوجي الدعائي قد يغيب لصالح البراغماتية والواقعية. فاتح لعقاب