أكد جوال توجاس برناتي رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في الجزائر أن استمرار الأزمة المالية الراهنة سيؤثر سلبا على مستقبل البرامج الاستثمارية، من حيث تراجع مداخيل المحروقات التي تشكل أكثر من 90 بالمائة من الناتج الوطني الخام، نتيجة انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 50 دولارا للبرميل، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات وقائية لتجنب ركود البرامج التنموية على المدى الطويل، مضيفا أن الانخفاض الكبير لأسعار المحروقات سيؤدي بصورة مباشرة إلى عجز كلي في ميزانية الدولة. وأوضح برناتي أمس خلال ندوة صحفية بالعاصمة أن التحدي الذي يواجه الجزائر حاليا في ظل الأزمة المالية على المدى القصير يشمل وجوب ضمان نسبة عالية للنمو خارج المحروقات، بالشكل الذي يضمن خفض معدلات البطالة، وكذا العمل على دمج الاقتصاد الوطني في التجمعات الدولية والجهوية، إلى جانب تحسين مناخ الأعمال لمواجهتها على المدى الطويل. وأضاف المتحدث أن السياسات التي باشرتها الحكومة بأداء الديون الخارجية وتحفظها عن إنشاء صندوق سيادي، ساهم في تجنب التأثر بالأزمة فيما يتعلق بالنظام المالي باعتباره غير مندمج في الاقتصاديات العالمية، في حين لم يستبعد من جهة أخرى إمكانية التأثر الإيجابي بتداعيات الأزمة المالية، بالنظر إلى تراجع أسعار المواد الأولية، بما فيها المواد الغذائية ومواد البناء، وهو ما يؤثر على انخفاض فاتورة الاستيراد وتقليص معدل التضخم الإجمالي. وطالب ممثل صندوق النقد الدولي السلطات الحكومية بضرورة ترشيد النفقات العمومية، وتشجيع النمو خارج المحروقات لتهيئة المناخ العام لاتخاذ إجراءات وقائية ضد الأزمة، في ظل تضاؤل العائدات النفطية، والتي تشمل تحديد قائمة الأولويات الحالية والمستقبلية في البرامج الاستثمارية للحكومة. من جهة أخرى، نوه المتحدث بالخيارات الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة، على غرار التريث في إعادة فتح رأسمال القرض الشعبي الجزائري والتحفظ حول مسألة إنشاء الصناديق السيادية، والعمل على توظيف الودائع المالية الوطنية في البنوك المركزية، كما أقر بأن قيمة العملة الوطنية تعادل مستواها المتوازن في المدى المتوسط، بعدما دعت ذات الهيئة إلى ضرورة مراجعة سعر الصرف في وقت سابق. وعن الاجتماع المقرر عقده بواشنطن للخروج بحلول للأزمة، قال المتحدث إن صندوق النقد سيقدم جملة من الاقتراحات تشمل تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي للعمل على استرجاع الثقة في المحيط المالي وضمان نسبة نمو جيد للاقتصاد العالمي تجنبا لمخاطر الركود. توقعات النمو الاقتصادي ل 2009 توقع صندوق النقد الدولي أن تبقى اتجاهات الاقتصاد الكلي للجزائر ''إيجابية'' رغم تراجع المعدل العام للنمو الاقتصادي إلى نسبة تتراوح ما بين 5ر2 إلى 3 بالمائة، بالنظر إلى تراجع عائدات المحروقات نتيجة انهيار أسعار النفط إلى ما دون 50 دولارا للبرميل. وأشار ممثل صندوق النقد الدولي إلى أن المداخيل خارج قطاع المحروقات ستعرف من جهة أخرى نموا معتبرا يقارب 6 بالمائة، مضيفا أن معدل التضخم الإجمالي للسنة القادمة لن يتجاوز 4 بالمائة على مدار السنة.