يشهد قطاع الضمان الاجتماعي في الجزائر تحولات كبرى في سياق عصرنة هذا القطاع الاستراتيجي الذي يعتبر مقصدا لعديد المواطنين. واعتبارا لخصوصية المهام المسندة إلى الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وطبيعة النشاطات التي يضطلع بها، يحتل هذا الأخير كمرفق هام، مكانة استراتيجية ودورا فعالا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ومن هذا المنطق، وسعيا من الصندوق المذكور لضمان التحسين المتواصل لنوعية وطبيعة الخدمات التي يقدمها في مجال التأمينات الاجتماعية، سعت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي إلى عصرنة قطاعها، وذلك من خلال استحداث أنظمة عمل حديثة تتمثل في البطاقة الالكترونية التي تسمى ''بطاقة الشفاء''. ولمعرفة جديد هذه البطاقة واستعمالاتها ومزاياها في مجال التأمينات بالنسبة للمرضى وعلاقة الصيادلة والمؤسسات العمومية الاستشفائية والخاصة بهذه البطاقة، تقربنا من الطيب بونجار المدير العام للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء بولاية بومرداس الذي قدم لنا شروحات وافية حول الموضوع. ------------------------------------------------------------------------ آلية رقمية للمعلومات المتوفرة لدى الضمان الاجتماعي ------------------------------------------------------------------------ يُعرف نظام بطاقة الشفاء بكونه نظام عصري يرتكز على آليات تقنية تستعمل فيها تقنيات حديثة، فهي بطاقة مزودة تحتوي على معلومات إدارية وطبية للمؤمن الاجتماعي وذوي حقوقه. هذه المعلومات مخزنة في صفيحة إلكترونية، كما أنها تحتوي على سائر المعلومات الشخصية للمؤمّن كاسمه ولقبه ورقم التأمين، ومن خلال ذلك، يتم التعرف بصفة المؤمن اجتماعيا وكيفية استعمال البطاقة الإلكترونية الشفاء من طرف ممتهني الصحة، وجاء القانون 08-01 المؤرخ في 15 محرم 1429ه الموافق ل 23 جانفي 2008 لتكملة نصوص القانون 38-11 المتعلق بالتأمينات الاجتماعية. ويعتبر هذا القانون الوعاء التشريعي الذي يقرّ تطبيق استعمال بطاقة الشفاء، هذه الأخيرة تهدف في الأساس الى الانتقال من النظام القديم إلى نظام جديد عصري يرتكز على تقنيات حديثة تعتمد في الأساس على المعالجة الآلية للمعلومات المتوفرة لدى الضمان الاجتماعي. أما عن الأهداف العامة والخاصة، فتتمثل في تحسين وتيرة معالجة ملفات التعويض والسهولة والإسراع في عملية التعويض، والتحكم الجيد في المصاريف الصحية إلى جانب إبراز حقوق المؤمن وذوي الحقوق وذويه لا سيما في إطار نظام الدفع من قبل الغير، وذلك لدى العاملين في المجال الصحي من الأطباء الخواص والهيئات العمومية والصيادلة، كما يوضع تحت تصرف ممتهني الصحة ومدونات وقوائم الأداءات وكذلك الكشوفات الطبية والمواد الصيدلانية المعوضة من طرف الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية. ------------------------------------------------------------------------ خمس ولايات نموذجية لتطبيق بطاقة الشفاء: ------------------------------------------------------------------------ جرى البدء في العمل بهذا النظام تدريجيا عبر خمس ولايات نموذجية وهي عنابة، أم البواقي، بومرداس، المدية، تلمسان، ليتم تعميمها لاحقا في 22 مركزا للدفع على مستوى ولاية بومرداس. ولتفعيل آليات العمل الجديدة وتبسيطها للمستفيدين، بادرت وزارة العمل والضمان الاجتماعي منذ انطلاق النظام الجديد إلى التحسيس وشرح كيفية العمل والاستفادة من بطاقة الضمان الاجتماعي، وذلك عن طريق تنظيم ملتقيات وأيام دراسية شارك فيها كل المعنيين بالعملية من أطباء صيادلة وممثلي المؤمنين. ------------------------------------------------------------------------ التعاقد مع الأطباء الخواص لعقلنة المصاريف ------------------------------------------------------------------------ تتضمن العملية تعاقدا مع الأطباء الخواص، وشُرع في العمل بها كذلك مع فئة المتعاقدين وذوي الحقوق بالنسبة للوكالات النموذجية الخمس. ويهدف نظام التعاقد مع الأطباء إلى تمكين الطبيب المعالج العام من المتابعة الصحية للمريض بالتنسيق مع الطبيب الأخصائي والطبيب المستشار للصندوق وتحسين الأداءات والتكفل الأمثل بالمؤمن اجتماعيا من خلال الاستفادة من نظام الدفع من قبل الغير للفحص الطبي المقدم، إلى جانب ترشيد نفقات العلاج من خلال اللجوء إلى الطبيب الأخصائي بما يؤدي إلى تفادي تكرار وصفات العلاج وكذلك اللجوء إلى وصف الأدوية الجنيسة. هذه الإجراءات التي يقوم بها الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية هي بمثابة إصلاح للمنظومة الاجتماعية على درب التكفل الأمثل بالمؤمّن اجتماعيا وذوي الحقوق في كل ما يتعلق بالجانب الصحي، وذلك من خلال الاتفاقيات المبرمة والنهج التعاقدي الذي يتم العمل به على مستوى الصيادلة المتعاقدين والأطباء المعالجين وسائر المصالح الاستشفائية العمومية. وتعتبر هذه المنظومة الاجتماعية مفخرة ومكسبا للمجتمع الجزائري للمحافظة على التوازنات المالية من خلال الأيام التحسيسية المؤسسات الاستشفائية التي دخلت هذا النهج التعاقدي. ------------------------------------------------------------------------ خمسة مستشفيات استشفائية لاستعمال البطاقة ------------------------------------------------------------------------ تطبق العملية حاليا على خمسة مستشفيات عمومية تم تزويدها بالمفاتيح المهنية والبرامج باستعمال البطاقات الإلكترونية الشفاء عند مكاتب الدخول، فبفضلها يتم معرفة هوية المؤمن وذوي الحقوق، إذ نجد مثلا المستشفى العمومي لعين طاية والمؤسسة الاستشفائية بالرويبة والمؤسسة الاستشفائية بالثنية والمصلحة الاستشفائية ببرج منايل ودلس تم تزويدها كلها ببرامج إلكترونية وتقوم بإعداد الفواتير وإرسالها إلى مكاتب الضمان الاجتماعي بطريقة إلكترونية من خلالها يتم إحصاء عدد المرضى يوميا. ------------------------------------------------------------------------ التفاعل الصيدلاني مع البطاقة ------------------------------------------------------------------------ تم اعتماد نظام التعاقد مع الصيادلة في إطار نظام الدفع من قبل الغير تحديدا منذ سنة ,1998 فعلى مستوى ولاية بومرداس هناك 256 صيدليا متعاقدا يستعملون هذه البطاقة بعد أن تم تزويدهم بمفتاح خاص يسمح لهم باستعمال نظام الشفاء. ويتضمن المفتاح كل البيانات التي تمكنه من قراءة المعلومات الواردة في البطاقة ليتعامل مع الزبون على أساسها يمكنه أيضا الكتابة عليها أي إضافة التعديلات، وواضح أن الغرض من استعمال البطاقة هو عصرنة تسيير الدفع، ومن شأنه تقليص الجهد العضلي والمادي، كما تسهل عملية الموظفين في مراكز الدفع حيث تستخدم آليا ويتم دفع التعويضات أوتوماتيكيا. ------------------------------------------------------------------------ من المؤمنين من لا يعرف بطاقة الشفاء ------------------------------------------------------------------------ اختلفت الآراء حول مدى استعمال بطاقة الشفاء من طرف المؤمن، فهناك من تأقلم مع هذه التكنولوجيا بسرعة للضرورة سيما ذوي الأمراض المزمنة، في حين نلمس نوعا من التجاهل لدى البعض الآخر وعدم درايتهم بهذه البطاقة، وهو ما أكدته هذه العينة من المستجوبين.