بعد الإفطار مباشرة ينتشر شباب سمر البشرة في شوارع العاصمة يرتدون مآزر بيضاء ويحملون أباريق نحاسية كبيرة الحجم وعتيقة مملوءة بالشاي، وتوضع هذه الأباريق على الجمر للحفاظ على دفء الشاي من غير سخونة شديدة، ويتم بيعه للمارة في كؤوس بلاستيكية غير مسترجعة، ويتفنن هؤلاء الشباب في صب الشاي برفع الإبريق إلى أعلى دون أن تخطئ أي قطرة طريقها إلى الكأس البلاستيكية. جريدة المستقبل التقت بعدد من هؤلاء الشباب الذين أكدوا جميعهم أنهم قدموا من أدرار حيث يضطرون لقطع آلاف الكيلومترات للوصول إلى العاصمة للاسترزاق من بيع الشاي والفول السوداني المملح، وقال محمد شاب في العشرينات من عمره ''لا يوجد عمل في أدرار لذلك نأتي للعاصمة لبيع الشاي'' ويضيف ''نضطر لتأجير بيت صغير في العاصمة وكلما كان عددنا أكبر كلما قلت أعباء الإيجار علينا''. ما استغربناه أنه وبالرغم من أن معظم ولايات الوطن يجيد سكانها إعداد الشاي سواء في البيوت أو في المقاهي إلا أن شاي أدرار اكتسب شهرة فاقت شهرة الشاي حتى في ورقلة وبسكرة وتمنراست. وحول سر هذه الشهرة أوضح لنا محمد وهو شاب من أدرار أن الشاي الذي يستعملونه مختلف عن الشاي المستعمل في المقاهي، موضحا أن شاي أدرار مستورد من دول إفريقية وآسيوية ويأتي من جنوب الصحراء وذو جودة عالية مقارنة بالشاي المستورد من الصين. وأشار إلى أنهم يقتنون المادة الأولية للشاي من تاجر من الجنوب له محلات عديدة حتى في العاصمة. وفي لقاء لنا مع مجموعة من شباب أدرار المقيمين بصفة مؤقتة بالعاصمة في إحدى سهرات رمضان أوضحوا لنا أنهم على عكس الطوارق في تمنراست الذين يفضلون الاستقرار بدل السفر إلى مسافات طويلة ولا يتأقلمون مع جو العاصمة المشبع بالرطوبة، فإن شباب أدرار وبحكم البطالة يأتون بالعشرات إلى العاصمة للعمل في بيع الشاي متحملين كل الصعوبات وأضافوا أنهم لا يمكنهم بيع الشاي في أدرار لسبب بسيط وهو أن كل عائلة تجيد إعداده.