ارتبطت حياة الإنسان على الأرض منذ بدء الخليقة بالشجرة من خلال قصة آدم وحواء أم البشر والشجرة منذ القدم حظيت باحترام الشعوب حظوة كبيرة بلغت حد التقديس ذلك لأنها تلازم الإنسان في احتياجاته اليومية طوال الحياة وقد ذكر وصف الشجرة علاقتها بالإنسان في كثير من المدونات القديمة والمؤلفات التراثية والكتب العلمية والبحثية وفي لغة الشعر والأدب وأكثر الأديان السماوية ذكرت قدسية الشجرة وأولها القرآن الكريم. ومن الطريف أنه حتى يومنا هذا مازالت الناس تدق على الخشب طردا للشر وإبعادا للحسد وفي ذلك إشارة بأنّ للشجرة تأثيرات روحية كبيرة عرفها الإنسان في بقاع مختلفة من العالم فالشجرة تلازمه من خلال إنتاجها لأكثر من عشرة آلاف مادة خصصت لاستعمالاته المتنوعة واحتياجاته اليومية المتعددة فبعد أن عاش الإنسان وتعايش مع الشجرة تفيأ بظلها وأكل من ثمارها وتباهى في زهورها وجمالها وتمتع بنسمات منعشة في غاباتها فإنه يتمتع أكثر بأخشابها بعد أن تجف عروق الخضرة وتذبل الأغصان فقد بقي الخشب مصدرا لمنتجات يصعب حصرها ،إنها الشجرة التي وصفها الخالق سبحانه وتعالى بالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. و لها أيضا دورا كبيرا من النواحي البيئية حيث أن قلة عددها في أي منطقة يؤدّي إلى خلل في التوازن البيئي في تلك المنطقة وتجمعها يشكل مناخا مصغرا يؤثر على الوسط المحيط إيجابا. فلا شك أن وسائل النقل وتطورها وأعدادها الكبيرة وخاصة السيارات التي تعمل على الوقود السائل أصبحت تشاركنا التنفس وتنامي الصناعات كلها تؤثر على الحياة البيئية إضافة إلى تناقص الخضرة والأشجار التي تُعتبر عاملاً مهماً في تنقية الهواء فالتدهور البيئي لا يأتي من خلال سبب واحد وإنما هو مجموعة أسباب تتراكم لنحصد الثمن ولكن بكل الظروف الخضرة الدائمة من خلال زرع الأشجار وسبل المحافظة عليها والمحافظة على الأراضي الزراعية هي مساحة الأمان لتنقية الهواء وكلما حافظنا على ذلك كلما ساهمنا في الحد من مظاهر التلوث فالتجارب والدراسات العلمية أثبتت بشكل حاسم أن الشجرة جزء أساسي من النظام البيئي العام تساهم بعطاءاتها منذ غرسها ونموها ,فهي في أبسط وظائفها تقوم بامتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الجو مخففة عن الإنسان خطر الأمراض التنفسية بتحويله إلى كتلة حيوية أقلها الغذاء وبطرح الأوكسجين الذي لو حجب عن الإنسان قليلاً لاختفى من الوجود بسرعة وتنقي الجو من التلوث وتزيد في خصوبة التربة وتزيد مخزون المياه والرطوبة وتوفر الطعام للإنسان والحيوان والطير وسائر الكائنات الحية. إضافة إلى كل هذا فالشجرة تلعب دوراً هاماً في الصحة النفسية والعضوية وتترك لدى الإنسان الشعور بالراحة تنجم عنه خصائص غير منظورة ,لأن أغلب الأشجار تفرز مواد عضوية وزيوتاً طيارة قاتلة للجراثيم المعلقة في الجو والتي تصيب الإنسان. الشجرة كائن حي مبارك وجميل ومعطاء لابد من الحفاظ عليه وإعطائه بعض حقوقه. وكم أتمنى أن أشاهد طفلاً يعتني بالشجرة ويدعو والده لعدم قطع أوراق وأغصان الشجرة للتسلية أو قطع أشجار بستانه لبيعها لتجار البناء كي لا نضطر يوماً إلى زراعة أسطح المنازل اتقاءً لحرارة الجو وارتفاع درجات الحرارة كما يحصل في اليابان فواقع الحال يؤكد ضرورة أن تنعكس أهمية الأشجار كثروة وطنية في مختلف المناهج التعليمية وبأسلوب مقنع ومجد ففي ذلك ربح كبير وغرس لعادات تنمو مع الناشئة ومعاً يداً بيد نغرس الأشجار ونحافظ عليها لتكون رئة نتنفس بها وتدفع عنا خطر التلوث في كل مكان في المنزل والساحات والشوارع. ويكفي أن نتذكر ونفاري ماتي أول امرأة افريقية تفوز بجائزة نوبل للسلام عام 4002 ذلك أنها أسست عام 7791 حركة الحزام الأخضر النسائية التي زرعت أكثر من 03 مليون شجرة متخذة الشجرة شعار للسلام الذي يعتمد على بيئة سليمة نظيفة وعلى حمايتها.