يعد التخطيط الجيد أحد مظاهر الإبداع والتميز من أجل النقلة الحضارية التي نستشرفها ونهفو إليها، وإذا كنا متفقين أن أطفالنا هم المشروع الحيوي الذي نقدمه لأمتنا للخلاص من مأزقها الحضاري، كان لزاماً علينا أن نحسن التخطيط لحياتهم ولأوقاتهم، ومن أهم الأوقات التي تحتاج للإبداع في التخطيط هي فترة العطلة الصيفية، حيث يتسع وقت الأبناء للكثير من الأنشطة والخبرات، وإلا فإن ترك فترة العطلة للنشاط العشوائي هو الطريق السريع لتكوين جيل تافه لا يأبه بمعالي الأمور، ولا بقيم الحياة الرفيعة، جيل تكون ثقافته أفلام الكارتون المصنوعة في بلاد الغرب، وألعاب الفيديو العنيفة التي تمثل التربة الخصبة لتكوين إنسان همجي متبلد الشعور. وليس معنى التخطيط لحياة الطفل في العطلة أننا سنحدد له كيف سيقضي كل دقيقة من يومه، ولكن معناه ببساطة أننا سنضع له الخطوط العريضة لبرنامجه الصيفي بالمشاركة الكاملة منه والاقتناع بقيمة هذه البرامج، فالاقتناع هو بوابة الحب أي التفاعل الإيجابي النشط مع هذه الخطط. وإذا كان لكل أسرة ظروفها وطبيعتها من حيث امتلاك الوقت الذي سيتم قضاؤه مع الأولاد، أو امتلاك مهارات تربوية معينة كالقدرة على ألحكي وجذب انتباه الطفل أثناء ذلك مثلاً، إلا أن القاعدة الأساسية التي تحكم مدى النجاح في استفادة الطفل من العطلة الصيفية تتوقف على مدى عزمنا أن نحقق نقلة نوعية في حياة أبنائنا وما يستتبع ذلك من جهد يدور مجاله الأساسي داخل نفوسنا نحن الراشدين المثقلين بأعباء الحياة وضغوطها، فما لم نحرر أنفسنا ونتخلى عن هزيمة أنفسنا بالقول إننا غير قادرين على التخلي عن العصبية وأنه لا طاقة لنا للتفاعل مع حيوية الصغار، وكثرة ما علينا من أعباء ونحو ذلك من حجج للقعود عن فعل إيجابي مع صغارنا، فلن يكون لهذه الأفكار صدى أو مردود حقيقي لتنمية أطفالنا. ومن البديهي في عقول الأبناء أنه لا معنى للعطلة الصيفية دون لعب وترفيه، ولكن يمكن للعائلة ايجاد فرصة للاستجمام مع أطفالها، في الانطلاق وتعلم مهارات جديدة ومشاهدة طبيعة مختلفة، فهي فرصة رائعة للتعلم كما أنها توطد صلة الطفل برحمه وهي صورة من صور الاحتجاج على مادية هذا العصر المفروضة علينا بقوة العولمة. ويمكن شراء عدد من الألعاب الممتعة والهادفة في الوقت ذاته كالمكعبات والبازل وأدوات الطبيب والمهندس والخباز والبناء والمعلم ليتعرف الطفل على المهن المختلفة بينما يلعب ويلهو. ومن الألعاب المحببة جدا اللعب بالعرائس من خلال مسرح عرائس أو تمثيل وقص الحكايات وما أجمل أن يشترك الآباء والأبناء في صناعة عرائس بسيطة. وما أجمل أن نهيئ للطفل ركناً هادئاً وأوراقاً وأقلاماً وندعه يبدع لنا قصة أو مقالاً أو خاطرة من تأليفه، وسنجد الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة ومرحلة المراهقة لديهم ميول كبيرة للتعبير عن نفسهم من خلال الكتابة. حتى الصغار يستطيعون تأليف قصص بسيطة تحث على الأمانة والصدق ونحو ذلك من الأخلاقيات الجميلة، ويرسمون لها الصور المناسبة ويقومون بتلوينها أيضا. ويبقى المجال مفتوحاً لإبداع الوالدين خاصة الأم من أجل عطلة رائعة للأبناء.