سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منتخبون هددوني بالقتل بسبب تحقيقات حول الفساد الصحفي عبد اللطيف بلقايم رئيس قسم التحقيقات بجريدة '' الجزائر نيوز '' للمستقبل :
أرسلت بواسطة ك.س , وèلهبر 04, 2009
Votes: +1
صحفي جريء، يملك طاقة هائلة من النشاط، مكنته من تأسيس لجنة لإسكان الصحافيين التي تمكنت لأول مرة في تاريخ الصحافة الجزائرية من التفاف 1500 صحفي من العاصمة حولها، برز اسمه بقوة بفضل التحقيقات التي أنجزها حول مختلف قضايا الفساد ورغم التهديدات والمضايقات بل والمتابعات القضائية التي كلفته السجن غير النافذ والغرامة المالية إلا أنه بقي مصرا على مكافحة الفساد ولو بقلم لا يملك سواه. جريدة المستقبل التقت الصحفي الظاهرة ''عبد اللطيف بلقايم'' رئيس قسم التحقيقات والروبورتاجات في جريدة ''الجزائر نيوز'' وأجرت معه هذا الحوار تابعوا: - ولعك بالصحافة كان حلم الطفولة أم صدفة نسج خيوطها القدر؟ -- دخولي عالم الصحافة هو مزيج بين الصدفة والرغبة، رغم أن حلمي منذ الصغر أن أكون لاعب كرة قدم حيث بدأت ممارسة كرة القدم وعمري لا يتجاوز 11 سنة حيث لعبت في صفوف أولمبي الشلف إلى غاية نجاحي في البكالوريا عام 1997 وكنت حينها في صنف الأواسط، وانتقلت إلى العاصمة للدراسة لكني بقيت متمسكا بحلم مواصلة ممارسة كرة القدم، خاصة وأن والدي واثنين من أعمامي كانوا جميعا يمارسون هذه الهواية فنحن عائلة رياضية جدا، فأردت مواصلة درب والدي لكنه أقنعني رحمه الله أن كرة القدم ليست مستقبلا يضمن لي عيشا كريما وشجعني للاهتمام بدراستي أكثر، ولكني مع ذلك التحقت بفريق نجم بن عكنون وسجلت في الوقت نفسه شعبة تاريخ في بوزريعة إلا أنني لم أتمكن من التوفيق بين الدراسة وممارسة هوايتي المفضلة. - درست التاريخ في الجامعة هل كان ذلك اختيارك؟ -- في الحقيقة كنت أرغب في دراسة الترجمة وكانت العلوم السياسية اختياري الثاني والصحافة اختياري الثالث، لكني وجهت إلى الاختيار السادس وهو التاريخ، ودرست سنة كاملة بمعهد التاريخ لكني بعد ذلك قمت بتحويل إلى الجذع المشترك للعلوم السياسية والإعلام وعلم المكتبات وكانت أول سنة يطبق فيها هذا النظام الجديد وفي السنة الثانية تم توجيهي إلى قسم علوم الإعلام والاتصال وأنت كنت زميلي في الفوج وفي دفعة .2002 - واقتنعت بأن الصحافة هي مستقبلك؟ -- أحببت الصحافة من أجل والدي اللذين رغباني كثيرا في الدراسة وأعطياني دفعا قويا لأكون صحفيا، فأحببت هذه المهنة لأن والدي يحبانها. - في الإقامة الجامعية بحيدرة كنت مشاركا في تنشيط إذاعة الإقامة، حدثنا عن هذه التجربة؟ -- لم أكن من المشاركين فيها بل من مؤسسيها رفقة عدد من طلبة الإعلام، فمديرية الخدمات الجامعية أرادت إنشاء إذاعات محلية خاصة داخل الإقامات الجامعية وكانت إقامة حيدرة وسط أول من بادرت بإنشاء إذاعة داخلية، وقد خضعنا لامتحان شفهي وكتابي وتجارب صوتية، وأول منصب توليته هو منشط إذاعي ومذيع الأخبار الرئيسية، كما أجريت أيضا تربصا (تكوينا) في التلفزة الجزائرية لمدة ستة أشهر وكنت أسعى إلى التوظيف في هذه المؤسسة الإعلامية، لكن أحد المسؤولين أكد لي عدم وجود منصب مالي رغم اقتناعهم بإمكاناتي المهنية في السمعي البصري. - أين وضعت أول قدم في الصحافة المكتوبة؟ -- التحقت في أواخر 2003 بجريدة ''الوسط''، بعد أن وجهني إليها أحد الصحافيين الذين التقيتهم في دار الصحافة وأخبرني بأن جريدة الوسط بحاجة إلى صحافيين شباب، فاغتنمت الفرصة خاصة وأن همي الأول كان يتمثل في أن أتكون ميدانيا في الصحافة المكتوبة، وقابلت المدير بوحجار، وكانت فرحتي كبيرة عندما قال لي لا يوجد إشكال، وأول قسم عملت فيه كان القسم المحلي، وبذلت جهدا كبيرا لإثبات جدارتي بهذه المهنة، وبدأت مقالاتي على تواضعها تثير إعجاب المسؤولين في الجريدة. - أثبت جدارتك مهنيا فهل تم توظيفك بسرعة؟ -- لم أتقاض أي أجر طيلة ستة أشهر، حيث كنت أعمل كصحفي متربص. - كيف ذلك؟ -- كنت إلى جانب صحفي أو اثنين على الأقل في جريدة الوسط، كانت وضعيتنا الإدارية مجهولة. - وهذا السبب هو الذي دفعك لتشد الرحال إلى جريدة الفجر؟ -- في جريدة الفجر كانت الأمور تظهر لي بأنها جيدة جدا، لأنني لست من بادر بطلب تسوية وضعيتي الإدارية وإنما السيدة حدة حزام مديرة الجريدة التي طلبت مني تكوين ملفي الإداري حتى يتم تسوية وضعيتي المهنية مع الإدارة، وعملت معها قرابة سنة. - وكيف كانت تجربتك هناك؟ -- في أول لقاء لي مع السيدة حدة حزام قالت لي بأنها كونت العديد من الصحافيين الشباب، ولما يكتسبون الخبرة والتجربة المهنية يغادرونها إلى جرائد أخرى، وهي الآن لا تريد أن تغامر في تجربة جديدة، فوعدتها أنه لو تسوي وضعيتي في جريدة الفجر فلن أتخلى عنها أبدا، خاصة وأني كنت أقيم وحدي في العاصمة وظروفي الاجتماعية صعبة لأن الوالد كان متقاعدا. - وماذا بعدها؟ -- لا لم تسو وضعيتي بسرعة لأنه كان يجب أن أمر بفترة تربص لأنها لم تكن تعرفني مسبقا. - وكم دامت مدة التربص هذه المرة؟ -- ثلاثة أشهر، وقد جاءتني المديرة إلى قاعة التحرير وطلبت مني أن أكون ملفي الإداري، ولكن ما همني أكثر هو أنني تلقيت رعاية في جريدة الفجر أكبر بكثير من جريدة الوسط، سواء من الصحافيين أو من المديرة ذاتها التي كانت تتابع مقالاتي الصحفية التي كتبتها سواء في القسم المحلي أو في قسم المجتمع ونشرت لي مقالات في القسم الوطني، وكانت الصحفية غنية قمراوي هي التي أشرفت على تكويني، وهي التي ساعدتني على وضع جسر بين ما قرأته نظريا وما هو موجود ميدانيا وعلمتني التقنيات الحقيقية للكتابة الصحفية. - السيدة حدة حزام وظفتك وكونتك وفتحت لك الفرصة لتبرز في عالم الصحافة ولكنك تخليت عنها رغم وعدك لها، لماذا؟ -- لم أتخل عن السيدة حدة، وكلمة ''تخلي'' كلمة كبيرة، ولكني كنت مضطرا، فظروفي الاجتماعية عندما التحقت بالفجر تغيرت بعد ذلك. - كيف؟ -- أصبحت بحاجة إلى مدخول مالي لأنني طيلة ثلاثة أشهر من التربص في الفجر لم أتلق أي أجر، وظروفي الاجتماعية ازدادت صعوبة، كما أن جريدة الجزائر نيوز كانت حينها توظف صحافيين جدد وتعطي لهم منحا، حتى أنني من شدة حيائي منها أرسلت لها رسالة في ظرف بريدي مغلق أستسمحها في مغادرة الجريدة، وفي الجزائر نيوز بذلت كل مجهودي لأثبت جدراتي بالتوظيف وأخذت بكل التوجيهات التي قدمها لي سعيد جاب الخير، وبعد نحو شهرين أو شهرين ونصف تلقيت أول راتب كصحفي متربص. - كم تقاضيت حينها؟ -- ستة آلاف دينار. - رغم هذه المنحة الزهيدة ومع ذلك بقيت وفيا ''للجزائر نيوز'' وكان أول بروز لك من خلال تحقيق أجريته لهذه الجريدة، حول ماذا كان يدور محور هذا التحقيق؟ -- أولا عندما التحقت بالجزائر نيوز عملت في القسم المحلي، وكنت أتابع جيدا المواضيع الذي أكتبها من خلال مقالات قصيرة، ولكني كنت أرى بأن بعض المواضيع الصغيرة تحتاج أن نتناولها من خلال التحقيق الصحفي، فكنت أميل إلى هذا العمل الصحفي لأنه عمل مميز، وأول تحقيق أجريته كان بعد شهرين أو شهرين ونصف من التحاقي بهذه الجريدة، وكان يدور حول أرض مملوكة للدولة في القليعة (تيبازة) تم تحويلها بطريقة غير شرعية من طرف عائلة ثرية، والقيمة المالية لهذه الأرض تتراوح ما بين 15 و20 مليار سنتيم، فطريقة معالجتي للموضوع والوثائق التي تحصلت عليها والدليل الذي دعمت به تحقيقي أثار إعجاب هيئة التحرير آنذاك وقد أشاد مدير الجريدة حميدة العياشي في الاجتماع العام للصحافيين بالطريقة التي أنجزت بها الموضوع. - هل كان هذا التحقيق هو سبب منحك راتبا شهريا لأول مرة؟ -- لا لم يكن هذا الموضوع سبب توظيفي، بل كانت هناك أسباب عديدة لذلك، فالتزامي المهني وسيرتي كانا السبب الرئيس في توظيفي. - كم تطلب الوقت لتوظيفك كصحفي متعاقد؟ -- بعد شهرين ونصف منحتنا الإدارة قرارات توظيف بمرتب لا بأس به في ذلك الوقت (2004) كان في حدود 11 ألف دينار. - أثبت جدارتك بسرعة كصحفي محقق مما جعل مديرة الجريدة يضع ثقته فيك ويكلفك بترأس مكتب الجريدة في الغرب بوهران، ولكنك اتهمت بأنك أرسلت خصيصا لتشويه هذه المدينة بالذات، ما قصة مغامرتك في عاصمة الغرب الجزائري؟ -- بعد نجاحي في عملي الصحفي بالعاصمة، تقدم لي مدير الجريدة بعرض للإشراف على قسم التحرير في وهران، وحميدة العياشي منح فرصا كثيرة لصحافيين شباب، ووافقت على العرض وذهبت إلى وهران خاصة وأن مسقط رأسي في الشلف قريب من وهران، وكنت أعرف وهران مسبقا، وعندما أقمت في هناك وجدت وضعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا قائما وكانت الصحافة المحلية قليلا ونادرا ما تتطرق لمواضيع تصنف بأنها من الطابوهات، ونحن كنا نسمع بأن وهران مدينة الزهو، فأردت أن أكتشف العلاقة بين ما هو رائج في المجتمع وما هو حقيقي، فحاولت أن أسلط الضوء على واقع اجتماعي مرير، فكتبت على دور الدعارة المنظمة وغير المنظمة، وعن الانحلال الخلقي، دون أن يعني ذلك بأن هذه الظاهرة محصورة فقط في ولاية وهران. - وهل تعرضت لضغوط بسبب هذه التحقيقات المثيرة للجدل؟ -- الناس الذين آخذوني على هذه التحقيقات من بينهم نواب في البرلمان ومنتخبون محليون ومسؤولون والمجتمع المدني في وهران، اتهموني بأنني حصرت المسألة الأخلاقية أو الانحلال الخلقي في وهران دون بقية مدن الجزائر، ولكن إحصاءات الشرطة والدرك الوطني تضع وهران وعنابة في مراتب متقدمة فيما يتعلق بانتشار الجريمة والأمور المخلة بالآداب العامة، هناك شبكات دعارة منتشرة في وهران مثلما هو الحال الآن في العاصمة لكن في وهران بشكل أكبر لأنه على سبيل المثال الشريط الساحلي لوهران تنتشر على طوله الكباريهات بشكل رهيب، أنا لا أنتقد هذا الأمر ولكني أردت فقط أن أسلط الضوء عليه، ولكني اتهمت بالإساءة لصورة وهران. القضايا الأخلاقية ليست وحدها التي أثارت حفيظة البعض منك لكن جرأتك قادتك لتحريك ملفات فساد بقدر ما زادت في شهرتك إلا أنها أثارت سخط البعض عليك، فما هي أبرز هذه القضايا التي حركتها؟ لو كانت في نيتي الإساءة إلى ولاية وهران كيف أكتب عن الوالي قوادري الذي ينحدر من ولاية الشلف على ما فعله في وهران، كتبت بأن هذا الوالي كان على رأس شبكة لتهريب المخدرات، وهذه القضية فجرها مدير الشؤون الاجتماعية السابق بولاية وهران مباشرة بعد فضيحة الوالي الأسبق بشير فريك، وقيل إن قضية فريك كانت مصطنعة من طرف الوالي قوادري للتغطية على بعض الأمور، وأن لها علاقة بقضية زنجبيل لكنه نفى ذلك، وكتبت تحقيقات عن عدة قضايا سياسية واجتماعية. - ما هي نوعية الضغوط التي مورست عليك في وهران؟ -- هددوني بالقتل، وهددوني بالتصفية، وجاؤوني إلى غاية المكتب. - من هؤلاء؟ -- أشخاص ينسبون أنفسهم إلى العائلة الثورية، وأناس من المجتمع المدني، منتخبون محليون هددوني، وهناك من هددني حتى بالتصفية من قبل شبكات إجرامية، وقد أعلمت المدير حميدة العياشي وقال لي اعمل بشكل عادي ولا تقلق ولا تدع مثل هذه الأمور تؤثر عليك، ولما شاهدت الحساسية الكبيرة لدى الفاعلين المحليين في ولاية وهران من التحقيقات التي أنجزها قللت من حدة وسخونة التحقيقات التي أنجزها، حتى أتحقق من السبب الحقيقي وراء كل هذه التهديدات فلم أر سوى بعض التخمينات، دون أن يعلموا أصلي من أين، وبالنسبة لهم أنا جئت مكلف بمهمة الإساءة لوهران، فلو فرضا كان هناك مخطط للإساءة لولاية وهران فلأي سبب؟ - ولماذا حتى يسيء صحفي لولاية وهران؟ ولماذا جريدة الجزائر نيوز بالذات؟ -- فهذه الاتهامات أؤكد بأن ليس لها أي أساس. وهل عدت إلى العاصمة بسبب هذه الضغوط؟ عدت إلى العاصمة لأن الوالد رحمه الله اضطر للهجرة إلى فرنسا وتوفي هناك رحمه الله، وعائلتي الصغيرة كانت مقيمة في ولاية الشلف وفي ذلك العام نجحت شقيقتي في شهادة البكالوريا، وسجلت في جامعة الجزائر لذلك اضطررت إلى العودة إلى العاصمة حتى تقيم شقيقتي معي لأرعاها وأرافقها في مشوارها الجامعي، وحتى لا أبقى مشتتا بين وهرانوالشلف والعاصمة، وكان حميدة متفهما للأمر رغم أني تركت مكتب وهران بدون محرك حقيقي رغم وجود مراسل أو اثنين للإشراف عليه. - ما هي المهمة التي أوكلت لك في مقر الجريدة بالعاصمة؟ -- لما جئت إلى العاصمة استحدث قسم جديد خاص بالتحقيقات والروبورتاجات لا أقول أنني برزت في هذا المجال ولكني أميل لهذا النوع من التحقيقات. - ما الذي يثيرك في التحقيق أكثر من الأنواع الصحفية الأخرى؟ -- التحقيق هو إنصاف صاحب الحق وهو ما لا تجده في بقية الألوان الأخرى، فالتحقيق بلغة الإعلام وكأنك تقيم العدالة خارج أسوار المحاكم، ومن خلاله تستمع لكل الأطراف وتغوص فيه إلى أبعد نقطة يمكنك الوصول إليها. - لكن التحقيقات الاستقصائية هي أكثر ما يجر الصحافيين في الجزائر إلى المحاكم بدل متابعة المتورطين في قضايا الفساد كما هو متعارف عليه في الولايات المتحدةالأمريكية مثلا، فهل تسبب لك تحقيق من التحقيقات في مشاكل من هذا النوع؟ -- أولا التحقيقات في الجزائر ليست مثل التحقيقات الكبرى التي تحرك العدالة والرأي العام مثل ما هو الحال في أمريكا كقضية ''ووتر غايت''، أما في الجزائر فعادة ما تخص التحقيقات قضايا فساد لكنها مرتبطة بالوضع السياسي، أنجزنا تحقيقات كبيرة لكن السلطات لم تحرك لها ساكنا، وحتى التحقيق في الجوانب التقنية والفنية تغير ولم تبق إسمع طرفا والطرف الآخر بل هي التعمق في الخلفيات السياسية والاستعانة بالوثائق والصور، وقد تعرضت لمضايقات بسبب التحقيقات التي أجريتها منها تحقيق على بنك الجزائر وكانت لدي تسجيلات صوتية وشهادات حية لنسوة تعرضن لتحرش جنسي مرفوقة بشهادات مكتوبة ومراسلات رسمية للإدارة تعلمهن بوضعيتهن، لكن رغم كل ذلك رفع علي بنك الجزائر دعوى قضائية وأدنت بشهرين حبسا غير نافذ وغرامة مالية رغم أني لم أقم سوى بنقل شهادة لنسوة تعرضن لتحرش جنسي. - وهل نقلت شهادة بقية الأطراف من إدارة البنك والأشخاص الذين اتهموا بهذا الأمر؟ -- بطبيعة الحال استمعت للطرف الآخر عن طريق مصلحة الاتصال لبنك الجزائر ونقلت شهادتهم وهذا لم يشفع لي أمام القاضية وكانت إمرأة وهي التي أدانتني، ولاحظت أن المحاكمة أثارت اهتماما كبيرا لدى الحاضرين، حيث دامت المحاكمة ساعة كاملة، وكل الناس من خلال أسئلة القاضية كانوا يظنون أنها ستدين الطرف الآخر، ولكن في النهاية تمت إدانة الجريدة بدل الطرف الآخر. بماذا تفسرون ذلك؟ المشكل موجود في قانون العقوبات، فلما نلغي المادة التي تجرم الصحافيين أظن أن الأمور حينها ستصفى وستتضح، مؤخرا استبشرنا خيرا لما قال رئيس الجمهورية ''أريد أن تكون الصحافة أداة لكشف الفساد'' وطلب ضمنيا مساعدة الإعلاميين له في مكافحة الفساد، ولكن بمرور الوقت وقفنا على أشياء أخرى. - ولكن هل استجاب الصحافيون لنداء الرئيس بوتفليقة لمكافحة الفساد، خاصة وأن الصحافة في كثير من الحالات كانت السلاح القوي الذي يخشاه هؤلاء المتورطون في الفساد؟ -- هناك إشكال في هذه المسألة، ولكن حقيقة تقع بعض المسؤولية على الصحافيين أنفسهم، لأنه ''ما ضاع حق وراءه مطالب''، فحرية الإعلام وحرية التعبير حق ولو طالب به الصحافيون تيقن أنهم سيتمكنون منه، ولكن مادام صف الصحافيين اليوم مشتتا ووضعيتهم المهنية والاجتماعية هشة، أي أن هناك عوامل لا تجعل الصحافيين همهم الأول والأخير تحقيق حرية الإعلام، فإذا كان الصحفي بلا سكن ولا أجر محترم ولا ضمان اجتماعي فمن الطبيعي أن يكون قلمه على رأس أولوياته، لأنه ليس في وضع اجتماعي مريح حتى يساعده على النضال من أجل حرية قلمه، لذلك فالحديث عن قانون الإعلام يجب أن يكون بالتوازي مع تسوية الوضعية الاجتماعية للصحافيين. - كنت المؤسس الفعلي للجنة إسكان الصحافيين، فكيف خضت هذه التجربة؟ -- كنت في جريدة الجزائر نيوز عندما طرحت فكرة إنشاء لجنة لإسكان الصحافيين والتي استحسنها الجميع ولم يكن ينقصها إلا مبادر، فلما التقيت وزير الاتصال الهاشمي جيار قلت له بأن هناك مجموعة من الصحافيين تعتزم تشكيل لجنة خاصة بإسكان الصحافيين ونرغب في تحديد موعد معك، ورحب الوزير بالأمر ولكنه دعانا لضرورة أن ننظم أنفسنا في إطار يمكننا الحديث عبره، فبدأت الاتصال بالصحافيين في هذا الشأن، لكن هناك من سخر مني ولامني لأني طرحت مشكل السكن على الوزير خاصة وأن هناك مبادرات عديدة في هذا الشأن لم تنجح لسبب أو لآخر، ولكني أردت أن أواصل إلى آخر رمق، وفيما بعد لما بدأت تظهر بشائر إمكانية نجاح المشروع أصبح الذين لاموني بالأمس يتصدرون قوائم جرائدهم في مشروع إسكان الصحافيين، ورأيت أنه لا بد أن يكون هناك تنسيق بين وزارة الاتصال ووزارة السكن في هذا الملف فاتصلت بوزير السكن السابق نذير حميميد وكان معي الزميل مصطفى وتحدثنا معه حول مبادرة للجنة إسكان الصحافيين، ثم عقدنا أول جمعية تأسيسية للجنة إسكان الصحافيين في دار الصحافة حضرها حوالي 20 إلى 30 صحفيا. - ولكن أول اجتماع للجنة لم يضم سوى سبعة ممثلي صحف؟ -- هؤلاء كانوا المندوبين، لكن الحضور كان ما بين 20 و30 صحفيا وأسسنا لجنة إسكان الصحافيين التي اعترفت بها وزارة الاتصال ووزارة السكن وأخذت أبعادا كبيرة جدا ولمت شمل الصحافيين، وبينت هذه التجربة أن أكبر مشكل يواجهه الصحافيون هو مشكل السكن، فقامت بعمل جبار ونسقت بين الوزارات، وجمعت ملفات السكن ودرستها ورتبتها رغم أن هذا ليس من اختصاصنا. - لماذا قبلتم تحمل مسؤولية دراسة ملفات السكن، رغم أن الإدارة بكل إمكاناتها كانت متخوفة من الخوض في ملف حساس مع قطاع أكثر حساسية؟ -- نحن لم نتحمل المسؤولية ولكن وزارة الاتصال هي التي حملتنا المسؤولية، ففي أحد اجتماعات اللجنة مع رئيس ديوان الوزير السابق عبد الرشيد بوكرزازة بمقر وزارة الاتصال أكد لنا بأنه لن يتدخل وأنه علينا نحن القيام بجمع الملفات وأن نتحمل كامل المسؤولية فيها وإحصاء زملائنا الذين يحتاجون إلى سكن، ولم يكن أمامنا سوى القبول حتى نضع الكرة في مرمى السلطات المعنية، ورغم تحمل المسؤولية ورغم أن العمل كان جبارا وكبيرا جدا، حيث كنا نجتمع في ساعات متأخرة من الليل، ونقاشات كانت تجمعنا، ومع ذلك تمكنا من إيصال أكثر من 400 ملف لإسكان الصحافيين، وأعلنت وزارة الاتصال أنها تسلمت ملفات السكن وحولتها بمراسلة رسمية وتوصية إلى وزارة السكن، ووزير السكن أعلن بأنه تلقى الملفات وأرسلها بدوره إلى مصالح والي العاصمة، والوزير خلال مختلف زياراته الميدانية قال بأن الوالي أخبره بأنه تسلم ملف إسكان الصحافيين وأنه بصدد دراسة هذه الملفات. وأين وصل الأمر بعد ثلاثة أشهر من تسلم الولاية لأقل من 500 ملف؟ -- نحن الآن بطبيعة الحال ننتظر دراسة الملفات منذ ذلك الوقت، وقد سبق وأن اتصلنا بمصالح الوزير الأول حيث أكدوا لنا أن الوزير الأول أحمد أويحيى يتابع الملف شخصيا، وسنبلغكم بالجديد قريبا، ولكن بعدها جاءت ظروف سياسية (الرئاسيات) انشغلت بها السلطات المحلية وهذا ليس بمبرر، فقلنا أنه ربما انهماك السلطات المعنية بالتحضير الرئاسيات هو الذي أخر هذا الملف. - أجريتم لقاء بشكل أو بآخر مع الوزير الأول ومع وزيري الاتصال والسكن ولكن لحد الآن لم تتمكنوا من إجراء لقاء ولو من باب الاستعلام مع والي العاصمة، لماذا؟ -- نحن طلبنا لقاء مع والي العاصمة، ولكن أنت تعلم الإجراءات البيروقراطية، وشخصيا ذهبت إلى مقر ولاية العاصمة لمقابلة الوالي وطلب مني أن أحرر طلبا في هذا الشأن وفعلت ذلك لكن لم يتم إعطاءنا أي موعد لمقابلة الوالي، وبعدها تم التحضير لإنشاء الاتحادية الوطنية للصحافيين الجزائريين. - لماذا قبل أن تنجح لجنة إسكان الصحافيين في تحقيق هدفها الرئيس تم اختطافها وتحويلها بشكل أو بآخر إلى نقابة؟ -- لم يتم تحويل لجنة إسكان الصحافيين إلى نقابة، كل ما هنالك طرحت فكرة إنشاء نقابة على مستوى دار الصحافة بعدما لاقت لجنة إسكان الصحافيين استحسان الكثير من الزملاء وقد كنت من أول المدافعين عن استقلالية لجنة السكن عن النقابة، لكن وجودي في لجنة السكن لا يمنعني من المشاركة في تأسيس نقابة للصحافيين. - بعد أشهر قليلة من تأسيس الاتحادية الوطنية للصحافيين الجزائريين ماذا حققتم لحد الآن من نتائج؟ -- قمنا بدورات تكوينية وندوات جهوية، وعلى المستوى التنظيمي قمنا بتنصيب 24 مكتبا ولائيا وهذا عمل كبير جدا، قمنا بإطلاق أول جائزة التميز الصحفي وقدمنا أول طبعة للصحفي السويدي دونالد بوستروم، وقمنا بمبادرة إحصاء الصحافيين غير المؤمّنين، ونحن الآن بصدد إحصاء جميع الصحافيين بمن فيهم المراسلون في الولايات، ونعكف على إعادة بعث ملف السكن بطريقة ملحة وهذه هي معركتنا القادمة بإذن الله وسنعمل على افتكاك حقنا في السكن.