ذكر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الجزائري قد استفاد من عدة سنوات من التوسع الاقتصادي المستمر، وهو ناتج عن الإصلاحات التي باشرتها السلطات خلال السنوات الأخيرة، كما لاحظ نموا قويا في الأنشطة الاقتصادية خارج المحروقات وانخفاض في معدلات التضخم. وقال الصندوق في تقريره الصادر أمس، والذي تلقت "المستقبل" نسخة منه، أن الوضعية المالية التي تعرفها البلاد جد مريحة، واعتبر وضعية الديون الخارجية مستقرة، مع ذلك سجل خبراء صندوق النقد الدولي وبعد محادثات أجروها في الجزائر نهاية العام 2008، أن نسب البطالة بين الشباب الجزائري لا زالت مرتفعة بالإضافة إلى اعتماد الاقتصاد الوطني على صادرات النفط والغاز بنسبة 98 بالمئة من صادرات الجزائر، وما يقارب 75 إلى 80 بالمئة من مستوى الدخل القومي، ولم يستبعد الخبراء تأثير انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية على الجزائر، ودعوا في تقريرهم هذا إلى الضرورة الملحة لتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وتسهيل النمو خارج النفط، وهو ما يفتح تحديات أخرى تواجه الحكومة القادمة. التقرير الذي ورد في 44 صحفة سلط الضوء على آثار انخفاض أسعار النفط، متوقعا أن يكون لهذا تبعات أخرى في حالة استمرار هذه الوضعية، وقد تمتد إلى إضعاف الموقف المالي للجزائر بالإضافة إلى تأخيره للاستثمارات ومساسه المباشر بالصناعة خارج المحروقات، وأشار إلى أن التعديلات ضرورية للحفاظ على السلامة المالية، متوقعا تحرك السلطات في الآماد القليلة القادمة إذا ثبت استمرار الوضع لما هو عليه، ودعا الصندوق إلى ضرورة اعتماد ما وصفه بالمرونة المالية، نظرا لما يسود الاقتصاد العالمي من حالة عدم اليقين، وما تبعها من تزايد التوقعات الاقتصادية في العالم بانخفاض في أسعار المواد الأساسية، مشددا على ضرورة احتواء نسب التضخم من خلال التنسيق بين السياسات النقدية والمالية لدعم الطلب المحلي. كما دعا خبراء الأفامي إلى ضرورة دفع وتنمية القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحسن مناخ الأعمال وزيادة إدماج الجزائر في الاقتصادي الإقليمي والعالمي، مشيرا إلى الاستقرار الذي تعرفه معدلات الصرف للدينار التي اقتربت من مستوى التوازن. وكأهم ما أورده الصندوق ملاحظته للاستقرار السياسي بالبلاد، وأضاف أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يطمح للفوز بعهدة ثالثة، واعتبر أن التهديد الإرهابي لا زال قائما بالبلاد من حيث أنه يقوم بعمليات متقطعة بين الفينة والأخرى. يذكر أن هذا التقرير جاء بعد مباحثات أجراها خبراء عن صندوق النقد الدولي مع ممثلي الجزائر حول تقييم الساحة الاقتصادية للبلاد من خلال نهاية العام 2008، وأضاف أن التقرير أصدر على ضوء ما جمعه الخبراء من معلومات والتي تم تحليلها من طرف خبراء الصندوق يوم 21 جانفي الماضي ولا يعبر بالضرورة على رأي المجلس الإداري للصندوق.